عندما تولي د. جابر عصفور وزارة الثقافة، كان من أوائل قراراته تنظيم النشر في مختلف قطاعات الوزارة، وبناء علي هذه الرؤية بادر إلي تشكيل لجنة برئاسة د. محمد عفيفي أمين عام المجلس الأعلي للثقافة آنذاك، كانت مهمتها التنسيق بين القطاعات المختلفة، اجتمعت هذه اللجنة مرتين في فترة د.جابر، واتخذت العديد من القرارات، معظمها لم ينفذ !!، وعندما جاء د.عبد الواحد النبوي وزيرا للثقافة أعاد تشكيل هذه اللجنة برئاسة د.أبو الفضل بدران أمين عام المجلس الأعلي للثقافة حينها واجتمعت مرة واحدة، ولم ينفذ أي قرار- أيضا- نفس الأمر تكرر مع الكاتب الصحفي حلمي النمنم، عندما تولي وزارة الثقافة، فقد أعاد تشكيل اللجنة للمرة الثالثة ولم تجتمع ربما بسبب أمرين: الأول تغيير بعض القيادات، والثاني هو البحث عن صيغة قانونية لتكون قرارات هذه اللجنة ملزمة، خصوصاً أن رؤساء القطاعات المهتمين بالنشر ممثلون. هذا علي مستوي قرارات الوزراء فيما يخص ضبط أداء النشر في الوزارة، المحصلة النهائية لا جديد، علي مستوي الهيئات نفسها، لاسيما هيئة الكتاب، وهيئة قصور الثقافة، التي شهدت تضخما سواء في عدد الاصدارات والسلاسل، أو في الميزانية المخصصة للنشر التي تقترب من 10 ملايين جنيه، هذه الهيئة ورد إليها تقرير من الرقابة الإدارية يبين بعض السلبيات المتعلقة بطريقة إدارة مشروع النشر، وهنا قام د. سيد خطاب رئيس هيئة قصور الثقافة آنذاك بتشكيل لجنة للنظر في أمر المشروع، وكان من حق اللجنة ليس فقط إغلاق أو دمج سلاسل، بل الاقتراح بسلاسل جديدة تماشياً مع أن اللجنة تضع فلسفة كاملة لهذا المشروع وكنت أنا وزميلي جرجس شكري الوحيدين الأعضاء في هذه اللجنة من خارج الهيئة، وضم التشكيل عددا من الزملاء المبدعين، من أصحاب وجهات النظر، اعتمادا علي ممارستهم الفعلية بحكم توليهم مناصب في الهيئات التحريرية للسلاسل، واستغرق العمل أكثر من ثلاثة أشهر. ما وصلت إليه اللجنة من قرارات ربما لم يعجب المسئولين في الهيئة، وكان نتيجة إحساسي المشترك مع الزميل جرجس شكري أنه لا رغبة حقيقية في الاصلاح، فقررنا الانسحاب من اللجنة- التي أدينا العمل فيها متطوعين- وأخطرنا رئاسة الهيئة في ذلك الوقت بورقة مكتوبة وموقعة، وكانت نتيجة ذلك أن قرارات اللجنة ضرب بها عرض الحائط، لأننا في كل جلسة كنا ننتهي من التصويت علي عدد من القرارات فنسجله رسميا، وذهبت اللجنة بمحاضرها وقراراتها في طي النسيان. أما هيئة الكتاب فشكلت هي الأخري لجنة من 20 شخصية بقرار من وزير الثقافة ويرأس أعمالها د. هيثم الحاج علي رئيس هيئة الكتاب، وكان ذلك قبل المعرض بأكثر من شهر، وأعتقد أنها ستواصل أعمالها بعد انتهاء فعاليات المعرض. والسؤال: ما الذي دفعني إلي سرد هذه اللجان الآن؟ ببساطة شديدة ، من يتأمل معظم العناوين المطروحة من قبل وزارة الثقافة يشعر أن الملايين المخصصة للنشر في معظمها ملايين مهدورة، وأن هناك دور نشر أقل امكانيات جذبت عناوينها الرواد، ولعل المشهد الذي يؤكد صحة ما أقوله، أن من رتب جناح هيئة الكتاب في المعرض، وضع في الصدارة كتاب القاهرة للدكتور أيمن فؤاد سيد، وهو ذات الكتاب الذي تصدر نفس الجناح العام الماضي، أي أن المسئولين في الهيئة لم يجدوا كتابا جديدا ليتصدر المشهد. الأمر بوضوح يتطلب تدخلا واضحا من وزير الثقافة بوضع خطوط عريضة لفلسفة النشر في الوزارة، وأن تفعل قرارات اللجان ولا تكون حبرا علي ورق، لأنك في النهاية ستكون أمام إهدار مال عام واضح، يتحمل مسئوليته الجميع، هنا أود أن أذكر الكاتب الصحفي حلمي النمنم، حين كان عضوا في اللجنة التي شكلها د. جابر عصفور، بصفته رئيسا لمجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، كان رئيس الهيئة الوحيد الذي قال إن لدي سلسلة كذا وكذا لا تحقق المطلوب وأصدرت قرارا بوقفها، وإن هناك سلسلة تشبه سلسلة أخري في مضمونها، فتم دمجهما، لذا أقترح عليك أن تدعو اللجنة الخاصة بهيئة قصور الثقافة وأن تطلع علي محاضر المناقشات والقرارات، وأن تتضامن معهم بصفتك مثقفا وحريصا علي المال العام. يبدو أننا سنلجأ إليك كثيرا في الفترة القادمة لكي نحملك مسئولية ما يحدث في العديد من هيئات الوزارة التي - من وجهة نظري - مازالت شاغرة ولا يوجد من يرأسها!!.