«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأديب الذي خطفته السياسة
نشر في أخبار الأدب يوم 23 - 01 - 2016

في بداية عقد الخمسينيات من القرن الماضي، وقبيل ثورة 23 يوليو، كانت الحياة الثقافية والسياسية والأدبية ذات حضور واضح ومؤثر بدرجة كبيرة، والمجلات والصحف والنشرات السرّية علي أشدها، واليسار المصري أحد اللاعبين بجدارة وفاعلية في ذلك المناخ، وكان مكتب الأدباء والفنانين في الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني "تنظيم حدتو" يعمل بقوة لقيادة الحياة السياسية والثقافية والأدبية في معظم المجلات والصحف والمنتديات المؤثرة، وأصدر عبد الرحمن الشرقاوي قصيدته الثورية "رسالة من أب مصري إلي الرئيس الأمريكي ترومان"، وألهب بها حماس الناس، واستطاع أن يتجاوز بها كل حواجز النخبة، لتصبح القصيدة شائعة ومعروفة ومقروءة.
كذلك أصدر الشاعر كمال عبد الحليم ديوانه الأول "إصرار" عن دار الفن الحديث، وكتب محرر الدار مقدمة حماسية ليدشّن بها نوعا جديدا من الكتابة، فيقول :"الكتاب والمفكرون والشعراء هم الطليعة، ومكانهم دائما في المقدمة ورسالتهم لا يمكن أن تنفصل عن الشعب الذي خرجوا من أعماقه، فالكاتب أو المفكر أو الفنان أول من يحسّ بما تعانيه الملايين وماتأمله وما تكافح وتضحي من أجله، والتخلي عن رسالة التعبير عن الشعب وآلامه وآماله معناه الصريح الخيانة ...الخيانة الواضحة للشعب وللفن وللفكر وللعدالة وللحرية ولكل القيم الانسانية التي هي أساس حياتنا".
لم تكن تلك الكلمات التي جاءت في مقدمة ديوان "إصرار"، إلا التعبير الأمثل عن ذلك الشباب الثائر، والذي ظهر بقوة في الساحة السياسية والفنية والأدبية والثقافية، وكان كل من هؤلاء الشباب يقدم إبداعاته المختلفة في كل المجالات، وكانت الصحف والمجلات تنشر ليوسف ادريس وعبد الرحمن الخميسي وصلاح جاهين وصلاح حافظ وفتحي خليل وحسن فؤاد ومحمد يسري أحمد ومحمود توفيق وزكي مراد ومحمد خليل قاسم ونعمان عاشور وأحمد رشدي صالح وغيرهم.
كان من بين هؤلاء المثقف الشاب لطفي الخولي، الذي تخرّج من كلية الحقوق، وأصغرهم سنّا، فهو من مواليد 1929،وكان آنذاك في الجادية والعشرين من عمره، ولكنه كان منخرطا بشكل واضح في الحركة السياسية، و مرتبطا بالحركة اليسارية والشعبية علي السواء، وبدأ يكتب مقالاته الأولي في صحيفة "الكاتب"، والتي كانت لسان حال اليسار في ذلك الوقت، وكان رئيس تحريرها وصاحب امتيازها الكاتب والفنان والمثقف يوسف حلمي،و يديرها معه الشاب المثقف سعد كامل، وكانت الصحيفة تتصدي لكل أشكال الفساد والخيانة والانحرافات التي كانت سائدة في ذلك الوقت.
