وثيقة «حماس» تؤخذ عليها مآخذ كثيرة: على ركاكتها وتعثّرها وتناقضها الذاتيّ، وعلى ما تنويه قيادة «حماس» من ورائها، لا سيّما فى ما خصّ العلاقات الفلسطينيّة – الفلسطينيّة. شيء واحد ينبغى ألاّ تُنتقد عليه. هذا الشيء تحديدًا هو أكثر ما تعرّض للهجاء: إنّها (...)
القائد القويّ هو ما يستهوى رجب طيّب أردوغان. إنّه مثاله وبطله. الاستفتاء الأخير الذى أجراه كان له غرض أوحد: أن يسبغ الشرعيّة على قوّته الفائضة. على تحوّله زعيمًا لا ضوابط داخليّة أوخارجيّة، على قوّته. أهداف هذه القوّة كانت ظهرت قبل الاستفتاء: تدجين (...)
كلّ شيء بدا على ما يرام فى بيروت. الساهرون فى بيوتهم كانوا يسترخون أمام تليفزيوناتهم. التليفزيونات كانت تواصل برامجها المعتادة. بعض السياسيّين كانوا قد نبّهوا اللبنانيّين إلى نعمة الأمن قياسًا بأوضاع الجوار. سياسيّون آخرون كانوا قد طمأنوا إلى أنّ (...)
يجد دعاة «صراع الحضارات» حججًا كثيرة يدعمون بها ما يدعون إليه. فحروب الهويّات على أشدّها، والهجمة العنصريّة على الإسلام مستعرة، وبربريّة «داعش» ضدّ المختلف والآخر ساطعة، والعداء لليهود فى أوروبا يشهد بعض الانبعاث، واحتمالات الحرب التجاريّة بين (...)
نشهد، فى عموم المشرق العربي، على ما يقال لنا اليوم، كلّ ما يدعو إلى التفاؤل والثقة بالغد. لقد «تحرّرت» حلب و «تتحرّر» الموصل، ويستعدّ باقى العراق وسوريا لاستكمال «التحرّر»، فيما «يتعافى» لبنان من الشغور، وتتشكّل فيه حكومة عتيدة... هكذا يتراءى كم (...)
ليس كاتب هذه الأسطر داعية تشاؤم، كما أنه ليس أيضًا مولعًا بتيئيس القراء أو دفعهم إلى الإحباط. مع ذلك، من واجبات الكاتب إشعار القارئ بطبيعة المرحلة التى تُعاش، وتنبيهه إلى ما قد تنطوى عليه من مخاطر وتحدّيات.
وفى هذا المعنى، يصعب على من يتناول واقع (...)
أترجم للقراء عن الإنجليزية كثيرًا عن ياسر عرفات، لغز فى الموت كما فى الحياة. الرجل الذى مثل القضية الوطنية الفلسطينية، ولِد فى القدس أو غزة أو القاهرة، وتوفى فى مستشفى عسكرى فرنسى فى (نوفمبر) 2004.
ما سبق الفقرتان الأوليان من تحقيق عن متحف عرفات فى (...)
إذا استعدنا، بقدر من التصرف، عبارة لليون تروتسكى عن الفاشية، أمكن القول إن الحداثة المعولمة ابتلعت فى العقود الثلاثة الماضية الشيء الكثير، وهى ابتلعته بسرعة، وعلى نحو غير عادل. ولأن الأمر هكذا، فإنها لم تهضم هذا الكثير الذى ابتلعته، بل تقيأتْ بعضه. (...)
لئن كشف انتخاب دونالد ترامب عن الضعف الذى بات يعانيه اليوم النظام الديموقراطى، بل الحضارة الديموقراطية، فإن خطبتى هيلارى كلينتون وباراك أوباما، تسليمًا بالهزيمة وتمهيدًا لانتقال سلس للسلطة، تكشفان قوة النظام والحضارة هذين.
والحال أن الديموقراطية (...)
بتنا نملك ما يكفى من دراسات وكتابات ترصد السياسات الانتخابية في الولايات المتحدة، وظاهرة المرشح دونالد ترامب، للقول بأن الأخير «بطل الفقراء البيض»، ولا سيما منهم الطبقة العاملة. ذلك أن هذه الأخيرة تشكل القاعدة الأمتن والأعرض التي نهض عليها ترامب (...)
يُخيل للمراقب أن بلداننا، وفى موازاة حروبها الأهلية الكثيرة، تعيش حربًا دائمة على النساء. وكثيرون جدًا من رجالنا، فى قمم السلطة كما فى قواعد المجتمع، محتارون: إنهم ليسوا متأكدين تمامًا مما ينبغى فعله بتلك الكائنات الفائضة عن الحاجة.
فى يوم واحد، رأى (...)
فى 2003 كان المحافظون الجدد الأمريكيون أصحاب الرؤيا العربية انطلاقًا من العراق. دعوتهم النبوية كان مفادها التالى: أزيحوا صدّام حسين وأقيموا الديمقراطية فى بلاد ما بين النهرين، يتحول العراق نموذجًا جاذبًا لشعوب المنطقة التى تعثر، بعد طول انتظار، على (...)
