يكتب عمرو زين القصة وعينه علي الواقع، ذلك الواقع الذي يمشي عنده فضاء كتابته، ويجسد رؤيته، فالواقع هو مادته التي يكتب بها قصصه. انشغالات الكاتب واهتماماته هي ما يجري عبر هذا الواقع، وتصوير وقائعه ومن ثم طرح الأسئلة عن ما يجري به من صراعات. عالم من القصص الطويلة والقصص القصيرة جدا مهمومة علي نحو من الانجاز بإبراز تلك التحولات التي نعيشها، والتي يحاول القاص إعادة اكتشافها والتركيز علي جوهر هموم هذا الواقع الانسانية. قصص عن الصيادين وعن الرحيل وعن المواجهة المفترضة بين قرية غائبة ومدينة متوحشة، وقصص تمتلك شجاعتها في مواجهة أدعياء الدين، فقراء الخيال، وقصص ذات أفق فلسفي تحاول مجابهة المسكوت عنه والمحرم بنقده أو بالسخرية منه. ثمة تعميق للمواجهة بين القرية والمدينة ويوغل عمرو في نصوصه لابراز العلاقة بين هؤلاء الواقعين تحت سيطرة باعة الاوهام والكذابين من محترفي السياسة ومحترفي الدين. كما تتصف هذه الكتابة بسرد لغوي يقوم علي المفاجأة، وعلي استخدام اللحظة المكثفة التي تنبني علي المفارقة مثل قصة :لايف" وقصة "مرآة نفسه" و "أنا البحر والغواص أنا". تزحم المجموعة بالقصص القصيرة جدا، أو قصص الومضة وهي حالة تقترب من الشعر وتكون في أحيان كثيرة قادرة علي ابراز الحالة القصصية فتظل قائمة بين القصيدة وسر الحدث. قصص عمرو الطويلة أكثر نماذجه تأثيرا فيها يتحقق البناء القصصي، والحوار باللغة العامية تصدقه، تتجسد بعالم من السخرية، ذلك العالم الذي يعيش مأساته. نماذج تعطي لنفسها مهلة، تنضج فيها علي مهل لتنتهي المواقف، ويتجسد الصراع، ونموذج هذه القصص قصة "ترحيلات" عن الجنود والسفر والتقاط الرزق ثم الاضطهاد والموت. علي أية حال كان في وعي القاص همه الأساسي في اختراق المسكوت عنه من الجنس والدين والسياسة بفيض من السخرية، وبقدرة علي النقد وأنا أزعم أنه حاول باخلاص فكانت مجموعته مهمومة بالانسان وأحواله.