وكان لطفي الخولي في ذلك العمر المبكر من مسيرته، يكتب عمودا ثابتا في الصحيفة تحت عنوان "من الشارع"، ينقل فيه نبض الناس والجماهير، ويعبّر عن الغضب العارم الذي يشعر به الجميع في ذلك الوقت، و يكشف عن بعض أحداث الكواليس التي تخفي علي الجميع، ففي 19 مايو 1951 كتب عن الأزمة التي حدثت في جامعة فؤاد، والتي تسبّبت في حرمان الطلّاب من دخول الامتحانات، إذ كتب الخولي قائلا :"حدث في الوقت الذي استهلك فيه أكثر من نصف مليون جنيه في حفلات وأنوار وزينات، أن حاولت جامعة فؤاد منع مئات الطلاب الذين أمضوا شهورا مضنية فاضت عرقا وتعبا ودرسا وتحصيلا من دخول امتحانات آخر العام ...لماذا؟.. لأنهم عجزوا عن أن يؤدوا ثمن العلم ..وثار الطلاب وتمسكوا بحقهم في أن ينالوا قسطا من العلم، ولم يستطع طه حسين باشا وزير المعارف إلا أن يقف بجانبهم، فنشبت أزمة بينه وبين مدير الجامعة الدكتور كامل مرسي باشا الذي صمم علي أن يتقاضي الثمن فجرفه تيار الشعب خارج الجامعة".
وجدير بالذكر أن معركة طه حسين، والتي اتخذت عنوان "التعليم كالماء والهواء" كانت علي أشدها، وكان الخولي بالطبع ينتصر للطلاب الفقراء الذين لا يقدرون علي تأدية المطلوب منهم علي مستوي المصروفات الباهظة، وفي هذاالمقال يكشف الخولي عن تعنت الرأسمالية المقيتة والمستغلة،ومحاولات تعطيلها لأبناء الفقراء لينالوا حقوقهم في التعليم، وكان يتم ذلك تحت شعارات باطلة، وذرائع زائفة، وفي هذا المقال كشف الخولي عن انحيازه الواضح إلي الطبقات الكادحة من الشعب المصري، كذلك وضحت في المقال موهبته الأدبية، وقدرته علي صياغة جملة سردية واضحة، وبدأت مقالاته تتخذ هذين المنحيين البارزين، حيث كان النواة الأولي لكاتب وفنان وأديب ومسرحي مرموق،والذي يتابع مقالاته في مجلة "الكاتب" سيدرك ذلك بوضوح.
"مرحلة روز اليوسف"
كانت صحيفة "الكاتب" صحيفة يسارية واضحة الهوي والاتجاه والمقصد، وكان طابعها الأيديولوجي كذلك بارزا جدا، وكان غالبية كتابها منتمين إلي تنظيمات يسارية، وهذا كان يعمل إلي حد ما علي حصر دوائر القرّاء في نطاقات محدودة، رغم الانتشار الواسع لصحف ومجلات اليسار في ذلك الوقت، ولكن لطفي الخولي ورفاقه، كانوا طامحين لتبرز كتاباته في منبر أوسع انتشارا، وأقل وضوحا من الناحيةالأيديولوجية، وكانت المجلة الأقرب إلي اليسار في ذلك الوقت، هي مجلة "روز اليوسف"، تلك المجلة العريقة التي كانت تعمل بحماس بالغ ضد الفساد والاستغلال والانحراف الوطني، لذلك انتقلت الأسماء الشابة المرموقة إلي رحاب روز اليوسف، وكان ألمعهم في ذلك الوقت الشاب الموهوب صلاح حافظ، والذي كان يكتب بابا لافتا هو باب "انتصار الحياة"، ثم لحق بصلاح حافظ، صديقه ورفيقه لطفي الخولي، ليكتب بابا أسبوعيا عنوانه "تعلّم حقوقك"، وكان مقاله الأول في العدد الصادر في يونيو 1952، وقدمه بكلمة موجزة، وهي بمثابة الخطة التي سيتبعها الخولي في تلك المقالات، تقول الكلمة :"من حق كل مواطن اليوم بل ومن واجبه أيضا أن يقف بوعي علي القواعد السياسية والقانونية التي تهيمن علي المجتمع الذي يعيش فيه ...