نظم اتحاد الناشرين العرب، الأسبوع الماضي مؤتمرا صحفيا، بالاشتراك مع جمعية الناشرين الإماراتيين واتحاد الناشرين المصريين، للإعلان عن فعاليات مؤتمر الناشرين العرب الثالث الذي سيقام بالشارقة في الإمارات يومي 2 و3 نوفمبر المقبل، تحت عنوان "صناعة النشر.. آفاق وتحديات العصر الرقمي"، لبحث أمور النشر وتطورها. وكان المؤتمر الأول للناشرين العرب قد أقيم في الرياض عام 2009، بالتعاون مع كل من وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة العربية السعودية، وجمعية الناشرين السعوديين، تحت عنوان "مستقبل صناعة النشر في العالم العربي"، وذلك بمركز الملك فهد الثقافي، أما الثاني فاستضافته مدينة الإسكندرية عام 2013، بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية ومكتبة الإسكندرية، واتحاد الناشرين المصريين، تحت عنوان "تمكين المعرفة وتحديات النشر العربي" وذلك بمكتبة الإسكندرية. يهدف اتحاد الناشرين من خلال المؤتمر إلي تقديم منبر للناشرين، لإيجاد سبل معالجة للتحديات التي يواجهها قطاع النشر، والاستفادة من الكم الهائل من الفرص الجديدة التي باتت متاحة، وتجري فعالياته علي مدي يومين متتاليين، بواقع أربع جلسات يوميًّا تتناول مواضيع رئيسية، وسيكون هناك جلسات محددة مخصصة للتعارف، وبناء العلاقات وعقد الاجتماعات المهنية، ويستضيف المؤتمر جميع المشاركين من كل أنحاء العالم، خصوصًا العالم العربي. تنقسم محاور المؤتمر إلي 9 رئيسية، هي: أولاً :المكتبات، حيث تطورت المكتبات إلي أكثر من مجرد نقاط تجميع الكتب والبيانات، وترك هذا التطور أثرًا مباشرًا علي صناعة النشر، ومدي تفاعله مع هذه المؤسسات، وتتحدد نقاط النقاش المقترحة في: التحديات والفرص ضمن قطاع المكتبات، ما الخطوة التالية في تطور المكتبات؟، مدي فعالية المكتبات في العصر الرقمي، المكتبات مقابل مراكز المعلومات، إعارة الكتب الإلكترونية. ثانياً:. التعليم: يشكل النشر التعليمي أحد الأركان الأساسية لصناعة النشر، ومع تواصل وزيادة استخدام وسائل الإعلام الرقمية ضمن الفصول الدراسية، أثر ذلك علي النشر التعليمي، لذا تتضمن نقاط النقاش المقترحة: مبادرات النشر الرقمي، النشر الرقمي مقابل النشر التقليدي بالنسبة للفصول الدراسية، الموارد التعليمية التفاعلية. ثالثاً: الملكية الفكرية: باتت الملكية الفكرية القضية الأكثر تداولا في عصر المعلومات، ومع حرية تبادل المعلومات علي المستوي العالمي، ونقاط النقاش هي: كيف نحمي الملكية الفكرية في العصر الرقمي؟ ما مدي أهمية الملكية الفكرية في عالم البرامج المجانية؟ كيف تؤثر حماية الملكية الفكرية علي حقوق الناشرين؟ رابعاً:حقوق الملكية والقرصنة الرقمية: تلعب حماية حقوق النشر عنصرا حيويًّا لضمان الجدوي المالية لصناعة النشر، وتزداد صعوبة هذه الحماية في العصر الرقمي، ويناقش المحور: طرق محاربة القرصنة وإضعافها، طرق لحماية المحتوي الرقمي، تعزيز جهود مكافحة القرصنة- كيفية التأسيس لقانون يجرم القرصنة ويكافحها. خامساً: التوزيع الإلكتروني: تمثل القدرة علي ضبط توزيع المحتوي الرقمي عنصرًا أساسيًّا لضمان جدوي النشر الرقمي علي المدي الطويل، وتتضمن نقاط النقاش المقترحة: قنوات التوزيع الرقمي، ما الذي يصلح وما الذي لا يصلح؟ التقنيات الجديدة في التوزيع الرقمي؟ كيف نجعل التوزيع الرقمي مربحًا؟. سادساً: حرية النشر: غالبًا ما ينظر إلي العالم العربي علي أنه منعزل ولا يتقبل الآراء والأفكار الخارجية، وهذا ما يؤثر بشكل مباشر علي طريقة عمل صناعة النشر ضمن هذه المنطقة، وتدور محاور النقاش حول: ماذا تتضمن حرية النشر في العالم العربي؟ كيف يقوم الناشرون بالموازنة بين حرية التعبير والمحرمات، الاجتماعية السائدة في العديد من مجتمعات المنطقة، كيف بإمكاننا تغيير المفاهيم الدولية فيما يتعلق بصناعة النشر في العالم العربي؟. سابعاً: الترجمة واللغة العربية: تعتبر اللغة العربية من أكثر اللغات استعمالًا في العالم، ورغم ذلك فإن الترجمة من وإلي اللغة العربية لا تزال بعيدة عن مثيلاتها من اللغات الرئيسية في العالم، وتدور محاور النقاش حول: الترجمة والنقل الحرفي، مبادرات لتشجيع ودعم الترجمة، التأثير الثقافي للترجمة. ثامناً:. تطور قطاع النشر: وتدور محاور نقاشه المقترحة حول: التكنولوجيا الحديثة وكيف تؤثر علي مستقبل النشر، كيف تعزز الابتكار الرقمي في النشر، مواكبة الابتكار. تاسعاً : تطوير المحتوي: حيث ساعد الترابط الرقمي وانتشار الإنترنت حاجة هائلة لتطوير المحتوي، كما أوجد فرصًا للناشرين لتنويع نشاطاتهم، وتدور محاور النقاش حول: ماذا يعني تطوير المحتوي في مجال النشر؟ كيف يختلف تطوير المحتوي عن النشر التقليدي؟ كيف يمكن للناشرين الاستفادة من الحاجة للمحتوي الرقمي؟. وقد أشار المهندس عاصم شلبي، رئيس اتحاد الناشرين العرب، خلال المؤتمر الصحفي، إلي أن هذه الدورة تعكس دور اتحاد الناشرين العرب في تطوير مهنة النشر العربية لتلحق بالعصر الرقمي ونقل المعرفة بكل الوسائل الإبداعية والمتطورة، حيث تطورت صناعة النشر إلي مجموعة من الإبداعات والتطورات الحديثة سواء كان نشر الكتاب عبر الإنترنت أو الأقراص الإلكترونية أو أجهزة الأيباد وغيرها، كما أن النشر الإلكتروني أصبح له مساحة لا يمكن تجاهلها، خاصة وأننا في مرحلة تحول من الكتاب الورقي إلي الإلكتروني، ولذلك يعد المؤتمر فرصة جيدة لمناقشة كيفية مواجهة تلك التحديات والهموم والمشاكل التي تقابل النشر، مثل حماية حقوق الملكية الفكرية. وأضاف شلبي: "المؤتمر يعقد بالشارقة خاصة، لما أصبح لها من دور حيوي وهام في المنطقة العربية في نشر الوعي الثقافي والمعرفي، فهي أفضل المدن لمناقشة القضايا الراهنة التي تؤثر علي صناعة النشر في الوطن العربي، وبحث الحلول الممكنة للتغلب علي تحدياتها، واكتشاف التقنيات والطرق الحديثة التي يمكن من خلالها الاستفادة من التطورات الرقمية لتحسين صناعة النشر في الوطن العربي، وفي ذلك لابد أن أشكر الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلي لاتحاد دولة الإمارات وحاكم الشارقة، علي اهتمامه ورعايته الدائمة للناشرين والمؤلفين وكل محبي الكتاب حول العالم، وكذلك الشيخة بدور القاسمي التي تساند وبقوة كل مشروعات صناعة الكتاب الحديثة وتدافع عن حقوق الملكية الفكرية في الوطن العربي". وحينما انتقل الحديث إلي الدكتورة مريم الشناصي، رئيسة اتحاد الناشرين الإماراتيين، أكدت أن مؤتمر اتحاد الناشرين العرب في دورته الثالثة، سيكون متميزا عن دوراته السابقة؛ نظرًا لاستضافته في إمارة الشارقة بدولة الإمارات، واستطردت: "الحمد لله الذي حبا الإمارات بحاكم مثل حاكم الشارقة الذي يولي للثقافة اهتمامه الأول؛ حيث تعتبر الشارقة هي عاصمة الثقافة الإماراتية، وبوصلتها الأولي، وأؤكد