الإسكان: جهاز تعمير وسط وشمال الصعيد يتولى تنفيذ 1384 مشروعا ضمن حياة كريمة في 11 مركزا ب3 محافظات    سعر الدولار اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    الري: إقبال كبير على حدائق القناطر الخيرية والمركز الثقافي الإفريقي بأسوان خلال أيام عيد الأضحى    خفر السواحل الصينية يتخذ تدابير تنظيمية ضد توغل غير قانوني لسفينة فلبينية    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مدينة قلقيلية ومخيم عقبة جبر بالضفة    طهران تدين بيان الترويكا الأوروبية بشأن البرنامج النووي الإيراني    الزمالك أمام المصري ويورو 2024.. مواعيد مباريات اليوم الإثنين    يتحدى الغيابات.. الزمالك يسعى لمواصلة التألق في الدوري أمام المصري    عودة رامي ربيعة لتشكيل الأهلي الأساسي أمام الاتحاد    الأرصاد تحذر من التعرض لأشعة الشمس في هذا التوقيت (فيديو)    قتل وانتحار وانتقام حواء.. 24 ساعة "أكشن" في الجيزة    إقبال كبير على مصيف جمصة خلال أول وثاني أيام عيد الأضحى    مصرع وإصابة 4 في حادث أسفل محور عدلي منصور ببني سويف    7 معلومات عن الطيار حسن عدس المتوفى بعد الهبوط في جدة.. «مكملش 40 سنة وغير متزوج»    مع بداية موسم عيد الأضحى.. سحب 3 أفلام من دور العرض السينمائي    إيرادات قياسية لفيلم Inside Out 2.. اقترب من 300 مليون دولار    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    دعاء طواف الوداع: «اللهم إن كنت رضيت عنِّي فازدد عنِّي رضا»    قصر العيني: 3079 حالة طوارئ و371 جراحة بالمنيل الجامعي والنساء والتوليد وأبو الريش المنيرة    إسرائيل تبحث اتخاذ خطوات عقابية ضد السلطة الفلسطينية بينها الاستيطان    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارة عنيفة على وسط غزة    «المالية»: تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودي ومتوسطي الدخل    ملفوف في سجادة.. تفاصيل العثور على جثة شاب مقتولًا في البدرشين    إصابة عامل بحروق أثناء تنظيف المنزل بمادة بترولية بجرجا فى سوهاج    محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    جهاز تعمير وسط وشمال الصعيد يتولى تنفيذ 1384 مشروعًا بالمبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    اليوم.. قصور الثقافة تستعيد ذكريات الثمانينيات والتسعينيات في حفلات مجانية بالسامر والقناطر    إعلام فلسطينى: قصف إسرائيلى يستهدف المناطق الجنوبية لمدينة غزة    حسم موقف سيرجو روبيرتو من الرحيل عن برشلونة    أسعار اللحوم الحمراء اليوم 17 يونية    ما حكم ذبح الأضحية ليلًا في أيام التشريق؟    «المحلاوي» عن يوم «القر».. من أعظم أيام الله ويستجاب فيه الدعاء (تفاصيل)    جندي إسرائيلي يتخلص من حياته بعد عودته من الحرب في غزة    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    الجونة يستضيف البنك الأهلي لمداواة جراحه بالدوري    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 17 - 6 - 2024 والقنوات الناقلة    فرنسا ومبابي في اختبار صعب أمام النمسا في مستهل مشوار يورو 2024    الدولار يسجل 47.75.. أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه اليوم    استخباراتي أمريكي سابق: تزايد الخلاف حول الأزمة الأوكرانية داخل الناتو    لماذا خالفت هذه الدول توقيت احتفال أول أيام عيد الأضحى 2024؟    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. ثاني أيام عيد الأضحى 2024    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    بعد إثارته للجدل بسبب مشاركته في مسلسل إسرائيلي.. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    «زي النهارده».. وفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوى 17 يونيو 1998    "تهنئة صلاح وظهور لاعبي بيراميدز".. كيف احتفل نجوم الكرة بعيد الأضحى؟    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    حظك اليوم برج الجوزاء الاثنين 17-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    الكنيسة الكاثوليكية تختتم اليوم الأول من المؤتمر التكويني الإيبارشي الخامس.. صور    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟    القافلة الطبية «راعي مصر» تصل القنطرة شرق بالإسماعيلية    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة ويطيب رفات الشهيد أبسخيرون بدمياط    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأبين جمال الغيطاني في الجامعة الأمريكية
الكتابة تقاوم النسيان
نشر في أخبار الأدب يوم 21 - 11 - 2015

الثلاثاء الماضي، أقام مركز الدراسات والترجمة وقسم الأدب الإنجليزي والمقارن وقسم المكتبات وقسم النشر بالجامعة الأمريكية احتفالية لتأبين الكاتب والروائي الراحل جمال الغيطاني. تحدث خلالها كل من: الدكتورة سامية محرز أستاذ الحضارات العربية والإسلامية ورئيس مركز دراسات الترجمة، والزميل حسن عبد الموجود من أخبار الأدب والدكتورة فريال غزول أستاذ ورئيس قسم الأدب الإنجليزي والمقارن، والمترجم همفري ديفيز.
