كلما قفزت أمامى نظرية «الغاية تبرر الوسيلة» يتجسد الواقع بكل تفاصيله، فمن الممكن تدمير وطن ببث الإشاعات وتأكيد مصداقيتها، وزرع الفتنة وريّها بالأفانيد، ليكون ذلك وسيلة للوصول إلى مخطط الرعب الذى يحاك لأوطاننا تحت شعار «فرّق تسُد» بتعديل بسيط استبدل (...)
من شرفةٍ ذات إطلالةٍ نيليةٍ، انطلقت الروح حاملة مشاعر خوف وحب.. وألم وشوق، حيث أربع نخلات يتمايلن حسرة على جانب النيل، كأنى أراهن يذرفن حزنا يتساقط على صفحته، يغتسل بجلاله وكبريائه فى مواجهة التحديات.. وغضبته المتفجرة من شرايين الحلم حين ينتفض الغيظ (...)
رأيت فى حلمٍ ما بين يقظة ونوم، المجلس العسكرىّ قد استجاب للمتظاهرين فوضع طبقاً فضيا مليئاً ب(نبق) سكّرىّ مختلف الألوان والأحجام يتوسطه مفتاح «مصر» على مائدة عامرة، يفصل بينها وبين أرتال بشرٍ خطّ يمتد بين نار وجنّة.. بشر ترتفع رقابهم فوق رقاب البعض.. (...)
ما إن علمت بحفل الفنان «صفوان بهلوان» على مسرح الأوبرا حتّى أسرعت والأصدقاء لحجز أماكن لنا بين زحام عشّاق الفن الراقى.. أمَنّى النفس بمنفذٍ أستنشق من خلاله نسيم السكون.. وفن أُطهّر به السمع من أصواتٍ «أنْكَر من الأنْكَر» وما يفصّل لها من كلمات كأنها (...)
بينى وبين السفر بالقطار علاقة وثيقة منذ فرَدَ لى الخيال زنديه يحملنى حيثما تشتهى الروح.. نتهادى على صوت خطواته المنسابة بين أنهار وغابات وجبال.. لتبقى الرحلة الأقرب والأحبّ إلى النفس هى «القاهرة - إسكندرية» فى فصلى الخريف والشتاء.. حيث الحقول (...)
عندما ينحدر المزاج من فوق مزالق السخرية التى «تزغزغك » بمخالب الحزن، يتوقف الكلام وتستحيل الدموع حبّات جليد.. عندها لا خيار لك إلا السفر على قارب الروح، يتهادى بك فوق أمواج خيال إلى برزخ أثيرىّ لا مكان فيه لمشاعر غضب نارىّ يحرق ما تبقّى من رغبة (...)
يسحرنى الثلج حين يعترش الجبال والحقول كعرائس الأساطير المتبخترة على بساط لؤلؤى.. تزفها قلوب عذراء تتساقط رذاذا ثلجيا كزهور الياسمين.. ليأخذنى ذلك فى رحلة غيبوبة رومانسية تفك إسار الروح وتطلقها من سجن الحيرة والتناقضات والصراعات ونار الفوضى إلى دفء (...)
لمن نكتب وزبائن الفضائيات لاحصر لهم ولا عد؟ وماذا نكتب والأحداث واحدة فى كل مكان ونحن تائهون فى ليلها؟ والاختلاف الوحيد ربما فى الأسلوب ووجهة النظر.. فهذا مع الإسلاميين وذاك مع الليبراليين أو العلمانيين.. وهذا مع المجلس العسكرى وذاك مع المعتصمين.. (...)
ما كنت أودّ الخوض فى موضوع خضت بحره كثيراً بسفينة الحزن على ما أصابه من فقر حِرَفى عار من المصداقية، سواء فى فترة تصنيع الآلهة قبل الثورة أو عبثيته فى نقل المعلومة وتجنيد بعض ممن أوليناهم إعجابنا بحضورهم وفكرهم..
فى ضرب الأسافين فى جسد الوطن بعد (...)
عندما يسقط القناع عن زيف مشاعر من تحب، ويوقظك زلزال الحقيقة من حلم يغفو بين هدبى وهم، تتفاوت ردود الأفعال بين هشّ تنتابه نوبة إحباط ونواح لاينتهى وصَلبٍ مُتَحَدٍ كما طير مذبوح يرقص وجعا على حبال الأمل ينقش الفشل على قاموس التجارب درسا لا ندما، (...)
لم يكن ابن تلك الأسرة الصديقة سوى كائن فاشل تعذّر عليه إتمام دراسته، مما حدا بوالده لأن يضمّه إلى شركته لعلّه ينجح فى مجال التجارة، لتكون النتيجة «فاشل بامتياز». فلم يكن يجيد سوى السهر ومطاردة الفتيات ومصاحبة رفاق السوء، حتى جاء قرار طرده من بيت (...)
