"الصدمة هو الشعور التلقائي الذي ينتابك عندما تقرأ تشكيل لجان المجلس الأعلي للثقافة.. الصدمة ليس مبعثها الأسماء المختارة، فمن الممكن أن تختلف حول قيمة بعضها أو تتفق، لكن الذي لا يمكن أن تختلف عليه هو غياب المعايير والمفاهيم إلي الحد الذي وصل في هذه المرة أن يكون من ضمن المعينين لمناصبهم مدير متحف نجيب محفوظ، ولا يوجد متحف من أساسه حتي هذه اللحظة". كان هذا هو جزء من تعليقي المنشور في " أخبار الأدب" في 17 نوفمبر 2013، حمل عنوان " لجان المجلس الأعلي للثقافة: لا معايير ولا ضوابط" نفس هذا المدخل يصلح للتعليق علي تشكيل اللجان هذه المرة في 2015، وهو التشكيل الذي أعلن منذ فترة وجيزة، بعد تخبط واضح في أداء المجلس، وربما كان مرد ذلك هو التغيير الذي حدث عندما ترك د.أبو الفضل بدران منصب الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، إلي رئاسة هيئة قصور الثقافة، وتولت د. أمل الصبان منصب الأمين العام، وبدا أنه لديها تحفظات علي أسماء بعينها في عضوية اللجان، وربما ساندها علي هذا الموقف بعض المقررين، الذين واضح أنه لديهم اعتراضات علي أسماء في لجانهم وضعت من قبل د. بدران، وأصروا علي استبعادها، وواضح- أيضا- أنهم وفقوا في ذلك، وقد حصلت " أخبار الأدب" علي التشكيل المقترح لبدران الذي يري البعض أنه لم يكن تشكيلا مقترحا بل نهائيا، بدليل أن وزارة الثقافة نشرت علي موقعها اعتماد الوزير للتشكيل الجديد للجان المجلس، قبل أن ينتقل د. بدران إلي رئاسة هيئة قصور الثقافة، إلا أنه في النهاية نجحت د. أمل في إصدار قرار وزاري بتشكيل جديد هو المنفذ علي أرض الواقع، وربما يكون هو التشكيل الذي رضي عنه كل المقررين أو بعضهم، لكن تظل المشكلة الرئيسية أن المتحكم والفيصل سواء في تشكيل د. بدران " الملغي" أو تشكيل " الصبان " المعتمد" هو خبرات وذوق كلا الطرفين ومعهم المقررون، ربما يكون د. بدران في تشكيله أكثر جرأة في بعض اللجان، بحكم أنه أراد أن يضم للتشكيل ممثلين من كل المحافظات المصرية، في حين يري آخرون أن الأمر ليس كوتة، لكن تظل بعض الأسماء المستبعدة لها أحقيتها، يضاف لذلك سؤال هو ما المسافة الفاصلة بين حق المقرر وبين واجبات الأمين العام الذي يدير هذه المؤسسة، بمعني هل هناك لائحة تحدد المسافة الفاصلة بين الحقين، أنا لست مع السلطة المطلقة لمقررين اللجان الذين يلجأ بعضهم لاختيار من يرضي عنه ، وأنا أعلم يقينا أن هناك أحد المقررين لم يعجبه تشكيل بدران، فغير ما يقرب من 13 أسما من لجنته البالغة 26 والسؤال هل من الممكن أن يستوعب عقل أن يكون هذا الاستبعاد صحيحا، ما أقصده لجنة الفنون التشكيلية فقد تم استبعادهم فنانون معترف بهم، ومن حلوا محلهم لا ننكر عنهم هذه الصفة، إذن بأي حق تم إستبعاد من استبعدوا، إلا إذا كان ذلك وجهة نظر المقرر، هنا يظهرسؤال آخر إذا كان المقرر هو وحده صاحب الحق في تشكيل اللجان، ما علاقة " الدولة" ممثلة بالمجلس الأعلي بهذا التشكيل. ولكي نتأكد من خطورة ما حدث في تشكيلات المجلس الأعلي التي ظهرت هذه المرة بجلاء أن الأمر يحتاج لتوقف كبير، هو المقارنة بين تشكيل " بدران" وتشكيل " الصبان"، فمثلا هل يمكن أن يتخيل أحد أنه لو أستمر د. بدران في أمانة المجلس كان سيكون لدينا تشكيل للجنة الإعلام مختلف تماما عن التشكيل الحالي، رغم أن المقرر في كلا اللجنتين واحد وهو د. حسن عماد مكاوي، فقد تم الابقاء علي أسمين أثنين في التشكيليين، وغيرت باقي اللجنة بالكامل!!!!، أما لجنة علم النفس فقد تم إعادة تشكيلها بناء علي وشاية هي أن د. أحمد زايد مقرر لجنة الاجتماع، هو هو د. أحمد زايد العضو في لجنة علم النفس، علما بأن الأخير أستاذ علم النفس بآداب سوهاج، وهو شخصية أخري، ورغم ذلك أعيد التشكيل ليخرج د. زايد من لجنة علم النفس ومعه تسعة أساتذة ليحل محلهم أساتذة آخرون، بل يتغير مقرر اللجنة من د. أحمد عكاشة إلي د. شاكر عبد الحميد. أما لجنة النشر فلها معي أنا شخصيا حدوتة، فقد أبلغت أنني عضو في هذه اللجنة، وبعد فترة أبلغني الأديب يوسف القعيد أنني عضو في لجنة القصة بحكم منصبي، وذلك في إطار إعلامي بميعاد انعقاد اللجنة، وعند إعلان تشكيل " الصبان" فوجئت أنني غير موجود في لجنة النشر، مع إحترامي لكلتا اللجنتين، إذن من سمح لأي شخص أن يختار بالنيابة عني!!