البحوث الإسلامية يصدر عدد (ذي القعدة) من مجلة الأزهر مع ملف خاص عن الأشهر الحرم والحج    مدير «مستقبل مصر»: الرئيس السيسي كلفنا بإدارة التصنيع الزراعي في قها وإدفينا    وزير التجارة: توفير فائدة ميسرة لقطاعي الصناعة والزراعة بقيمة 120 مليار جنيه    وزيرة الصناعة: مصر تستهدف نمو القطاع الصناعي بما يتراوح بين 20-25% سنويا    رئيس جهاز حدائق العاصمة يوجه بسرعة تنفيذ وحدات سكن لكل المصريين بالجودة المطلوبة    تقلص العجز التجاري في بلغاريا خلال مارس الماضي    «تضامن الشيوخ»: انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا يؤكد دعمها للقضية الفلسطينية    طلائع الجيش يفقد إسلام محارب أمام الإسماعيلي    رئيس فيوتشر يكشف حقيقة الخلاف مع تامر مصطفى.. وسبب تعيين طلعت يوسف    «التعليم»: أسئلة امتحانات الصف الأول الإعدادي 2024 في مادة الجبر واضحة وبسيطة    جدول مواعيد تشغيل القطارات الإضافية بمناسبة عيد الأضحى 2024    دراسة جديدة تحذر من رش ملح إضافي على الطعام    المديريات تبدأ في قبول اعتذارات المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية 2024    توقعات الأبراج، حظك الثلاثاء 14-5-2024، الميزان والعقرب والقوس    الأوبرا تحتفى ب«عمار الشريعي» على المسرح الكبير    النقل تكشف موعد التشغيل التجريبي للمرحلة الأولى من السيارات الكهربائية بالعاصمة الإدارية    شعبة الأدوية: السوق يواجه نقصا غير مسبوق في الدواء ونطالب مجلس الوزراء بحل الأزمة    ثلاثة لاعبين مصريين في الجولة الثالثة من بطولة العالم للإسكواش    نيمار يقلد رونالدو بعد تتويج الهلال    كولر يستفسر عن حالة المصابين مع طبيب الفريق قبل موقعة الترجي    تداول امتحانات الترم الثاني 2024 لصفوف النقل عبر تليجرام    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    تغييرات في الحكومة الروسية وإقالة وزير الدفاع.. كيف يستعد بوتين لحرب طويلة الأمد؟    خلال 24 ساعة.. رفع 46 سيارة ودراجة نارية متهالكة من الميادين    خلال 24 ساعة.. تحرير 544 مخالفة لقائدي الدراجات النارية لعدم ارتداء «الخوذة»    السفير الأمريكي لدى إسرائيل ينفي حدوث تغير في العلاقات الثنائية    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 16 صاروخا و35 طائرة مسيرة من أوكرانيا خلال الليل    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون مع مقاطعة صينية لإقامة مشاريع زراعية    فيلم «السرب» يحتفظ بصدارة قائمة إيرادات السينما    شيخ الأزهر يزور مسجد السيدة زينب بعد الانتهاء من عمليات التجديد    العمل تشارك فى احتفالية الاتحاد المحلي لعمال أسيوط    4 إجراءات لتعزيز المنظومة البيئية للسياحة العلاجية والاستشفائية في مصر    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    الأرصاد الجوية : طقس حار على أغلب الأنحاء معتدل على السواحل الشمالية    شقيقان يقتلان شابا فى مشاجرة بالسلام    حظك اليوم الإثنين، رسائل لبرجي الأسد والميزان (فيديو)    الدفاع المدنى فى غزة: انتشلنا جثامين 10 شهداء من حى السلام شرق مدينة رفح    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة محافظتي القاهرة والإسكندرية للعام المالي 2024/ 2025    أول تعليق من الأزهر على إعلان انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    اليوم.. خطة النواب تستكمل مناقشة موازنة البرامج للهيئات الحكومية    الافتاء توضح حكم ارتداء المرأة الحجاب عند قراءة القرآن    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    عقد مناظرة بين إسلام بحيري وعبدالله رشدي حول مركز "تكوين الفكر العربي"    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    مؤلفة مسلسل «مليحة»: استخدمنا قوة مصر الناعمة لدعم أشقائنا الفلسطينيين    هل يجوز التوسل بالرسول عند الدعاء.. الإفتاء تجيب    وزير التعليم: طلاب المدارس الفنية محجوزين للعمل قبل التخرج    بعد تعيينها بقرار جمهوري.. تفاصيل توجيهات رئيس جامعة القاهرة لعميدة التمريض    أزهري يرد على تصريحات إسلام بحيري: أي دين يتحدثون عنه؟    لا أستطيع الوفاء بالنذر.. ماذا أفعل؟.. الإفتاء توضح الكفارة    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك أن تستجيب دعواتنا وتحقق رغباتنا وتقضي حوائجنا    مفاجأة.. نجم الزمالك يكشف مكسب الفريق في مباراة نهضة بركان    وزير التعليم: هناك آلية لدى الوزارة لتعيين المعلمين الجدد    مخاوف في البرازيل مع ارتفاع منسوب الأنهار مجددا في جنوب البلاد    منها تخفيف الغازات والانتفاخ.. فوائد مذهلة لمضغ القرنفل (تعرف عليها)    مستقبل وطن بأشمون يكرم العمال في عيدهم | صور    نهائي الكونفدرالية – موعد مباراة العودة بين الزمالك ضد نهضة بركان والقناة الناقلة    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة تعيسة في بيروت
نشر في البوابة يوم 27 - 02 - 2017

كلّ شيء بدا على ما يرام فى بيروت. الساهرون فى بيوتهم كانوا يسترخون أمام تليفزيوناتهم. التليفزيونات كانت تواصل برامجها المعتادة. بعض السياسيّين كانوا قد نبّهوا اللبنانيّين إلى نعمة الأمن قياسًا بأوضاع الجوار. سياسيّون آخرون كانوا قد طمأنوا إلى أنّ العهد الجديد لا يقلّ عن عصر جديد.