وهنا في هذا الباب ننزل بالقانون من برجه العاجي إلي الشارع بعيدا عن المصطلحات الفقهية المعقدة، مؤمنين بأن القانون الصالح هو الذي لا يرهب المجتمع بل يكون موضع احترامه وثقته..."، وكان مقاله الأول في ذلك الباب، عنوانه "هذا هو الدستور"، وبلغته البسيطة ومعرفته الواسعة واليافعة وكذلك الطازجة، راح لطفي الخولي يشرح ويقدّم دفاعه الأول في معركة الدستور، وتوالت مقالاته التي اتخذت أشكالا ووجوها كثيرة، ولكنها تلتزم بالأبعاد القانونية التي يريد إيضاحها، وبدأت تتضح موهبته الأدبية في تلك المقالات، بل أجزم بأن تلك الموهبة راحت تنمو في إطار هذا الباب، ففي مقال له تحت عنوان "تشرشل في مصر"، يبدأه بداية قصصية لافتة، إذ يقول :"جاءني طبيب صديق ثائر ينتفض غضبا، فلما استوضحته الأمر دفع إليّ بورقة توجت بخاتم الدولة، وقد تآكلت جوانبه كالعادة، عرفت فيها إعلان حكم صدر ضده من محكمة بلدية القاهرة بتغريمه مائة قرش لقيامه بسد نافذة في عيادته كانت تطل علي أحد الشوارع وفتح أخري جديدة تطل علي شارع آخر، دون أن يستصدر بذلك رخصة رسمية، من مصلحة التنظيم كما شمل الحكم ضرورة إعادة الحال فورا إلي ماكانت عليه .."، ومن الواضح أن سردا جميلا لا تخطئه العين الناقدة والفاحصة، ثم يدور خلال المقال حوار بين الكاتب وصديقه، هو حوار قصصي بامتياز، لذلك كانت تلك المقالات هي الحاضنة الأولي للموهبة الأدبية البارزة، وهذا لا يعني أن المقالات كانت أدبا في أدب، ولكنها مزيج من الأدب والثقافة والقانون والمتعة، وبدأ ينحو نحو عناوين ليست بعيدة عن الأدب والثقافة، عندما كان يكتب "حق القراءة، ثم حق المعرفة، ثم حق الثقافة "، وهكذا، ثم استكتبه إحسان عبد القدوس في باب آخر هو باب "أدب"، وكان يتناوب علي هذا الباب بعض الأدباء الشباب مثل ألفريد فرج ومصطفي محمود وصلاح حافظ ونعمان عاشور وغيرهم.
"رجال وحديد"
تنوعت وتوسعت موضوعات وأنواع الكتابة التاريخية والقصصية، فبدأ ينشر بعضا من القصص، وبعضا من المقالات التاريخية، ففي 29 مارس 1954كتب مقالا طويلا عنوانه "ثورتنا بدأت سنة 1795 ..القاهرة وباريس تثوران في وقت واحد"، وكان هذا المقال ينحو فيه نحو إيضاح أن الثورة المصرية لها جذور عميقة ومديدة في الزمن، وكان ذلك التاريخ الذي كتب فيه المقال من أشد الأوقات حرجا، إذ كانت ما أطلق عليها "أزمة مارس 1954" محتدمة تماما، وكان المجتمع كله علي قدم وساق، يترقب الأحداث بلهفة وقلق، وفي صدر هذا المقال كتب لطفي الخولي قائلا :"ماذا يريد الشعب؟..نستطيع أن نقول في تعبير بسيط ..الشعب يريد مجتمعا انسانيا يحكمه دستور ديمقراطي ..وليست هذه أول مرة ينبغي للشعب فيها أن يحقق هذا الهدف الذي يتعرض له اليوم بعض الكتّاب فيصورونه وكأنه منحة من الحكّام.."، ويكرر لطفي الخولي تلك الجملة الأخيرة مرة أخري، ليذهب مكتشفا جذور إرادة الشعب لبناء حياة ديمقراطية صحيحة وعادلة، وفي أسلوب ممتع، يسترسل في رصد بعض الهبّات التي قام بها الشعب المصري لتحقيق ذلك الهدف الغالي.