، الأدهي من ذلك أن هناك استبعادا لثمانية أشخاص معي من لجنة النشر واستبدالهم بزملاء يستحقون أن يكونوا في هذه اللجنة، كما يستحق من أستبعد أن يمثل، لكن الأكثر دهشة أن اللجنة في تشكيلها الجديد لم تصل للنصاب القانوني مثل اللجان الأخري وهو 26، إذ يتبقي لها ثلاثة أماكن. ومن اللجان اللافتة للنظر في اختلافها بين تشكيل الصبان المعتمد وتشكيل بدران، لجنة الترجمة، فقد تم استبعاد ستة مترجمين، وإستبدالهم بآخرين، قد يكون هذا حق لمن فعل ذلك، لكن الذي يستدعي الانتباه في هذه اللجنة وقد يكون في غيرها- هو عدم الالتفات لأجيال جديدة، أصبحت بشكل أو بآخر مطروحة بترجماتها علي الساحة الآن، وأعتقد أن من مهام لجان المجلس هو تبادل الخبرات بين الأجيال المتعاقبة، لاسيما في مجال هام مثل الترجمة، فمن وجهة نظري أنه تم استبعاد ممثلين عن جيل الشباب علي وجه الخصوص مثل د. خالد رؤوف الذي يترجم من اليونانية، ود. خالد البلتاجي الذي يترجم من التشيكية، وأحمد صلاح الدين من الروسية، و اللافت في هذه اللجنة أنها استبعدت من عضويتها مترجمة الفرنسية دينا مندور التي كانت موجودة في الدورة السابقة للمجلس وموجودة- أيضا- في تشكيل بدران، وهي من أبرز المترجمين الشبان، أنا مثلا كنت أتمني أن يجلس خالد رؤوف بجانب أستاذه د. حمدي إبراهيم وأن يتزامل أحمد صلاح الدين مع الأستاذة الكبيرة د. مكارم الغمري، فهؤلاء المترجمون يستحقون المراهنة عليهم، وليس الأدل علي ذلك من حضور حلمي النمنم وزير الثقافة ومشاركته في المائدة المستديرة التي نظمتها " أخبار الأدب" لمناقشة قضايا الترجمة، وقد جاء الوزير تقديرا واحتراما لرؤية هؤلاء الشبان، فلماذا لا تكون الجهة التابعة له في الوزارة علي قدر هذه المسئولية؟. ومن جهة أخري لم تصل هذه اللجنة أيضا إلي نصابها القانوني، إذ يتبقي مقعد شاغر. وفي لجنة الشعر تم استبعاد سبعة شعراء، وبعد أن كان فاروق شوشة صاحب التجربة الشعرية الطويلة والهامة، موجودا بإسمه، أصبح وجوده بحكم منصبه " أمين عام مجمع اللغة العربية، وهو المكان الوحيد الممثل بحكم المنصب في لجنة الشعر، أي أن فبيت الشعر مثلاً لا يوجد تمثيل له!!. ولعل ما حدث في لجنة الشعر، يجعلنا- أيضا- نتأمل فكرة الأعضاء بحكم مناصبهم، حتي هذه تغير حالها من بدران إلي الصبان، فمن المعروف يقينا أن أي تشكيل يوجد فيه أعضاء بحكم مناصبهم، هذه المناصب تكون واضحة لا تتغير ولا تتبدل، وأضرب مثلا علي ذلك بتشكيل مجلس إدارة هيئة قصور الثقافة الذي يتكون من ممثلين بحكم مناصبهم من: مجلس الدولة، هيئة الاستعلامات، وزارة التنمية المحلية، وزارة الأوقاف، وزارة التربية والتعليم، وزارة الشباب، وزارة التضامن الاجتماعي، ممثل لوزارة الثقافة، وممثلين عن هيئة قصور الثقافة، وأثنين من الشخصيات العامة، أي وزير للثقافة لا يستطيع أن يقترب أو حتي يفرض اسم المعينين بمناصبهم، هو له الحق في اختيار الأثنين فقط من الشخصيات العامة، مثال آخر من حق وزير الثقافة أن يختار الشخصيات العامة في تشكيل المجلس الأعلي للثقافة، لكن نفس الأمر من هم بحكم مناصبهم، معروفة علي وجه اليقين أما لجان المجلس الأعلي للثقافة التي تستخدم نفس المصطلح " معينون بحكم مناصبهم" لا نجد لائحة تحدد من هي هذه المناصب وبالتالي يصبح لكل مقرر أو أمين عام أن يحدد هذه المناصب مع كل تشكيل للمجلس، أو كما حدث هذه المرة بين رؤيتين حكمتا التشكيل، فعلي سبيل المثال كانوا المعينين بحكم مناصبهم في تشكيل " بدران" في لجنة الفنون التشكيلية: رئيس قطاع الفنون التشكيلية، عميد كلية الفنون بجامعة حلوان، عميد كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، ورغم أن هاتين الكليتين ما زالتا تؤديان عملهما، إلا أنه في تشكيل " الصبان" تتقلص الجهات المعينة بحكم المنصب إلي جهتين فقط رئيس قطاع الفنون التشكيلية، نقيب الفنانين التشكيليين، ويحدث العكس من ذلك في لجنة المسرح في تشكيل بدران، فقد كان هناك ممثل واحد بحكم منصبه وهو رئيس البيت الفني للمسرح، ليضاف إليه في تشكيل " الصبان" ثلاثة مناصب أخري: رئيس قطاع الإنتاج الثقافي، نقيب المهن التمثيلية، رئيس المركز القومي للمسرح. أعتقد أنه آن الأوان لوضع معايير محددة لتشكيل لجان المجلس، بعيدا عن الاجتهادات الشخصية.