أراها ترقص ..ألمحها تبتسم .. أحيانا حزينة .. وأحيانا منطلقة .. أقدمها في كل حالاتها .. المرأة موجودة في كل لوحاتي .. أمام تلك اللوحة التي استلهمتها فيروز طويلة من فيلم بحيرة البجع وقفت فيروز تحكي معي .. أراها جميلة .. وهي ترقص .. هي أقرب للبجعة .. ولذا فستانها به ريشات.. كنت علي عكس فيروز أري نساءها يغلفهن الحزن .. تبكي أحيانا ، وجهها نصف شاحب أحيانا ، أو تقاوم في فستان أحمر بديع بلا ذراعين .. كنت أري بجعتها الراقصة تصارع في غابة من الأشواك .. كنت ألمح الدموع تغطي وجوههن . سألتها إذا ما كانت تري المرأة مقهورة .. أخبرتني أنها علي العكس لا تراها كذلك وإنما مخلوق ملهم ومفعم بالحياة .. هي عروسة المولد وهي الفرحة .. ولذا هي بطلة معظم اللوحات. كانت مستويات اللاوعي عند فيروز مفعمة بالرؤية التي اختزنتها منذ طفولتها المليئة بالمشاهدات الفنية .. مشحونة برمزية عالية وبمستويات من العمق العفوي التلقائي النابع من خيالها الخصب البكر الذي لم يفسده التعمد والتوجيه . ولذا خرجت معظم لوحات فيروز في طبقات ما بين الغائم والبارز ، وما بين بطولة تحتل مقدمة العمل وكثير من الحكايات في الخلفية ، في لوحة مارلين مونرو مثلا يبدو الفستان الأحمر هو بطل العمل الذي يجذب العين وكأنه بارز .. بينما وجه مارلين في الخلفية وكأن روحها هي التي تغلف العمل .. هو ذلك الجسد الأنثوي الذي بدا فاتنا بلا شك يوما ما في هذا الفستان وهذه الروح التي بالرغم من رحيلها لا تزال موجودة في الذاكرة . ولكن المرأة تظهر أيضا في آنية زهور بديعة ، وتتفرع الزهور من جسدها لتملأ المكان ، ويبدو أن افتتان فيروز بالمرأة جعل الرجل يتراجع في معظم اللوحات إلا في لوحتين أحداهما لوحة الفارس المغوار الذي استوحته أيضا من أحد أفلام براد بيت .. وتظهر شخصيات فيروز في الغالب بلا ملامح .. وجوه في المطلق وملامح قد تضعها أنت من خيالك . ويتكرر الفستان الأحمر كثيرا ، هو لون تحبه فيروز كثيرا ... في الواقع فيروز محبة جدا للألوان المبهجة .. حيث تخبرني أنها تحب الفن .. ليست رسامة - علي حد تعبيرها - وإنما فنانة مغرمة بالألوان .. وقد تأثرت فيروز في إحدي لوحاتها بالفنان جاكسون بولوك وهو رسام أمريكي وأحد رواد الحركة التعبيرية التجريدية، وقد عرف بأسلوبه الفريد في الرسم بالتنقيط. كما أنها أيضا متأثرة بأعمال الفرنسي كلود مونيه خاصة في استخدامه للألوان المبهجة .. وهي من المغرمين ببيكاسو وفان جوخ حيث تربت عينها علي أعمالهما منذ الطفولة . وكثيرا ما تلجأ فيروز إلي الرموز .. إلي العين والكف والفراشة .. ولكنها تبتسم وهي تقول هناك أشياء كثيرة أحبها في الحياة أردت أن أضعها في لوحاتي.. ويبدو أن فيروز لا تزال تستكشف نفسها في كل مساحة بيضاء أمامها ، فكل لوحة تجربة بذاتها ولكن يغلب عليها حبها للألون.. خاصة وهي تجربتها الأولي في العرض وفيروز طويلة التي يعتبر هذا أول معارضها والذي استضافه مركز الجزيرة للفنون مؤخرا تبلغ من العمر 41 عاما ، كان عليها في صباح اليوم التالي للقائي بها أن تذهب للمدرسة .. ولم تقرر فيروز بعد إذا كانت ستتوجه لدراسة الفن أم أنها ستبقيه في حيز الهواية التي تهتم بتنميتها ولكنها ترغب بشدة في دراسة السينما وإن كانت ستصب بلا شك في فن الرؤية . وعن تجربة أول لوحة تقول فيروز : بدأت الرسم علي التوال منذ أربع سنوات، وكنت وقتها أستخدم ألوان الماء.. وقد اتجهت فيروز بعد ذلك لاستخدام الأكريلك الذي تجده خامة سهلة التعامل معها.. ولكن فيروز ترسم منذ طفولتها حيث كانت دائما ممسكة بأقلام تلوين وورق أبيض تتأمل العالم من حولها وترسمه منذ البداية . تجربة فيروز طويلة تجربة مشجعة للغاية أتمني استمرارها .. أتمني أن أري معارض أخري لها لأكون شاهدا علي رحلتها الفنية وعلي مشوارها الفني .. وكذلك أتمني أن أراها تتكرر في أبنائنا كثيرا .. وإن كانت هناك رسالة يحملها هذا المعرض فإن صداها يتردد داخلي بقوة .. علموا أبناءكم الفن.