زار مصر ذات يوم الرئيس العراقى الراحل صدام حسين فى أول زيارة له خارج بلاده أثناء الحرب الطاحنة بينه وبين ملالى إيران وكان فى استقباله الرئيس المخلوع حسنى مبارك وعند استعراض حرس الشرف وعلى الرغم من أن صدام يرتدى زيه العسكرى ورتبة المهيب الركن تزين كتفيه فإذا به يكتفى بإيماءة من رأسه عندما أصبح أمام علم مصر وكانت إهانة بالغة لرمز مصر ومكانة مصر وشعب مصر ورئيس مصر ولكن أحدا لم يفتح فمه ولم يعترض صاحب رأى ولا صاحب قلم، ولكن الذى حدث بعد ذلك أن الرئيس مبارك زار العراق وحرص على أن يقوم بنفس الحركة القرعة التى قام بها صدام حسين.. تذكرت هذه الحادثة وأنا أستمع إلى كلام أبله وعبيط ولا محل له من الإعراب عن إهانة لحقت بمصر بسبب عدم مغادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز لطائرته وحرصه على لقاء الرئيس السيسى داخل مقصورته فى الطائرة الملكية.. والحق أقول أن الفنان الجميل محمد وفيق سألنى هل ستشاهد حفلا لاستعراض حرس الشرف للعاهل السعودى ؟! أجبت الفنان القدير بالنفى، ذلك لأن الملك عبدالله خضع لعدد من العمليات الجراحية فى العمود الفقرى وعلى الرغم مما يعانيه الملك فإنه كان حريصا على أن يثبت للقاصى والدانى أن لمصر المكانة الأعظم فى قلوب الشعب السعودى والأسرة السعودية وإذا عدتم حضراتكم بالذاكرة للوراء فإن الملك لم يقم بزيارة القاهرة إلا بعد مجىء رئيس أجمعت عليه الإرادة الشعبية المصرية وبالتأكيد لم يكن أحد من الذين أمسكوا بزمام الحكم بعد ثورة 25 يناير يستطيع أن يدعى أنه يحكم باسم الشعب سوى هذا الرجل الذى جاء فى موعده مع القدر فأنقذ المحروسة من مؤامرة دولية استهدفت تفكيك أقدم وأعرق دولة عرفها التاريخ، وهنا ينبغى أن نذكر للسيسى وللجيش المصرى الفضل كل الفضل فى منع هذه الكارثة.. ولكن ينبغى علينا ألا نغفل أن المؤامرة المحبوكة كانت تستعد للانتقام وأن مصر كان ينتظرها عقاب على المستوى الدولى لولا أن هناك رجالا يؤمنون بالعروبة ويعلمون تمام العلم أن سقوط مصر هو سقوط للأمة بأسرها فإذا تفككت مصر انحل وانفرط العقد العربى وعلى رأس هؤلاء الرجال يبرز أحد أبناء الملك عبدالعزيز بن سعود، وهو الملك عبدالله الذى حفظ وصية الوالد لا يحيد عنها أبدا لا هو ولا أحد من أشقائه. وهى الوصية التى خص بها الراحل الكبير مصر.. الشعب والحضارة والتاريخ والدور.. وقد استمعت من الولد الشقى طيب الله ثراه ما يثلج الصدور عندما زار المملكة ذات مرة ومعه فلتة عصره وكل العصور عمنا وتاج الرأس يوسف إدريس وكان اللقاء بين أدباء مصر مع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الذى كان يشغل منصب ولى العهد وكانت شهادة يوسف إدريس والسعدنى معا بأن هناك زعيما عربيا كبيرا سيكون على موعد مع التاريخ عندما يتولى زمام الحكم فى بلاده، ومع شديد الأسف تحققت نبوءة السعدنى ويوسف إدريس ولكن الموت كان قد غيب أديبنا العظيم يوسف إدريس، بينما افترس المرض السعدنى.. ولكن الأيام أثبتت أن الزعامة موقف وقد كان للمملكة العربية السعودية موقف.. بل قل أشرف المواقف وأنبلها على الإطلاق. فقد كرس الملك عبدالله كل إمكانيات السعودية وثقلها الدولى لدرء هذا الخطر الداهم عن مصر رمانة الميزان فى أمة العرب، ولعلنى أذكر حضراتكم هنا بالرحلات المكوكية التى قام بها وزير الخارجية السعودى والتى بدأت برحلة إلى العاصمة الفرنسية والتى كللت ولله الحمد بالنجاح بعد ضغط سعودى رهيب على الرئيس أولا لتغيير موقفه المعادى لثورة 30 يونيو وتحول الأمير سعود الفيصل رغم كل سنوات العمر وما خلفته من تداعيات أقول تحول الأمير إلى مقاتل شرس استنهض روح الشباب واستدعاها من الأعماق ليدير معركة استعادة الروح بتوجيهات من كبير القيمة عظيم الموقف الملك عبدالله وولى عهده سلمان ومن خلفهما كل أبناء هذا الشعب العربى الأصيل فى مملكة الخير، فإذا بالانفراجة الدولية بعد لقاء العاهل السعودى مع الرئيس الأمريكى فإذا بالموقف الدولى يتغير ويتبدل وإذا بمحور الشر يجر أذيال الخيبة، وهو يعود للخلف در.. نعم لقد بذل الملك عبدالله بن عبدالعزيز جهدا فوق العادة وهو يعلم تمام العلم أنه يبحر ضد التيار وأن مهمته عسيرة وأن هجمة تتارية جديدة قد خططت فأحكمت التدبير من أجل تغيير المنطقة بأكملها وأن مركز هذا التغيير الذى لو وقع سوف يلحق بالمنطقة بأسرها وأن المركز والقلب ورمانة الميزان ما هو إلا هذا البلد العظيم بأهله وحضارته ونسيجه البشرى وهويته الثقافية وإشعاعه ودوره التنويرى.
وما أعظم القدر عندما يستجيب لإرادة الشعوب فإذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلى.. ولابد للقيد أن ينكسر من لم يعانقه شوق الحياة.. تبخر فى جوها واندثر.
ما أعظم الدور الذى لعبته باقتدار وبحكمة مملكة الخير هذا الدور الذى سوف نخلده فى أنصع صفحات تاريخنا وسنحفظه فى مكان القلب.
إن هذه القبلة التى طبعها ابن مصر البار عبدالفتاح السيسى على جبينك أيها الملك والزعيم العربى الكبير ما هى إلا تجسيد لإرادة ورغبة شعبية اعترافا من شعب مصر بأسره لجميل سوف يطوق أعناقنا أبدا.. لقد أعز الله سبحانه وتعالى بكم الأرض المقدسة فى المملكة العربية السعودية.. هذه البقعة المقدسة لكل عربى ومسلم ، نسأل الله أن يديم عليكم الصحة والعافية وأن ترتفع بمقام هذا البلد الأمين إلى المكانة الأعظم.. مرحبا بك يا جلالة الملك فى سماء مصر وفى بحار مصر وعلى أرضها أسعد الله أيامك.. كما أسعدت أهل مصر جميعا !!