أن المؤتمر سيشهد حضور العديد من القائمين علي صناعة النشر، وسيهتم بتأهيل المهتمين بالثقافة لمراعاة الحقوق الأدبية والمادية للآخرين، فذلك يتطلب أن تبذل كل دولة مجهودات ترعاها وسائل الإعلام لتوعية الناس". وأوضحت الشناصي أهمية صناعة الكتاب بالنسبة للاقتصاد العربي في السنوات القادمة؛ حيث إن صناعة الكتاب في الكثير من دول العالم الأوربي تمثل رقما هاما في ناتج الدخل القومي لهذه البلدان سواء عبر التأليف أو نقل حقوق الملكية الفكرية أو الترجمة وغيرها، ولذلك يجب الاهتمام بها أكثر لما لها من دور في صناعة الفكر، وأضافت: "كما يجب أن نخرج من عباءة بيع الكتب فقط كسلعة تسويقية، فمهنة النشر لها معايير وقيم محددة، وتلك التي يهدف المؤتمر إلي مناقشتها، وبحث الحلول الممكنة للتغلب علي مشكلاتها، واكتشاف تأثير التقنيات والطرق الحديثة التي يمكن من خلالها الاستفادة من التطورات الرقمية لتحسين صناعة النشر في الوطن العربي". ومن جانبه، قال عادل المصري، الأمين العام المساعد لاتحاد الناشرين العرب: "إن انعقاد المؤتمر بمشاركة اتحاد الناشرين العرب وجمعية الناشرين الإماراتيين وهيئة الشارقة للكتاب، خطوة جيدة لتأكيد أهمية صناعة الكتاب في الوطن العربي؛ حيث يشارك في هذا المؤتمر عدد من أعضاء اتحاد الناشرين الدولي وعدد من مسئولي الثقافة العرب وكذلك عدد من الكتاب والمفكرين والأدباء والمتخصصين في صناعة الكتاب، فضلا عن العديد من الحقوقيين في قضايا الملكية الفكرية في الوطن العربي، وهو فرصة لمناقشة قضايا النشر المهمة وكيفية مواجهة مشكلاته، ومنها التحول من الكتاب الورقي إلي الإلكتروني، والذي يضع عددا من التحديات أمام المهتمين بالنشر كحماية حقوق الملكية الفكرية، كما أنه سيكون فرصة جيدة ليتبادل من خلاله جميع الناشرين العرب خبراتهم وأفكارهم، لكي نخرج بنتائج فعلية، كما سيتم دعوة العديد من المهتمين بالنشر في عدة دول آسيوية وأفريقية". وفي مداخلة، استنكر محمد حامد، نائب رئيس الاتحاد الإفريقي وضعنا كمفعول به ولسنا فاعلين، لأن صناعة "الأي تي" في بلادنا العربية متأخرة جدا، فنحن نتبع ونسير في ركب أوربا، متأخرين عنهم بسنوات طويلة، فتقنية "أي بوب" مثلا ليست إنتاجًا عربيًا، ولكنه وارد إلينا، وأكد: "علينا أولا أن ننتج برامجنا وما يخصنا، لا أن نكون مفعولا بنا فقط"، واتفق معه الشاعر أحمد سراج، مطالبا أيضا بإضافة قاعدة جديدة لممارسة مهنة النشر تلزم الناشرين بهياكل وظيفية تقوم بدورها في عملية النشر، كالمراجعة والتصحيح وغيره، كما أشار بعض الناشرين الحاضرين إلي أن الناشر العربي يعاني من ضآلة التوزيع الإلكتروني العالمي؛ حيث إن أكبر المؤسسات العالمية مثل أمازون، وبوك ستور، لا تتيح الكتب باللغة العربية. وعلي ذلك، جاء رد عادل المصري، قائلا: "إن المواقع الشهيرة مثل أمازون هي في النهاية مؤسسات تجارية أكثر منها خدمية، وقد تواصل الاتحاد مع بعض تلك المؤسسات حتي تدعم تحميل الكتب باللغة العربية، فطلبوا أرقام مبيعات محددة لا يمكن ضمانها في بلادنا، وكان ردهم يسعي إلي الكسب المادي، قائلين (إذا عربنا الكتب فمن من شعوبكم سيقرأ!، أنتم أمة لا تقرأ)، فالشعب العربي لا يصرف أموالًا علي الكتب، وهذا ما يجعل تلك المؤسسات تبتعد عن ترجمة وتعريب الكتب وطرحها، خاصة وأن التعريب ليس بالأمر السهل، لأن اللغة العربية ذاتها ليست سهلة".