بدأت الاحتفالية بكلمة الكاتبة ماجدة الجندي وألقتها محرز نيابة عنها وتحمل عنوان "بعد لم ينته الكلام" وقالت في مقدمتها: لم أتعود الكتابة عن جمال، ولا فكرت لحظة من قبل، فقط أنا "عشته"، "عشته" انسانا بالمعني الذي يجعل من الإنسان فيضانا من الرحمة، والتواضع والإحساس بالآخرين، "عشته" كاتبا يري في الكتابة فعلا انسانيا مقاوما للنسيان، "عشته" مثقفا رفيعا تواقا للعدل، والحرية، منحازا للناس وحقهم في الحلم "عشته" عارفا بمصر بشرا وحجرا، تاريخا وجغرافيا، واقعا، وكأنه تنسمها وتشربها.
ثم ألقي حسن عبد الموجود كلمة حملت عنوان "شبح جمال الغيطاني" قال فيها: لست هنا أتحدث عن منجزه الإبداعي، ولا عن ثقافته الموسوعية، ولا مشروعه الصحافي الضخم، لكني اتكلم عن جوانب إنسانية في شخصيته، في تعاملاته كان يفصل بين الشخصي والعام، لم يحجب عن شخص - حتي ولو كانت بينهما عداوة - فرصة للظهور، كان يخلع تلك المشاكل من وجدانه ليعلقها علي شماعته بالمكتب، كان يقول لي أحيانا: "فلان لا يتوقع أن ننشر عمله هذا، لكنني سأنشره ليعرف" فقط "ليعرف......" تعلقت به انسانيا، وكانت الفكرة المبدئية التي سيطرت عليّ متي يموت جمال الغيطاني؟ كان هاجسا مرعبا، إلي ذلك الحد أحببت هذا الشخص واحترمته، وهو من زاد هذا الشعور عندي، لأنه كان لا يكف عن ذكر الموت في كل الأحاديث تقريبا، ولم يكن يكف عن الضحك، ولكنه سرعان ما يعود إلي الموت، يقول اننا نسير في خطوط مستقيمة، ولكل خط نهاية، كان يتحدث عن شجاعة مواجهة الموت، كان قلقا منه، ولكنه لا يعترف بهذا، كان يقول انه مستعد له، ولكنه كان يكمل إلي ما لا نهاية. في إحدي المرات نادي علي بعد خروج شخص من مكتبه شخص كان دائما في مقدمة من يكتبون عن الأموات، وقال لي "أنا حاسس انه محضر شهادته عني" وانفجر بالضحك... كنت اندهش من قدرته المرعبة علي الإنتاج. أتخيل انه كان يكتب أكثر من عمل في وقت واحد، رغم انه كان يقول دائما انه لايبدأ عملا قبل أن ينتهي من آخر، وأحيانا ما كان يفصل بين عملين ضخمين شهور قلائل، وكنت أقول له ذلك، فيضحك: "الكتابة وسيلتي لمقاومة النسيان".
أما همفري ديفز فقد اختار أن يقرأ علي الحاضرين بعضا من كتاب الغيطاني "متون الأهرام" قائلا إن مادفعه لترجمتهi انه كتبه بلغة جديدة لم تطرح في القص العربي من قبل، سكب فيه الإحساس اللانهائي بالعلاقة الخفية بين الإنسان والمكان، وتصديقا علي ذلك اختار قراءة المتن السابع الذي يحمل عنوان "ألق" الذي يبدأ: "كف توقف، مايراه لايسمع عنه، لم يقرأ ما يدل عليه، بقدر ما فوجئ، بقدر ما شعر براحة غامضة لا يمكن القياس علي مثيل لها أو مضاهاة اللحظة بأخري منقضية".