فجأة تأهّب مشاهدو التليفزيون المستلقون على كراسيهم. عدّلوا جلستهم المسترخية وأصابهم شيء من الاستنفار. فجأة تحوّلت القناة التليفزيونيّة إلي موقع حربي، وصار السؤال: هل يسقط هذا الموقع ومتى يسقط؟
قليلون جدًّا هم الذين صدّقوا أنّ شربل خليل ومحطّة «الجديد» أهانا الإمام موسى الصدر. ولنقل، بالصراحة التى تعكس الحساسيّات اللبنانيّة المعروفة، إنّ من المستبعد، إن لم يكن من المستحيل، أن يتجرّأ صاحب محطة سنيّ وصاحب برنامج مسيحيّ على رجل دين وسياسة يُنسب إليه تأسيس الشيعيّة السياسيّة فى لبنان. وهذا فضلًا عن أنّ الصدر، لم يعد فاعلًا سياسيًّا منذ تغييبه قبل قرابة أربعة عقود. ثمّ إنّه، ولا سيّما بفعل تغييبه الظالم، محطّ تعاطف واسع عابر للطوائف.
هكذا بدا طبيعيًّا أن تتّجه الأنظار فورًا إلى أسباب أخرى وراء الغزوة «الجماهيريّة» التى حاصرت المحطّة والعاملين فيها: هناك الودّ المفقود بين رئيس مجلس النوّاب نبيه برّى وصاحب القناة التليفزيونيّة تحسين خيّاط، وهناك عموم الخريطة السياسيّة، فى ظلّ عهد جديد واحتمال قانون انتخابيّ آخر، وربّما وضع مختلف فى المنطقة. هذا بدوره قد يحضّ الأطراف السياسيّة الفاعلة على استعراض قوّتها وتأكيد أهميّتها فى موازاة التحوّلات المقبلة والممكنة. لحالات كهذه، هناك معادلة شهيرة ترجع إلى عهد عنترة بن شدّاد: اضرب الضعيف ضربة يطير لها قلب القويّ!
لكن ما تعرّضت له قناة «الجديد» «وموقّع هذه الأسطر ليس من عشّاقها» أخطر وأبشع من أن يمرّ مرور الكرام. ففى تلك الليلة التعيسة، قُدّمت عيّنة باهرة على الحياة اللبنانيّة الراهنة، وعلى موقع الحرّيّة فى توازناتها الفعليّة.
واقع الإعلام وأزماته فى لبنان، صار يستدعى النظر بعين أوسع. الكلام عن حكم المؤسّسات وسيادة القانون، والذى لم يُحمل مرّة على محمل الجدّ، صار لا يُحمل إلاّ على محمل التشدّق.
أبعد من هذا وأهمّ، ذاك الأساس التحتيّ الذى يحكم العيش اللبنانيّ، والذى جاءت ليلة «الجديد» تكشف على نحو بليغ رخاوته وتهافته. فالمؤسّسات والحرّيّات شيء والمقدّس المحميّ بالسلاح شيء آخر. والشيئان لا يلتقيان بتاتًا. المقدّس الذى قد يكون قضيّة سريعًا ما يتقلّص إلى زعيم أو مرجع أو قطب. والسلاح المقدّس الذى يقال إنّه مخصّص للعدوّ ينشر فى المجتمع حالة سلاحيّة قد تكتفى بالمفرقعات، كما فى تلك الليلة المشئومة، وقد لا تكتفى بالسلاح، كما فى 2008، ولا باستدعاء الحرب، كما فى 2006، ولا بالاغتيالات، كما فى 2005.
فليس صحيحًا ما قاله رئيس الجمهوريّة من أنّ لا تناقض بين الدولة والسلاح الذى ليس فى يدها. وليس صحيحًا أنّ لا تناقض بين الدولة، ومعها المؤسّسات والحرّيّات المكفولة بالقانون، والمقدّس. والواقع وتجارب الماضى القريب تقنعنا بأنّه كلّما زادت قداسة المقدّس «أمين عام حزب الله مثلًا، أو القضيّة التى ينتدب نفسه لتمثيلها» زادت احتمالات الدوس على الحرّيّات والمؤسّسات والدولة.
ذاك أنّه ما من شيء مقدّس إلا المقدّس، أى المنزّه عن الحياة الزمنيّة والسياسيّة. غير ذلك عنف دائم، ظاهرٌ مرّةً كامنٌ مرّة أخرى، وبضعة شبّان هائجين يسهل تجميعهم ودفعهم إلى حيث «ينبغى» أن يندفعوا. وهذا يبقى السلم الذى «نُحسَد عليه» هشًّا جدًّا وظاهريًّا جدًّا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.