وكان تنوع كتابات الخولي مدهشا، إذ من بين مقالاته الممتعة، كتب مقالا طويلا تحت عنوان "الانجليز والمرأة الشرقية ..في القرن التاسع عشر!"، وفي ذلك المقال لفت النظر إلي أحد الأعلام الكبار، وهو أحمد فارس الشدياق المفكر العربي المرموق في القرن التاسع عشر، وعقد مقارنة طريفة وممتعة بينه وبين تشارلز ديكنز، وفي هذا المقال برزت ثقافة الخولي الأدبية بوضوح، وكذلك توسعه في المعرفة التاريخية الأدبية، وتحليله النقدي والفكري لهاتين الشخصيتين، وأعتقد أن مقالات الخولي هذه، لو تم جمعها ونشرها، ستكون مفيدة إلي حد كبير، مثلما كان كتاب "أيام لها تاريخ " لأحمد بهاء الدين.
كانت تلك الفترة من الزمان، تضج بالاتجاه الواقعي في الأدب، وكان يوسف ادريس قد أصدر مجموعته الأولي "أرخص ليالي"، ولفت النظر إليه بقوة، وتوقف عنده النقاد عميقا وطويلا، دون الانتباه لأي أحد آخر، وكانت المكانة التي شغلها يوسف ادريس علي المستوي الأدبي والثقافي والسياسي، قد رسخّت من فرادته، فكان كل مايصدر عن آخرين، لا يلفت النظر إليه إلا نادرا، وهنا ظهرت المجموعة القصصية الأولي للطفي الخولي في أواخر عام 1955، وصدرت عن دار النديم، وكانت مجلة روز اليوسف تنشر تباعا عن اقتراب صدور المجموعة، وعندما صدرت في أول ديسمبر عام 1955، لم يستطع إحسان عبد القدوس أن يتذوقها كما يتذوقها آخرون، رغم إطرائه الواضح لها، بل فرض نوعا من النقد لها علي قرائه، فكتب في 19 ديسمبر 1955 ناقدا لها، فقال :"قرأت مجموعة قصص رجال وحديد للزميل لطفي الخولي ..وهي قصص وقعت كلها في السجن ..وهي علي روعتها ينقصها شئ ..لا أدري ماهو ..ولكنك تحس وأنت تقرأ أنك بعيد عن الجو الذي يريد المؤلف أن ينقلك إليه، أو أنه أي المؤلفيفترض أنك كنت معه في السجن فلا يكلّف نفسه مئونة رسم كل الخطوط التي تبرز الصور التي يعرضها عليك ..إن كثيرا من الخطوط ناقصة ..كما أن التحليل النفسي للمساجين ينقصه الصدق ..ويخيل إليك أن المؤلف يفتعل شخصيات ليؤكد بها رأيا في ذهنه ويضحي من في سبيل ذلك بالواقع الصادق .. المفروض أنها قصص تدور في السجن ..ولكنك عندما تقرأ تعيش مع الأبطال في ذكرياتهم قبل أن يدخلوا السجن، أكثر مما تحس بهم وهم داخل السجن!!".
كانت هذه أول كتابة عن "رجال وحديد"، ومن الواضح أن إحسان عبد القدوس قرأ المجموعة القصصية بطريقته الخاصة، وانتظر أن تتحقق فيها رغبات خاصة، وهناك مقولة تقول ب"أن الذي يحدث في السجن هو أنك مسجون "، أي أن الأحداث الكبري التي ينتظرها عبد القدوس، لن تحملها القصة التي ينتظرها عن السجن، ثم إن لطفي الخولي كان يتحدث عما يحدث بالفعل في السجن، فقصة "رجال وحديد" ذاتها تتحدث عن هؤلاء المساجين الذين يبحثون في مسألة الإضراب، وتنشأ بعض الخلافات بينهم حول القيام به، وجدواه، وهناك آخرون لا يميلون إلي القيام بهذا الإضراب في ذلك الوقت، وبالطبع تدور بعض الحوارات التي تأخذ منحي تعليميا، هذا المنحي الذي تفرضه الثقافة الأيديولوجية التي يتبناها لطفي الخولي، ولكن هذه المناقشة تأتي في سياق درامي ممتع، وليست مفروضة من الخارج علي أحداث القصة، ولكن عبد القدوس الذي كانت كتاباته تنفتح واسعة لتحليل الشخصيات والأحداث، نظر إلي قصص الخولي من منظره الإبداعي الضيق.
