خلف سور القلعة الممتدّ، تقع المدينة القديمة، محميّةً بأبراج المراقبة والمدافع الكبيرة الصدئة ومنجنيق وحيد علي عجلات كبيرة من خشب فككته العصور، غير بعيدة عن ساحل بحر قزوين، رياح البحر الرطبة تثقل الهواء، وتجعل السير علي الطرق الصاعدة المرصوفة (...)
خلف سور القلعة الممتدّ، تقع المدينة القديمة، محميّةً بأبراج المراقبة والمدافع الكبيرة الصدئة ومنجنيق وحيد علي عجلات كبيرة من خشب فككته العصور، غير بعيدة عن ساحل بحر قزوين، رياح البحر الرطبة تثقل الهواء، وتجعل السير علي الطرق الصاعدة المرصوفة (...)
منذ أكثر من عام وهي تسمع صوتاً يحدّثها في أوقات متباعدة، لم تستطع معرفة ما إذا كان صوت رجل أو امرأة علي الرغم من تكرره، كلَّ مرّة يبدو علي نحو مختلف، في المرّة الأولي التي سمعته فيها وبدافع من شعورها بالخوف والمفاجأة ظنته صوت رجل، "رجل لا ريب"، قالت (...)
النظرة تجدّد الرغبة، الرغبة تقود النظرة كي تفتح باباً للحكاية، وتفصّل للحكّاء صوتاً من بسملات خفيضة، ما إن يعلو نهار المشهد حتي يغيب في صوت ماكينة الخياطة وقد أنزلتها السيدة ذات العباءة من علي رأسها، بعد أن ألقت بثمرة الرقي عن يدها وغاب عن عينيها (...)
أفعال التنوير نفسها محط أسئلة جديرة بالتأمل والمراجعة.
المغرب ليس بَلَدَ دَعارة وفسادٍ، ولا بَلَدُ سَحَرَة ومُشَعْوِذِين، بل إنَّه بلد حُرِّيَة وانطلاق، وبَلَدُ إنسان يفرح بالحياة، ويحْتفي بالنُّور، في مقابل الظَّلام
يستدعي السؤال حول واقع الأدب في (...)
(1)
كان وقتها في الصف الخامس الابتدائي، ضئيلاً إذا ما قيس بأقرانه، ولم تكن أسنانه اللبنية قد سقطت جميعها عندما رأي لأول مرّة صورة قناع بشري. علي جدار قليل النور بين خزانتين قديمتين، واسعتين ومتربتين، في مكتبة المدرسة، كانت صورة مزججة بإطار خشب رفيع (...)
تقترح رواية «كتاب النحات» لأحمد عبد اللطيف العودة لسؤال الوجود، لفكرة أولى طالما وقف أمامها الإنسان، وعيًا وتأملًا، وعاود مواجهتها، لا فى سبيل إيجاد جواب شافٍ لها فذلك أبدًا لن يكون، بل لاختبار قدرته على استعادة السؤال بما يحتويه من قلق وهو يحمل (...)
من حكاية مولّدة، مثل عين ماء الحياة، تنبع حكايات (ضريح أبي) رواية طارق إمام الصادرة عن دار العين 2013، عبر سلسلة من العجائب التي تتخذ من الموت مجمل ذرائعها، فالحياة التي تتولّد في طقوس الضريح مختزلة دورته الزمنية الواسعة تتشكّل عبر تنويعة سرديّة تقع (...)
يا فاتناً لولاهُ ما هزّني
وجدٌ ولا طعمُ الهوي طابَ لي
هذا فؤادي فامتلك أمره
واظلمه إن أحببتَ أو فاعدل
ماذا يعني أن تعشق السيدة، أم كلثوم، بعد الأربعين من عمرك، تنصت من كلِّ قلبك، تهيم بآهاتها، وتلينُ أحجارُ روحك في البحّة الفادحة؟
الترنيمة، وحدها، (...)
بين اللسان والنظرة، ومن خلالهما، يبني الياس فركوح في روايته (غريق المرايا)، الصادرة عن الدار العربية للعلوم ودار أزمنة، عتبة بمثابة الإهداء، وهو يُخيط قولاً في معني الكتابة ومعني الوجود، وجود الكاتب الذي يتأسس علي وجود الخيّاط وينبثق عنه، في محاولة (...)
إنه الصمت، صمت الصياد القديم، يوصل عبر خيط شفيف رسائله إلي جوف النيل، إلي كائناته الحرّة اللاهية، عينه علي قطعة الفلين مرّة، وعلي سطح الماء مرّة أخري، حيث تطيش النظرة مع الرجفة الآسرة ذاهبة نحو أفق بعيد، ستأتي الغمزة، يا إبراهيم، تعرف ذلك مثل أبناء (...)
قبل الدخول إلي القصة القصيرة، قبل الإنصات لصوتها الخفيض في لُجة أصوات العالم، والتفكير بمقاربات حياتها في لحظة عربية فاصلة، أقترح أن أستعيد حكايتين خاطفتين، الأولي تبحث عن سرّ من أسرار الحكمة والثانية تحكي عن دم النديم، وليكن هذان عنوانيهما: سرّ (...)
في كل مرّة يُعاد فيها ترتيب مشهد الثقافة العربية بناء علي هيمنة نوعية تتشكل بهدوء وتمهّل، مثل مياه جوفية، لتنبثق بعد إرهاصات ومقدمات، تطول أو تقصر، كما لو كانت تستأذن بالدخول بصوت خفيض، بانتظار انفجارها الذي سريعاً ما يغطي المشهد ويعيد بناء علاقات (...)
يرفع محمد خضير كتابه (السرد والكتاب) إلي "بستاني الطفولة الذي تلقيت علي يديه كتاب الطبيعة الأول"، وهو يمدُّ عتبة الإهداء جسراً بين أثر سابق وآخر لاحق في مشغله السردي، فما يزال البستاني يواصل إطلالته في حقل الكاتب، كما يواصل التجوال في أحلام كتابته (...)