فى أواخر 2014، أجرت قناة «العربية»، ممثلة فى الزميل طاهر بركة، مقابلة بُثت على خمس حلقات مع بول بريمر، ضمن برنامج «الذاكرة السياسية». وبريمر، الذى عُين مندوبًا رئاسيًا أمريكيًا فى العراق بعد حرب 2003، بات يحظى بشهرة عربية ذائعة بوصفه الرجل الذى هندس (...)
فى أوروبا اليوم، يكثر القائلون أنّ زمننا يكرّر الثلاثينيات التى سبقت الحرب العالميّة الثانية. فالحركات المتطرّفة، الشعبوية منها والقومية والفاشية، تقوى ويشتدّ عودها. وإذا ما قُيّض لدونالد ترامب أن يصل إلى البيت الأبيض، فهذا ما سيجعل الأطلسى فى حيرة (...)
من يتابع السجالات البريطانية بمناسبة الاستفتاء على الاتحاد الأوروبى، يلاحظ كيف توضع المصالح فى مقابل نزعات كره الغريب والعنصرية والتعصب. هكذا قيل، فى معرض نقد النتيجة التى انتهى الاستفتاء إليها، إن تلك النزعات مُضرّة بمصالح البريطانيين، تؤدى بهم إلى (...)
يوم أسود آخر، يوم تعيس آخر، لا لبريطانيا بل للحضارة والتمدن. يمين أوروبا المتطرف يضغط لإجراء استفتاءات مشابهة. دونالد ترامب يقترب خطوة من البيت الأبيض. الاقتصاد العالمى قد يكون فى مهب العواصف. التخويف من المهاجرين ينتفخ. اللقاح بين الفكر المحافظ (...)
ليس في وسع «بيروت مدينتي»، كما لم يكن في وسع «الحراك» قبلها، إسقاط النظام الطائفيّ، ولا حتّى إضعافه في أساسيّات اشتغاله. هذه بديهة لا تحتاج إلى أدلّة وبراهين. فالنظام الطائفيّ متن الحياة اللبنانيّة، وسواه هوامش. لكنّ هذا لا يلغي، أقلّه على صعيد (...)
قبل أيّام احتُفل بمرور ربع قرن على تحرير الكويت من غزو صدّام حسين. وكان لافتًا أنّ ذلك الحدث التحريريّ أثار من العواطف، على تضاربها، ما كانت أعمال التحرير من الغزاة والمحتلّين كفّت عن إثارته.
ذاك أنّه بين 1956، سنة العدوان الثلاثيّ وحرب السويس، (...)
من دون أن تغدو ثوراتٍ، كالتونسيّة والمصريّة والسوريّة والليبيّة واليمنيّة، فإنّ هناك اليوم أحداثاً وخضّاتٍ عربيّة يمكن أن نسمّيها استدراكاً على الثورات، أو ربّما استلحاقاً لها. فعلى تعدّد التجارب، وعلى خلافات جديّة في طبائعها، وفي مستوياتها، هناك (...)
منذ أن وُلد المقدّس في التاريخ وُلد المحرّم. فهذا الأخير الذي سمّاه البولينيزيّون القدامى «تابو»، ومنهم استعارت الكلمةَ لغاتُ الأرض، هو السور الذي يسوّر المقدّس كي لا تُنزع عنه قدسيّته فيصير عاديّاً، يتجرّأ عليه من طاب له أن يتجرّأ.
وقد يصحّ القول (...)
"إن معظم اللاجئين السوريين خارج وطنهم هم من الفئات غير القادرة على التعايش مع التعددية والنمط الحضاري الخاص بسوريا. وهكذا، فإن خسارتهم لا تُعد نزيفاً ديموغرافياً، في حين ينبغي إيقاف نزيف الكتلة الوطنية المدنية، التي تئن من الهاونات وانقطاع الكهرباء (...)
أطلقت الانتخابات العامّة البريطانيّة، قبل أيّام قليلة، عدداً من العناوين الصارخة: الفوز "المفاجئ" لحزب المحافظين، أخطاء مؤسّسات قياس الرأي العامّ، احتمالات انفصال اسكتلندا، مستقبل العلاقات البريطانيّة بأوروبا، القيادات التي سترسو عليها الأحزاب (...)
يتعلّق التدخّل الأجنبيّ، تعريفاً، بطرفين: الطرف الذي يتدخّل والطرف الذي يُتدخّل فيه، وهذا فضلاً عن الأطراف الثالثة التي يستهدفها التدخّل.
لكنّ ما يُلاحَظ أنّ مَن يتدخّل، أي الغرب عموماً والولايات المتّحدة خصوصاً، هو وحده الذي يناقش المسألة ويفكّر (...)
ليس أسوأ من القسوة الوحشيّة التي يبديها النظام السوريّ إلاّ نزعته الانتخابيّة المستجدّة. فالأولى التي تفتك بأجسادهم تحترم عقولهم أكثر من الثانية التي تهين هذه العقول بوقاحة قلّ نظيرها.
ذاك أنّ القسوة العارية تفترض أنّ السوريّين أقوياء ينبغي استئصال (...)
لئن ابتُذلت عبارة "عصرنا عصر السرعة"، تبعاً لكثرة استخدامها وشيوعها، فإن ابتذالها وشيوعها هذين لا يلغيان الكثير من عناصر الصواب التي تنطوي عليها العبارة المذكورة. والحال أن الصبر حيال العمليات الطويلة والقضايا المعقدة صار، في مجتمعات السرعة، أقل من (...)