لم يتوقف الترحيب بالمجموعة عند مقال إحسان عبد القدوس، ولكن جاء مقال آخر كتبه محمود أمين العالم، وكان العالم في ذلك الوقت نجما كبيرا في النقد الأدبي، فأجري قراءة موضوعية للمجموعة، وأنصفها إلي حد بعيد، رغم بعض الملاحظات السلبية الطفيفة التي كان قد لاحظها علي الكتابة، وكان العالم قد ساهم بدراسة نقدية مطولة حول مختارات قصصية، للكتاب المصريين، ومن بين هؤلاء الكتاب لطفي الخولي، وكانت القصة "بدوي أفندي وشريكه"، وقد أثني عليها العالم بشكل واضح .
لم تكن تلك هي المجموعة القصصية الوحيدة التي نشرها الخولي، بل أعقبها بمجموعة أخري هي "ياقوت مطحون"، وفي هذه المجموعة تطورت أدوات لطفي الخولي بشكل ملحوظ وواضح، وراحت القصص تقدم نماذج بشرية وانسانية ودرامية فادحة، نماذج لا تخضع للتحليل الاجتماعي فقط، بل كذلك للتحليل السياسي والنفسي والدرامي، وفي هذه القصص كان الخولي يعود إلي قريته، ليختار منها ما يصلح للحكي، فقدّم بالفعل مجموعة ذات طابع فني متميز، ولكن هذه المجموعة لم تحظ بالمتابعة النقدية التي تليق بها، وهذا يعود إلي أن المرحلة كانت مشغولة بما يقدمه يوسف ادريس فقط، وماعداه فهو نوع من التوابل القصصية، ولا يستحق عنده التوقف طويلا، وهذا ما أحدث خللا كبيرا في المتابعة، حيث إن مجموعة "ياقوت مطحون" تعتبر من المجموعات القصصية الفريدة في تاريخ القصة المصرية، وأصدر بعدها لطفي الخولي مجموعته الثالثة "المجانين لا يركبون القطار"، وهي مجموعة قد استفادت استفادات بالغة من الروافد الفنية الحديثة، وراحت تغزو عوالم لطفي الخولي بعض السمات الفنية الغرائبية، رغم نزوع الأحداث إلي الجذور الواقعية.
ولا أظن أن عملية عدم الالتفات الكافي إلي كتابات لطفي الخولي القصصية، هي حصيلة المناخ الذي كان استقطابيا إلي حد بعيد وفقط، ولكن لطفي الخولي نفسه كان أحد الأسباب لعدم لفت النظر إليه، إذ إن انشغالاته الجمة الأخري، وكونه أحد الكتاب الذين يمارسون الفعل السياسي اليومي والمباشر، جعله مرموقا في ذلك المجال، دون المجال الآخر، وتفاقم الحالة السياسية عند لطفي الخولي، يكاد يكون أغلق باب النقد نحو إبداعاته القصصية، ولم تصدر تلك الإبداعات، حتي بعد رحيل الرجل بسنوات كثيرة.
"لطفي الخولي كاتبا مسرحيا"
وإذا كان لطفي الخولي كان قد كتب القصة القصيرة، إلا أنه ذهب ليدق باب المسرح من زاوية القصة، حيث أنه حوّل إحدي قصصه إلي مسرحية، القصة هي "بدوي أفندي وشريكه"، أما المسرحية فهي "قهوة الملوك"،التي نشرت في كتاب، وتم عرضها علي خشبة المسرح القومي في يناير 1959، ومن أبطالها توفيق الدقن وشفيق نور الدين وسعيد أبو بكر ومحمد الدفراوي وغيرهم، وأخرجها الفنان نبيل الألفي، وجدير بالذكر أن وزارة الثقافة كانت في ذلك الوقت، وهو الوقت الذي كان يتولي فيه الدكتور ثروت عكاشة شئون الوزارة، كان يصدر عن الوزارة كتاب يتناول الموسم المسرحي بشكل كامل، فيعرض هذا الكتاب بشفافية كبيرة، تكاليف العرض، والإيرادات التي أدخلها للمسرح، وعدد الحفلات التي أقيمت له، وعدد الرواد الذين ارتادوا العرض علي مدي أيام عرضه، وكان من المدهش أن ينال عرض "قهوة الملوك" ترحيبا جماهيريا واضحا آنذاك،زتفوقت علي كل المسرحيات التي كانت معروضة في ذلك الموسم، ولم تكن تنافسها سوي مسرحية "سيما أونطة " لنعمان عاشور.