سألتنى عند عودتها إلى مصر بعد غياب عمّا يشدنى إلى هذا الوجوم والحزن الرمادىّ والحذر المرسوم على الأفق والوجوه.. وأستبدل سكنى هنا بمكان آخر أكثر أماناً؟
سألتنى لم تكن تدرى بتلك الرابطة التى تجاوزت المسمّيات!
ونصحتنى دون أن تدرى بأننى لست (عواد الذى (...)
هل تراها انتهت تأشيرة حلم اليمامة؟ وهل للحلم تأشيرة كتلك التى فرضتها الأنظمة لدخول أوطاننا؟ وهل ترانى أستطيع تمديدها من قنصلية (القدر)؟ ربما «نعم» وربما «لا»، وربما ما أكتبه اليوم لا يعدو سوى تهيؤات وهلْوَسات ما هى إلا إفراز مهدّئات ومسكّنات ونشوة (...)
هو صديق حميم لدود (لا يبلع لى زلط.. ولا يفوّت لى غلط).. وهى الصديقة الأقرب من الهدب للعين.. هو يسألنى النزول إلى الشارع كما الكبار من المفكرين أتحدث عن محاكمة ودستور وقوائم وطنية ورئيس قادم..
ولا أدرى أىّ شارع يعنى؟ وأىّ كبار؟ أى شارع ذلك الذى ضَمّ (...)
(أخاف عليكِ وعلى مصر من مصر.. فعودى ولا تُقلقينا يا أمى).. رسالة جاءتنى من ابنتى ترجونى فيها مغادرة مصر خوفاً من وضع يتأرجح بين ثورة حقيقية وأخرى مضادة.. وغد تائه الخطوات على درب مزروع بالغوغاء.. وأمان تعبث به ريح فتنة وأصداء خطابات مشوشة.. وحقيقة (...)
(سلام من صبا بردى أرقّ / ودمع لا يكفكف يا دمشقُ) يحلّق بى «أمير الشعراء» فوق سحابات دموع تدور بى تستصرخ إرادة الثوّار.. تنهمر مطهّرة جراحهم من رصاص أصحاب السيادة .. تحطّ بى فوق سماء «درعا» الثائرة تستقرئى الواقع على ضوء الأمس وتستحضر على صدى (...)
(ستظلّين تبحثين عن الفارس حتى لو ظهر !) قالها لى أستاذ فاضل قبل أن يظهر آلاف الفرسان هنا وفى كل وطن تفجَّر فيه بركان ثورة.. وقد صدق.. فها أنا اليوم أندفع بين ثوّار ليبيا، روحا تبحث عن فارس زلزل صوته العروش حين توسّط جيشه قائلا: (أيها الناس أين (...)
يتعبنى ذلك الصراع الخفىّ بينى وبين الذات، والذى ماينفك يداهمنى كلّما تغشّت وجه الحقيقة سحابات الفوضى الحبلى بالتناقضات المستفزة آلام مخاض يشتد.. والولادة متعسرة حيث لا مقصّ ولا طبيب.. وحبل الأحداث يلتف بعنف حول رقبة جنين ينازع من أجل الحياة ومن أجل (...)
كم معقدة هى النفس البشرية.. وكم صعب هو اختراق طبقاتها، خاصة تلك المدلهمة بالوسواس والوهم المتأصل فى تفاصيلها.. لست عالمة نفس، بل مسافرة بين أروقة علمها يحلو لها الغوص فى بحرها.. تسحبها نظرة عين أو جملة لفظية أو سلوك ما ليوصلنى ذلك كله إلى الأسلوب (...)
مشهد ككل مشاهد الثورة الممعنة حزنا وفرحا.. كان ذلك يوم النصر وما تبعه من تنظيف للميدان لم أره أرضا ومكنسة.. بل ماضياً ملوّثاً طهرته أنفاس الثورة، ومخلفات عصر كهل كنستها يد الحاضر يتلوه مشهد شباب يعتلون قاعدة أسَدىْ الكوبرى المجسدين شجاعة المصريين.. (...)
أسئلة وعلامات تعجب واستفهام وملحمة غضب توقظ صيحاتها المجلجلة انتشاءات الحلم.. تسافر بى من ميدان نصر وتحرير شهد أروع ما فى العالم من ثورات تفجرت من ضمير وطن اختاره التاريخ محوراً لحضارات وانتفاضات أمة توحّدت بنبضه وارتبطت بمصيره وتشابكت بنسيجه.. وطن (...)
بين شوق ورغبة وغبطة أقف عن بعد كما طفلة متبناة ترقب متبنيتها على استحياء حين يجتمع شمل أبنائها الحقيقيين.. تضمّهم أحضانها بعد غياب فى متاهات الصمت المزروعة بمسامير الفساد والاستبداد والسياط المدهونة بالاستعباد والقسوة الشبقة للدماء وانحناءات (...)