حسناء الجريسى هناك فوضى فى مجالات النشر بوزارة الثقافة نعم، بحيث أصبحت كل قطاعات الوزارة تكرس اهتمامها فى هذا المجال، برغم وجود الهيئة المصرية العامة للكتاب، باعتبارها الناشر الرسمى والأكبر فى وزارة الثقافة، وبدلا من أن يقيم الوزير إصدارات الهيئة لتلافى الأخطاء الفاحشة التى تقع فيها، جاءت تصريحاته على نحو يفهم منه أنه يسعى لتقليص النشر فى قطاعات الوزارة، وقد وقع اختياره على الهيئة العامة لقصور الثقافة، التى تتيح كتابها لجمهور القراء بسعر زهيد جدا، مما أثار حفيظة قطاع عريض من المثقفين، أن تكون هناك مشكلة فى النشر بالهيئة، وبالتالى يستدعى الأمر علاج مواطن الخلل، هذا أفضل من أن يتم الإجهاز على المريض بقتله، بدلا من علاجه فعندما أصدر د. جابر عصفور بياناً يوضح فيه ما أثير على لسانه جاء كلامه عن النشر بعيداً عن المشكلة موضع الجدل. يرى الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى، أنه لابد من أن تقتصر عملية النشر العام الموجه لكل المصريين على الهيئة العامة للكتاب، خاصة أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تخدم على الثقافة فى الأقاليم،لكن لامانع من أن تقوم هيئة قصور الثقافة بالنشر لشباب المبدعين من أبناء الأقاليم شرط أن يعمل كل قطاع فى تخصصه، وعلى الوزير أن يراعى النشاط المخصص لكل قطاع، بحيث يعمل كل واحد فى إطار مهمته الأساسية ..بينما يستنكر د. صلاح الراوى - أستاذ الأدب الشعبى بأكاديمية الفنون - قرار وزير الثقافة، مؤكدا أن هذا الأمر يحتاج إلى مواجهة لكل صور المعالجات الفوضوية والتراكمات الفاضحة فى هذه المؤسسة خطيرة الشأن دون الاقتصار على تجزئة المشكلات، ويلفت الراوى النظر إلى أن إلغاء النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة موضوع خطير وجدير بالمواجهة، ويأسف قائلا: لكنه ريشة واحدة فى مروحة كبيرة تآكلت بفعل الانتهازية والرؤى الفردية والمصالح الصغيرة، وليس بالقوافل الثقافية وحدها تنهض الثقافة الجماهيرية. بدوره أصدر الشاعر مسعود شومان - رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة - بيانا يؤكد فيه أن مشروع النشر بالهيئة أحد المشروعات الثقافية المهمة فى مصر، وأن أثره الثقافى معلوم للمثقفين والأدباء منذ عقود، وأن المشروع مستمر فى عمله دون توقف أو مساس به أو بأبرز إنجازاته من الدوريات أو السلاسل. وأشار رئيس الهيئة إلى أنه تواصل مع د. جابر عصفور، والذى أكد له أن المشروع مستمر وأنه سيقوم بدعمه ودراسة سبل تطويره من خلال اللجنة العليا للنشربالوزارة، موضحا أن «مراجعة المشروع لا تعنى أننا سنقلصه أو ننتقص من جوهره، بل إننا سنعمل على صياغته بما يحقق دوره الثقافى وخدماته الجادة لأدباء الأقاليم، وأن التطوير والدراسة سوف يمتدان ليشملا تطوير النشر الإقليمى». وأكد أن وزارة الثقافة تساند النشر فى قصور الثقافة منذ إنشائه، لأن أحد أهدافه دعم الثقافة التنويرية، والدفاع عن الدولة المدنية، وأنه يؤمن بأن نشر الكتاب وإتاحته حق أصيل لكل مصرى، وبخاصة للأدباء والكتاب والنقاد والمفكرين، وهو ما يقدمه النشر فى قصور الثقافة بالفعل منذ إنشائه قبل ثلاثين عاما . بينما يرى الشاعر عبد المنعم رمضان، أن الهدف من إنشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة ليس صناعة الكتاب، إنما نقل الثقافة إلى كل أرجاء مصر، ودورها فى المرحلة المقبلة هو محو الأمية التى تعنى فى طياتها صناعة القراءة..ويعتقد رمضان أن هذا هو دورها الحقيقى، فعليها أن تكرس جميع أنشطتها لممارسة هذا الدور، وليس طباعة كتب لأمة لا تقرأ، مشيرا إلى أن نشر الكتب بقصور الثقافة مهمة للمسئولين، فهى تساعدهم على لمعان أسمائهم واستمرار حضورهم، خصوصا أن أنشطتهم لم يلتفت لها أحد، فهى تتنافس مع الهيئة العامة للكتاب لتسلط عليها الأضواء، فالعمل فى الريف لن يعود عليها بنفع، بينما طباعة الكتب ستعود عليهم بطابع مادى..