أكثر من خمسة وعشرين عاما مرت منذ أن أقامت آخر معرض لها بالقاهرة، حيث سافرت أستاذة التربية الفنية لتقيم وتعمل خارج مصر .. ورغم تلك المسافة الزمنية الكبيرة إلا أن معرضها الذي استضافته قاعة أرت كورنر بالزمالك تحت عنوان "المرأة " اتسم بالإحساس المفعم الذي يتحدي حاجز الزمن . الفنانة ليلي علام استطاعت أن تقدم نساءها بمذاق مختلف في معرضها "المرأة" حتي أنني زرته أكثر من ثلاث مرات لأستمتع بحديث ألوانها ، وعالمها المدهش الغارق في التفاصيل والزخارف التي تشبه عالم الأساطير. وتتسم لوحات الفنانة ليلي علام بزخارفها متناهية الدقة وألوانها الصريحة المبهجة، وربما يرجع ذلك لاتباع الفنانة لأسلوب مدرسة الأرت نوفو أو الفن الحديث والذي يتسم بأن الخطوط المنحنية أساس التشكيل، وبالألوان المبهجة الصريحة، وكذلك يتسم بتوظيف الزخرفة النباتية، إلا أن الفنانة ليلي استبدلت الزخارف النباتية بموتيفات من الفن الإسلامي، حيث تري أن الزخارف الإسلامية مظلومة، رغم روعتها ، وأنه يمكن توظيفها في الكثير من الفنون مثل الديكور والملابس وغيرها بدلا من الاستعانة بالزخارف الأوربية. ويبدو أن الدفاع عن المظلومين والمهمشين يثير وجدان ليلي علام الفني، فبينما تعيد توظيف الزخارف الإسلامية للكشف عن روعتها، فإنها أيضا تدافع عن المرأة التي تري أنها مظلومة كثيرا في مجتمعاتنا الشرقية رغم أن الله كرمها في القرآن، حيث تقول أري أن المرأة في هذا العصر تحتمل أعباء كبيرة لأن دور الرجل تراجع خاصة بعد نزول المرأة للعمل وحملها أعباء البيت والأطفال. وقد ظهرت المرأة بعدة حالات داخل أعمال الفنانة ليلي علام، فهناك المرأة الشعبية التي تربي الحمام وتتواصل مع الجيران من البلكونات وهو نموذج يمكن أن نراه في المناطق الشعبية حتي الآن، وهناك أيضاً المرأة المثقفة التي تقرأ.. تمسك بكتاب في يدها تستكشف من خلاله العالم . ومن العناصر المتكررة التي ظهرت كثيرا في أعمال الفنانة ليلي، وقد عبر الحمام عن حالات مختلفة ، ففي تلك اللوحة التي جلست المرأة لتقرأ، ظهر الحمام ليعبر عن السلام والسكينة، أما مع المرأة الشعبية فقد ظهر كناية عن عمل المرأة. والمتجول بين أرجاء المعرض لا يفوته أن يتأمل تلك الوجوه السمراء البديعة التي احتلت ركنا خاصا بالمعرض ، وعندما سألت الفنانة أجابتني أنهم أهل النوبة، حيث تقول كنت أشاهد الأبنودي رحمة الله عليه بإحدي القنوات التليفزيونية، وسمعته وهو يقول إن أهل النوبة في مصر يعانون من التهميش ، ولذا قررت أن أقدم لهم تحية خاصة بالفن لأنهم جزء منا، وبدأت البحث علي الإنترنت، ودرست كل ما يتعلق بهم وكأنني أقوم ببحث تفصيلي، بما في ذلك شكل ملابسهم وملامحهم وكل ما يتعلق بهم من زخارف وغير ذلك. ورغم تجاوزها السبعين إلا أن الفنانة ليلي علام تحتفظ بروح الشباب المتقد ليس فقط في لوحاتها واختيارها للألوان، ولكن كذلك في تعلم كل ما هو جديد، فهي واحدة من أوائل من أجادوا استخدام برنامج الثري دي ماكس ، وهي دائما ما تبهر طلابها بالجديد والقدرة علي الخلق والإبداع التي لا تتوقف أبدًا. جدير بالذكر أن د.ليلي علام تخرجت في كلية التربية الفنية، قبل أن تسافر إلي قطر حتي عام 2002 قبل أن تنتقل إلي السعودية لتقوم بالتدريس في جامعة أم القري قبل أن تعود إلي القاهرة مرة آخري منذ حوالي ثلاث سنوات.