بعد طول انتظار وعناء حصل أخيراً علي مقعد، ألقي جسده عليه، تنفس بعمق، علاَ فجأة صوت امرأة، ثم صحبه أصوات مختلطة، لم يلتفت للصوت، نظر من النافذة، توقف الأتوبيس، صعد أناس كثر، الوضع يزداد سوءًا، الأصوات تتعالي، المرأة ما زالت تصرخ، تسب وتلعن، اهتم هذه المرة، حاول أن يفهم ماذا حدث؟ تساءل: هو في إيه؟ ظهرت المرأة وقد لطخت الدماء وجهها، كانت تنتحب، أفسح الركاب لها الطريق وهم يتساءلون: - فيه إيه يا ست؟ راحت تروي ما حدث بصوت متقطع. -ضربني، أستقوي عليه علشان أنا وحدة ست ضعيفة، أضربت قدمكوا وما حدش حماني. رد أحد الركاب مستهزئًا ببكائها. - ما خلاص بقي يا ست، أمسحي وشك وخلاص. فردت بمزيد من الألم. -ما فيش حد جابلي حقي ولا سيبتوني أخده بنفسي. ردت إحدي الراكبات. -منه لله لو ظلمك ربنا هينتقم منه. واستنكر آخر متسائلاً. دا راجل دا يضرب واحدة ست ويعورها بالشكل دا. ولم يتحرك المستنكر من مقعده ولم ينظر حتي للمرأة، ويرد آخر. - هو أنت شفت حاجة. - ما أنت شايف وشها غرقان دم. يمر طيف الصمت سريعاً، ويبقي صوت المرأة المتألم. يتوقف الأتوبيس مرة أخري لينزل ويصعد آخرون. يبدأ الصياح مرة أخري، فتاة تعاني من الزحام، وشاب يقتنص الفرصة، تنهال الفتاة عليه بالسباب، الشاب ينكر والفتاة تتوعده، إحدي الجالسات تنكر علي الفتاة صياحها، وترد أخري. -يعني عاوزاها تعمل إيه. -تسكت. - إزاي.. أنت بتقولي إيه، يعني لو كنتي مكانها تسكتي. -يعني مش أحسن من الفضايح. - لا بقي الفضايح أحسن، خليه يتربي. ينزل من الأتوبيس ويصعد آخرون، الزحام يزداد سوءًا والصراخ لا ينقطع.