عرضت المسرحية 24 حفلا، وتردد علي العرض9072 شخصا، وكان صافي الإيرادات 1195 جنيها و876 مليما، أما المصروفات فكانت 323 جنيها و983 مليما، هذه الأرقام بالفعل كانت تتفوق علي أرقام مسرحيات أخري، وذلك لصالح "قهوة الملوك"، ورغم ذلك فإن البعض استقبل المسرحية بنقد لاذع، وعلي رأسهم أنيس منصور، الذي كتب في جريدة الأخبار في 30 يناير قائلا :"إذا كنت لم تشاهد الصفقة لتوفيق الحكيم، وزقاق المدق لنجيب محفوظ، فاذهب حالا إلي الأزبكية، فهناك مفاجأة تنتظرك، لقد اعتذر المؤلفان الاثنان وحضر عنهما لطفي الخولي ليقدم شيئا من المسرحيتين تحت عنوان قهوة الملوكالتي تنتهي بسرعة عندما يعلن الجرسون أن الملوك ليسوا سكان قصر عابدين، ولكنهم العمال ..والمؤلف يحاول أن يصوّر الفكاههة الشعبية بكل مايريد بالحركة والكلمة والموقف، ولكنها ليست شعبية قوي، ليست كسخرية نعمان عاشور وأمين غراب وأنور قزمان، وهم الذين سبقوه إلي هذا اللون وهذا المسرح، وتشعر وأنت تتفرج علي الرواية أنك في حاجة إلي قراءة النص العربي أو الأفرنجي لهذه المسرحية...".
وإذا كان موقف أنيس منصور مفهوما من اليسار، وغمزه ولمزه، فالمحير هو موقف أحمد عباس صالح، الذي هاجم المسرحية بغلظة، إذ كتب في 10 فبراير1959 بجريدة الشعب، فقال :"الفكرة علي غرابتها جميلة، وتصلح عمودا فقريا لمسرحية جيدة، ولكنها للأسف لم تعالج علاجا مسرحيا، فلقد كان الطابع العام لها هو الطابع الوصفي الاستعراضي، وهو إن كان يصلح في بعض القصص القصيرة، والتي يسميها البعض بقصة الصورة، إلا أنها تصلح للمسرح، فلم يزل الكاتب المسرحي مضطرا لاجتذاب الجمهور المربوط إلي مقعده طوال ثلاث ساعات تقريبا أن يشغله بموضوع شيق مبني علي وحدة موضوعية وحركة دائبة علي التعارض والصراع..".
وبين اليمين واليسار كتب كثيرون كتابة موضوعية، للدرجة التي استدعت واحدا من خارج النقد الفني والأدبي، وهو الأستاذ خالد محيي الدين، أطال الله في عمره، ليدخل في السجال الذي كان دائرا حول المسرحية، ويكتب مقالا رصينا ومنتصرا للمسرحية في صحيفة المساء، والتي كان يترأس تحريرها، ومن بين المقالات الموضوعية والرصينة والإيجابية، المقال النقدي، والذي يعتبر دراسة محترمة للدكتور الناقد علي الراعي في صحيفة المساء بتاريخ 28 فبراير، وفي هذه الدراسة استطاع الراعي بخبرته وثقافته الواسعة 1959 أن يحيط بالعرض ككل، ويقدم جهدا موازيا للجهد الذي بذله المؤلف والمخرج والممثلون علي خشبة المسرح،وكذلك عدّد الراعي مناطق السلب ومناطق الإيجاب بحياد نقدي نزيه، وهي عادة د.علي الراعي في مسيرته النقدية الحافلة.