ويلفت رمضان النظر إلى أن سلسلة الذخائر التى تصنع قارئا جيدا لا تباع فى السوق، لكن يشتريها باعة الكتب كاملة من المخازن، فمثلا ديوان المتنبى سعره 5 جنيهات، لكن باعة الكتب يحتفظون به فى المخازن بالاتفاق مع بعض العاملين بالهيئة لبيعه ثانية ب 20 جنيها، إنها كارثة حقيقية تستوجب إعادة النظر. ويؤكد الشاعر محمد كشيك أن إلغاء النشر فى هيئة العامة لقصور الثقافة، مقولة خاطئة، بل شديدة الخطأ، حيث حاول أكثر من رئيس هيئة إلغاءه وفشل فشلا ذريعا، وتألق النشر، بينما ذهب من نادى بذلك إلى غير رجعة، لأن النشر بهيئة قصور الثقافة اكتسب شرعيته، بحضوره القوى، فى كل المناسبات. ويضيف كشيك: لقد أثبت النشر دائما أنه فوق الأساتذة، الذين حاولوا تقليص دوره إلى وسيلة للارتزاق، وليس وسيلة للعلم والتعلم ونشر الموهبة فى جميع أقاليم مصر، لافتا النظر إلى أن د. جابر عصفور جاء إلى وزارة الثقافة، ولم تكن لديه خلفية كاملة بما يحدث ولم يدرك أبسط بديهيات النشر، هو نفسه كان يعطينا مقالاته لنشرها فى مجلة الثقافة الجديدة. يقول كشيك: "يا دكتور جابر استرح" انتهى وقت العمل العام بالنسبة لك، عبدالناصر سلامة قدم استقالته، وهو شاب ليس لضعف منه وإنما لأنه يقدر الأمور جيدا،"ارحموا هيئة قصور الثقافة "، فهى التى غربلت أرض مصر وأخرجت منها الأبنودى وأمل دنقل ومحمد عبد الحليم عبد الله..ويحذر كشيك: لن يستطيع وزير الثقافة المساس بالنشر فى هيئة قصور الثقافة، فكل حججه واهية، عليه أن يفكر فى بدائل بأن يدعم النشر لا أن يلغيه، فهو يصدر قرارات بغرض إحداث انفجار ثقافى. ويقول الناقد على أبو شادى إن مشروع النشر تعرض لهذه الأزمة منذ 15 عاما، لكن العاملين بالهيئة نجحوا فى التصدى لهذه الهجمة الشرسة، وذلك نظرا لأن الهيئة تقدم خدمة ثقافية شاملة فهى وزارة ثقافة مصغرة، ويرى أن السلاسل ومجلات الأطفال تحتاج إلى إعادة نظر..ويشير: بدلا من أن يفكر الوزير فى إلغاء النشر عليه أن يفكر فى ترشيد السلاسل، لكن أن يتوقف مشروع النشر، فهذا بمثابة اغتيال حقيقى لهذا المشروع، الذى ظل 23 عاما يصدر كما هائلا من المطبوعات، على الوزير أن يعالج موضوع التوزيع، بحيث يوفر مصادر لبيع هذا الكم من الكتب التى تملأ المخازن. ومن ناحيته يعترض الشاعر والروائى صبحى موسى، على ما طرحه الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة، متسائلا: هل يعلم الوزير أن هيئة الكتاب دخلت مناقصة وفازت بطباعة مجلات الهيئة العامة لقصور الثقافة، وما من مجلة صدرت فى موعدها، ولا بمقاساتها أو حتى درجة ألوانها، هل يعلم أن كتب هيئة الكتاب هى الأقل جودة، فلا غلاف ولا ألوان ولا انضباط فى مواعيد ولا أى شيء، هل يعلم أن هيئة الكتاب لا تعرف الدور المنوط بها أساسًا وهو تحسين وتطوير مستوى جودة الكتاب فى مصر؟ وأضاف «موسى» أن الحديث عن قصر النشر فى قصور الثقافة على كتاب الأقاليم، هو «كلام قائم على عدم معرفة بطبيعة ودور النشر فى قصور الثقافة، لأن دور النشر فى قصور الثقافة ليس النشر لكتاب الأقاليم، فالنشر الإقليمى مقتلة للمواهب وليس مساعدة على إبرازه». وأكد أن دور النشر فى قصور الثقافة هى إقامة عملية تنويرية وتثقيفية للمواطن البسيط، وتوفير الكتب المهمة سياسيًا وثقافيًا له بأسعار مدعومة، ومحاولة تجنيد القارئ العام للعملية التنويرية فى مواجهة الجماعات الظلامية، وهو الدور الذى لا تقوم عليه هيئة الكتاب لأنها جهة هادفة للربح. ويلفت النظر إلى أنها لم تستطع فى معرض الكتاب هذا العام طباعة برنامج الندوات، كما أن مجلات وسلاسل الهيئة العامة للكتاب ليست منضبطة ولا تصدر فى مواعيدها، ويشير موسى إلى أن "الوزير يرغب فى حرمان المواطن من 37 قرشا يحصل عليها بكتاب من هيئة قصور الثقافة، فهيئة الكتاب تقوم بإعداد لائحة للنشر على غرار لائحة النشر بقصور الثقافة. ويتساءل: لماذا ينشر المجلس الأعلى للثقافة إذن وليست لديه لائحة للنشر؟ ويوجه رسالة لوزير الثقافة قائلا: إذا كان هناك خلل فى التوزيع لابد من تقويمه بدلا من القضاء عليه؟.ويعلن الناقد أحمد عبد الرازق أبو العلا، صراحة أنه ضد قرار الوزير، ويقول كان الأولى به أن يضع ضوابط للنشر، خصوصا أن النشر بالهيئة له طبيعة خاصة تختلف عن أى جهة أخرى، فطباعة الكتاب بها تقوم على درجة عالية من الجودة، لافتا النظر إلى أنه الأجدر مناقشة السلاسل الأدبية التى يدور حولها جدل كبير، فالهيئة تطبع 1000نسخة من السهل توزيعها، ويلقى باللوم على الوزارة فى مسئولية إهمال التوزيع، فاروق حسنى كان ضد مشروع النشر بالهيئة، لكنه عندما كان يتورط فى الرد على البعض فى أن الوزارة لا تطبع كتبا، كان يقول "لدينا مشروع النشر فى الهيئة العامة لقصور الثقافة" أى أنه كان يستخدمه عندما كان يريد أن يستخدمه للخروج من المأزق".