ومن بين مئات الحالات كانت حالة «ماجدة» الطفلة الصغيرة التى لم يتجاوز عمرها الثامنة.. ترى ابتسامتها تشك أنها تعانى من أى مرض.. تسمع ضحكاتها تجزم وتؤكد أنها ليست مريضة ولا تعانى من أى مرض، ولكن عندما تتصفح أوراقها تتأكد أنها مريضة، بل ينهشها المرض.. إنها ليست مريضة أنفلونزا أو إسهال.. ولكنه مرض أشد فتكا.. إنه السرطان اللعين.. ولأنها طفلة فإنها تلعب أو تحاول أن تلعب مثل أى طفلة فى عمرها فهى لا تدرى ما معنى كلمة «سرطان» ولا تعى ما يشعر به والداها. تتذكر الأم ما حدث للابنة المسكينة منذ عام تقريبا.. وتتذكر أنها حبيبة قلبها وابنتها الوحيدة نعم لديها ولدان آخران، ولكن هى قطعة من القلب تمنتها كثيرا وطلبتها من الله الذى لم يبخل عليها ورزقها بها وتتذكر كم كانت فرحتها بها.. لم تشعر بالارتباط والحب لأحد من الأولاد كما شعرت تجاه «ماجدة» طفلتها الجميلة التى أطلت عليها بوجهها المضىء.. لم تكن تأكل أو تشرب هى وزوجها ولم يكن يهنأ لهما طعام إلا بعد أن يطمئنا على فلذة الكبد وقُرة العين.. إنها لا تنسى الليلة التى باتت فيها الطفلة تبكى وتصرخ من الألم.. حرارة جسدها تشعل آلامهما.. عيناهما تفيض بالدمع.. وقفا مكتوفى الأيدى عاجزين عن تخفيف آلامها.. خرج الأب يجرى فى ظلمة الليل يبحث عن طبيب، ولكنه لم يجد فالأسرة تعيش فى إحدى قرى محافظة الدقهلية.. حاولت الأم أن تطمئنه بالرغم من النار التى كانت تشتعل فى قلبها ولكنها أكدت له أن الأطفال كثيرا ما يتعرضون للمعاناة وأخذت تحكى له وتذكره بما أصاب أولاد من قبل، بل أيضاً أولاد الأهل والجيران فى محاولة للتخفيف عنه.. ومرت ساعات الليل والدقائق طويلة كالدهر.. انتظرت ظهور الفجر الذى كانت تستعجله وهى تدعو الله من قلبها أن يحمى الطفلة من أى مكروه.. ذهبت هى وزوجها بالطفلة إلى المستشفى المركزى وأكد لهما الطبيب أن الطفلة مصابة بنزلة برد عادية لا تستدعى كل هذا القلق والخوف.. وصف لها الأدوية، ولكن الطفلة ظلت طوال الليل تعانى من ارتفاع درجة الحرارة ولاحظت الأم أن الطفلة تصرخ من الألم وتضع يدها أسفل بطنها.. حملتها إلى طبيب بعيادته الخاصة بعد أن استدان الأب ليضع حدّاً لمعاناة الطفلة ولكنه وصف نفس الدواء ظلت ماجدة على هذا الحال ثلاثة أيام لم ترى الأم فيها النوم أو الراحة إلى أن جاء اليوم الرابع ولاحظت الأم أن ابنتها تنزف دما.. وتعجز عن الوقوف على قدميها حملتها إلى الطبيب وقلبها يكاد ينفطر وبمجرد أن فحصها الطبيب طلب من الأم الذهاب بها إلى المستشفى لإجراء تحاليل وأشعة وفحوصات لمعرفة سبب النزيف وقد كان.. وظهرت النتيجة التى جاءت مخيبة لآمال الأب والأم.. كانت الأم تأمل أن تكون مجرد وعكة صحية وتذهب إلى حال سبيها، ولكنها كانت شيئا آخر.. طلب الأطباء من الأم حمل طفلتها والسفر بها إلى القاهرة ليتم عرضها على أطباء المعهد القومى للأورام لأن الأشعة والتحاليل تؤكد إصابتها بأورام بالرحم والقنوات المهبلية.. لطمت الأم على خدودها.. ماجدة طفلة وما هى أسباب إصابتها بهذه الأورام ولم تجد إجابة شافية.. حملت طفلتها على كتف وأحزانها على الآخر وجاءت إلى المعهد القومى للأورام وتمت إعادة الأشعة والتحاليل والفحوصات وكانت النتيجة أنها بالفعل مصابة بأورام سرطانية وتحتاج إلى دخول حجرة العمليات لاستئصالها.. الطفلة المسكينة أجريت لها جراحة وتم استئصال الرحم بالكامل والقنوات المهبلية وخرجت مصابة بتبول لاإرادى.. بكت الأم بدلا من الدموع دما على فلذة كبدها ولكنها مشيئة الله وإرادته ولا راد لقضائه وبدأت بعد ذلك رحلة علاج كيماوى وإشعاعى كلفت الأسرة الكثير من المال وكلها بالدين، فالأب يعمل عاملاً أجيرا ودخله لا يتجاوز ال 200 جنيه وهذا المبلغ لم يكن يكفى الأسرة من قبل فما بالنا وهناك طفلة مريضة تحتاج إلى مصاريف كثيرة ولم تجد الأم إلا أن تمد يدها طلبا للعون والمساعدة، فهل تجد؟ من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.