وبعد أن تجاوزت المقالات والدراسات التطبيقية حول المسرحية، بين نقد إيجابي ونقد سلبي، ونقد موضوعي محايد، اضطر لطفي الخولي أن يكتب تعقيبا عاما حول ما أثاره النقاد، ونشر التعليق في صحيفة المساء بتاريخ 25 فبراير 1959، وأبدي الخولي احترامه للنقد وترحيبه به، وحق كل النقاد في إطلاق آرائهم كما يريدون، ولكنه اختص بعضهم بالتقريع الشديد قائلا :"بهذا المفهوم للنقد أتصدي لآراء النقاد، ولكني أودمن ناحية المبدأ أن أسقط من حساب النقد آراء ثلاثة فهمت النقد علي أنه مجرد ردح، وسباب واستعراض لغوي أجوف لاصطلاحات فنية، فكان أصحابها أشبه بالمفلسين الذين يعمدون إلي الشخللة ببضعة مليمات في جيوبهم ليوهموا الناس بأنهم أغنياء، وأريد أن أكون صريحا فأسمّي أصحاب هذه الآراء الثلاثة بأسمائهم، إنهم محمد دوارة وعبد الفتاح البارودي وأحمد عباس صالح، صحيح ..من حق الناقد أن يحكم علي العمل الفني بما يشاء، ولكن ماليس من حقه هو الحكم العاري من الأسباب والتحليل ..نعم ..ليس من حق أولهم الحكم علي قهوة الملوك وهو لم يشاهد منها إلا الفصل الثالث وجانبا يسيرا من الفصل الثاني، وليس من حق ثانيهم أن يسوّد ركنه شتما وسبّا بطريقة التلاعب بالألفاظ علي الحبل كالمهرجين ولاعبي الأكروبات، ثم يزعم أنه ناقد فني، وليس من حق الثالث أن يدعّي العلم ويهاجم المسرحية بكلمة أو كلمتين ويهرب من المناقشة الفنية الجادة...".
هذا الشدّ والجذب حول المسرحية، وضع لطفي الخولي علي طريق المسرح بجدارة، ودفعه لكي ينجز نصيّن آخرين، الأول هو مسرحية "القضية"،والتي تم عرضها علي خشبة المسرح القومي في 3 مايو 1962، ومن أبطالها محمد رشدي وشفيق نور الدين وسهير البابلي وحسن البارودي وعبد السلام محمد وسعيد أبو بكر وملك الجمل وغيرهم،وأخرج العرض عبد الرحمن الزرقاني، وتوالي عرض المسرحية فيما بعد في محافظات الاسكندرية وبور سعيد والسويس ورأس البر وأسوان، كما عرضت في الكويت في يناير 1963 وفي الجزائر في يوليو 1963، وحققت نجاحات كبيرة.
أما النص الثالث فهو "الأرانب"، والتي تم عرضها في 12 فبراير 1964 علي مسرح محمد فريد، ومن بين أبطالها زهرة العلي وعادل بدر الدين وفاروق نجيب وغيرهم، وأخرجها للمسرح الفنان جلال الشرقاوي، والذي كتب شهادة تحت عنوان "الأرانب ..كيف أخرجها" وجاء في تلك الشهادة :"كانت مسرحية الأرانب بالنسبة لي فرصة لتقديم كوميديا نظيفة إلي جمهورنا الواعي الذي يزداد إحساسه بالأعمال الجادة يوما بعد يوم ..كوميديا أيديولوجية تعرض لمشكلة بالغة الخطورة في مجتمعنا الشرقي، كوميديا تعتمد علي الموضوع والموقف، وليس علي النكتة اللفظية، وتنهل منابعها من الصراع بين الشخصيات لا من عناصر الإثارة"..كما كتب الناقد صبحي شفيق الذي رحل عن عالمنا مؤخرا دراسة عميقة تحت عنوان "الأرانب ..خطوة نحو المسرح المعاصر"جاء في مقدمتها :"بمسرحية الأرانب يخطو لطفي الخولي خطوة واسعة نحو المسرح المعاصر، المسرح الذي يحتضن أعقد وأرقي مستوي حضاري صنعته الانسانية ".