وتحدثت الدكتورة سامية محرز قائلة: "اكتشفت انني أعرف الغيطاني منذ أكثر من خمس وثلاثين سنة، وأدين للدكتورة "فريال غزول" والدكتورة "سيزا قاسم" لتشجيعي علي أن تكون رسالة الدكتوراة عن الأدب العربي المقارن بدلا من الأدب الإنجليزي، وكان جمال الغيطاني سببا في تغيير منحي حياتي العملية، فقد بدأت دراسة أعماله بشكل حقيقي في الولايات المتحدة، حيث كانت أستاذتي "كلود أوتبيرا" متحمسة لكتاباته بالرغم من انه لم يكن بالقامة التي أصبح عليها اليوم، وكانت هناك مقاومة من اللجنة لاعتباره أديبا ناشئا قد لا يستمر في الكتابة، إلا انني أصررت وكانت أول دكتوراة عن الغيطاني بالإنجليزية وهذا يشرفني" مضيفة: " كنت مفتونة تماما بأعماله منذ البداية، سواء بقصصه القصيرة أو رائعته "الزيني بركات" التي كانت تشكل عنصرا أساسيا في تكويني الأدبي، تعلمت منه أن أرجع للتاريخ لأنه كان باحثا ومجدا في التاريخ والصوفية مما شجعني علي قراءة أعماله المشبعة بالنصوص التراثية التي كان يحفظها عن ظهر قلب، والتي تتميز بأنها تنتقل بالقارئ عبر الزمن، فهو علمني أن الجأ للتاريخ، وعلمني أيضا رؤيتي للأدب ودور الأديب بالمجتمع وارتباط الأدب بالتاريخ وكلها كانت مسارات تعلمتها منه، فكان أول أعمالي المنشورة عن العلاقة بين الأدب والتاريخ، وهذه العلاقة أسس لها في ذهني ووجداني جمال الغيطاني نفسه، تعلمت منه أيضا هوسه بالقاهرة ليس تاريخها وعمارتها وحضارتها فقط بل التاريخ المكتوب عنها، وزيارتها مع آلاف البشر، سواء كانوا طلبة أو زائرين أو متخصصين في الأدب أو التراث العربي، ويقوم بذلك بسعادة بالغة، لأنه يري أن من واجبه نقل حبه للقاهرة للآخرين".
واستطردت الدكتورة سامية محرز قائلة: "أحب التحدث عن جمال كصحفي، هو في الواقع مؤسسة صحفية، وكما هو من أكبر أدباء العالم العربي هو كذلك بالنسبة للصحافة، ونحن ندين له بتغيير وجه الحقل الأدبي المعاصر ليس في مصر وحدها بل في العالم العربي، بتأسيسه "أخبار الأدب" فلا توجد مجلة أدبية تلقي هذا الرواج، فهي ليست مجرد مكان لنشر مقالات عن الأدباء أو الأعمال الأدبية، "أخبار الأدب" منبر لأنها أخرجت قامات هامة جدا في الأدب المعاصر، لأنه كان دائم التشجيع للأصوات الجديدة، وينشر كل ما يستحق النشر، كما انه كان مغامرا في اختياراته، منفتحا علي توجهات جديدة في الكتابة، حتي وإن اختلفت عن توجهاته الشخصية، كما فتح من خلال "أخبار الأدب" مساحة مهمة جدا وهي تداول المعرفة الأدبية، وحين كان الحصول علي كتاب بمثابة كابوس أصبح في متناول قرائها، ولإصراره علي أن يكون العمل جماعيا في "أخبار الأدب" عاشت برغم رحيله". وتحدثت عنه كمدافع عن الحريات قائلة:" مررت بأزمة مع كتاب كنت أدرسه، وهو السيرة الذاتية لمحمد شكري"الخبز الحافي"، وكان هو أول من كتب دفاعا عن الكتاب وعن حرية التعبير، وأتذكر أيضا وقفته مع "صنع الله ابراهيم" حين اتهم زورا بسرقة عمل لأديب مغمور انه تصدي للدفاع عنه، كما عرفته كأب كنت محظوظة لرؤيته مع ابنه "محمد" وكان في السادسة من عمره لمشاهدة فيلم "المومياء" لشادي عبد السلام، لإصراره أن ينغمس أولاده في نفس المستوي من المعرفة، وحين كان لي حظ التدريس لابنته، هاتفني مطالبا معاملتها مثل باقي الطلبة، وكرئيس للجنة جائزة"ساويرس" التي كنت عضوة بها كان ديمقراطيا منفتحا علي الآراء المتعددة، لم يتدخل أبدا في اختيارات أعضاء اللجنة، وحين رأي صورة جدي الشاعر "إبراهيم ناجي" معلقة بمنزلي سألني: "هو بيعمل ايه عندكم، تصوري انت تشبهينه"، عمري ما تصورت هذا الشبه، إلا أن تلك الجملة علمتني أن أعيش معها الخمسة وثلاثين عاما الماضية، في رحلة بحث للتعرف علي هذا الجد الذي توفي قبل أن أولد، وأشكره لإرسالي في رحلة طويلة للبحث عن هذا الشبه وللبحث عن الذات".
وتحدثت الدكتورة "فريال غزول " قائلة: في اللغة العربية نستخدم تعبير "غيب الموت فلان"، للإشارة إلي أن فلانا وافته المنية، إلا أن ذلك يعني حرفيا أن الموت غيب فلانا، أتذكر أن الروائي الجزائري "واسيني الأعرج" عند كتابته نعي زميله وابن بلده "الطاهر وطار" قال: الأدباء لا يموتون إلا قليلا، وهي طريقة شاعرية وفلسفية للتفكير في الموت، ليس كفعل مطلق لكن كشيء نسبي، فغياب الأدباء جزئيا فقط، فحضورهم مستمر بكتاباتهم وأعمالهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.