¢كانت أولي خطوات تجفيف منابع التدين. حسب المخططات الحديثة لمحاربة الإسلام. مطاردة الكتاتيب وإغلاقها وإضعاف دورها وإهمالها وقطع المعونات المادية عنها وصرف التلاميذ والأطفال بعيداً عنها وعدم العناية بالمحفظين¢. بهذه العبارة الموجزة القيمة لخصت الدكتورة ليلي بيومي دوافع الحرب علي الكتاتيب في دراسة لها بعنوان "دور الكتاتيب في حفظ الهوية الثقافية لأبنائنا". واوضحت أهمية "مؤسسة الكتّاب" . تلك المؤسسة الصغيرة العتيدة . بتأكيدها أن القائد التاريخي صلاح الدين الأيوبي أخذ علي عاتقه إصلاح شأن الكتاتيب والاهتمام بها علي مدي عشرين عاما قبيل انتصاراته الباهرة علي الصليبيين وتحرير بيت المقدس . فالكتاب مؤسسة صغيرة . تكلفتها بسيطة قوامها شيخ "معلم" ومساعده العريف . ولا تكلف الحكومة اي ميزانية . فالشيخ يتقاضي اجره البسيط من أهالي الصبية او من التبرعات الخيرية. ولكنها مؤسسة عتيدة في أهميتها لانها مدرسة التعليم الأولي التي تقوم بدور أساسي في الحفاظ علي ثقافة الأمة وهويتها . وتؤكد علي خطورة دور الكتاتيب الباحثة الفرنسية الدكتورة فاني كولونا. في كتابها "الآيات التي لا تقهر" الصادر في باريس عام 1993 بقولها : ¢إن عدم تمكن الثقافة الفرنسية من النفوذ إلي العمق الجزائري. وتوقف العملية الاستعمارية في الجزائر. مردهما إلي الكتاتيب القرآنية. إذ أنها رسخت مفاهيم أساسية ورؤية كونية في الصغار لم تتمكن البرامج الاستعمارية من القضاء عليها¢. واضافت : ¢أن أكبر خطأ وقع فيه الاستعمار الفرنسي إبان وجوده بالجزائر. هو السماح للكتاتيب القرآنية والزوايا بالتعليم القرآني. فالاستعمار لم يقدرها حق قدرها¢.. وتتميز شهادة كولونا بالمصداقية لانها ولدت بالجزائر عام 1934 وعاشت فيها فترة طويلة حوالي 59 عاما عملت خلالها أستاذه مساعدة في كلية علم الاجتماع بجامعة الجزائر وحملت رسالتها للدكتوراه عنوان "المعلمين الجزائريين بين عامي 1883-1939". وقامت بالتدريس في عدة جامعات جزائرية وأجرت أبحاثا متعددة في علم الاجتماع. بعدها. ثم انتقلت للإقامة في باريس حيث عملت مديرة للمركز الوطني للبحث العلمي. وعضواً في مختبر علم الاجتماع السياسي والمجموعة الأخلاقيّة في باريس حيث توفيت عام 2014. ويؤكد المؤرخ والأكاديمي الجزائري. محمد حربيپانها كانت شديدة الارتباط بالجزائرمسقط رأسها لدرجة انها أوصت قبيل وفاتها ان تدفن في قسطنطينة. وفي مصر كان للكتاتيب دور اساسي في تخريج الكثير من رموزنا الوطنية والفكرية التي قاومت المحتل البريطاني. وتشير المراجع التاريخية ان اللورد كرومر الحاكم الفعلي في السنوات ال 25 الأولي للاحتلال هو صاحب المقولة التي تزعم : ¢أن المسلمين لا يمكنهم أن يرقوا في سلم الحضارة والتمدن إلا بعد أن يتركوا دينهم وينبذوا القرآن وأوامره ظهريًا¢. ولتنفيذ مخططه قام عام 1906 بتعيين الإسكتلنديين دوغلاس دنلوب عام مستشاراً عمومياً لوزارة المعارف المصرية. وأعطاه صلاحيات واسعة تفوق تلك التي يمتلكها الوزير نفسه. فوضع خطة عمل مدروسة حارب فيها الكتاتيب والتدريس باللغة العربية. وأري من الضروري العمل بجدية علي عودة الكتاتيب للقيام بدورها التعليمي والتربوي . بدعم الكتاتيب الحالية. وفتح كتاتيب جديدة . والاهتمام بحفظة كتاب الله.