"لطفي الخولي والصحافة السياسية والثقافية"
إذن فإن لطفي الخولي الذي يشغل تلك المكانة العالية في تاريخ القصة القصيرة والمسرحية، وكذلك قدّم أفلاما مرموقة مثل فيلم العصفور، جذبته السياسة ومتاعبها واختلافاتها، بل وصراعاتها بشكل شبه كلي، وتقريبا تفرغ لإدارة ورئاسة تحرير مجلة الطليعة، والتي صدر عددها الأول في يناير 1965، وقدّم من خلالها مواد سياسية جديرة بالاحترام، وكذلك أنشأت المجلة قسما ثقافية في غاية الأهمية، ومن خلال المجلة برزت أسماء وكتابات ذات شأن عظيم، ولعبت دورا تثقيفيا كبيرا، كما أن المجلة أعدّت ملفا عن الأدب المصري الشاب في سبتمبر 1969، كتب فيه معظم الأسماء التي قادت الحياة الثقافية فيما بعد، مثل أمل دنقل ومحمد يوسف القعيد وجمال الغيطاني ورضوي عاشور ومحمد ابراهيم أبوسنة وعبد الحكيم قاسم ومجيد طوبيا وغيرهم، وكتب نقاد ومفكرون تقيبات تحليلية ذات ثقل فكري كبير، وكتب لطفي الخولي قراءة تأملية عميقة في ذلك الملف، كما قدمت المجلة ملفا كبيرا بعد ذلك الملف المصري، تحت عنوان "هكذا تحدث الأدباء الشباب في الوطن العربي"، ضم عددا كبيرا من الأدباء الشباب في سوريا وفلسطين واليمن والسودان، وكان من أبرز هؤلاء سعدالله ونوس ومحمد حسيب القاضي وشوقي بغدادي وعبدالعزيز المقالح وأحمد عمر شاهين وغيرهم، وكذلك كتب لطفي الخولي قراءة تحليلية لهؤلاء الشباب ورؤاهم ومستقبلهم.
وفي كتابه الصغير حجما، والكبير قيمة "حوار مع برتراند رسل وجان بول سارتر"، قدّم لطفي الخولي حوارين من أمتع الحوارات الصحفية والفكرية، ووقف علي أهم الأفكار التي وصل إليها هذان المفكران، اللذان كانا فاعلين ومؤثرين بشكل كبير في أوروبا، وكانت آنذاك القضية الفلسطينية مشتعلة، وحرجة، وكان لا بد أن يفتح الخولي ملف الصراع العربي الإسرائيلي، ويحتد علي سارتر الذي أصدر بيانا، ونشرته مجلته "الأزمنة الحديثة"، وكان الخولي يري أن هذا البيان يخدم اسرائيل، بينما كان ردّ سارتر عليه، بأن البيان مجرد دعوة لإيقاف الحرب بين الطرفين، حتي لا يشتعل العالم مرة ثالثة، والبيان من وجهة نظر سارتر هو مجرد دعوة للسلام، دون الانحياز لطرف علي حساب طرف آخر، وفي النهاية فالحواران مع رسل وسارتر، كانا من أمتع الحوارات الصحفية والسياسية والفكرية .
هذه الانشغالات والمجالات التي خاضها لطفي الخولي، جعلته في مرمي أهداف مغرضة كثيرة، حتي أن جاءت خطوة إنشاء جماعة "كوبنهاجن"، ليتم التنكيل بتاريخ الرجل، واختصاره في نقطة صغيرة جدا، ويتناسي الجميع دور لطفي الخولي المتعدد في الثقافة المصرية، ولا نريد أن نخوض في سجالات عبثية، كل مانريده أن ننظر للرجل نظرة شاملة، بعيدا عن اختصاره وتقويض دوره في مساحة ضيقة، ربما لا تصلح لكي تكون نقطة صغيرة في بحر هادر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.