كلما قفزت أمامى نظرية «الغاية تبرر الوسيلة» يتجسد الواقع بكل تفاصيله، فمن الممكن تدمير وطن ببث الإشاعات وتأكيد مصداقيتها، وزرع الفتنة وريّها بالأفانيد، ليكون ذلك وسيلة للوصول إلى مخطط الرعب الذى يحاك لأوطاننا تحت شعار «فرّق تسُد» بتعديل بسيط استبدل «تسد» ب«قسِّم» والذى هو الغاية الأهم التى تستخدم لها وسائل الفرقة والعبث بالأمان والعقول.. فرّقوا السودان وقسموها.. فرقوا العراق وقسموا ومازالوا، ومازالت علامات الاستفهام تتدلى من عنق الغد عمن سيأتيه الدور غداً؟ وإلى متى سنظل مستلقين على أرائك الغفلة نغمض عيوننا عن بريق المخطط المنبئ عن انفجار مرعب إذا مانفّذت إيران تهديداتها المحتقنة إصراراً لدول الخليج؟ وعما يُعدّ لسوريا ولبنان وما تحاول يد العمالة أن تزرعه فى مصر من فرقة وفوضى واتهامات تقذفها النخب وأتباعها فى وجه بعضها البعض يؤججها إعلام لا يكل ولا يمل من النعيق. وعفوية مقصودة وغير مقصودة، ليس لها إلا تعليق الأسباب على مشاجب الآخرين من عرب إلى أجانب إلى مركز البلاء (أمريكا وإسرائيل).. نعم (أمريكا وإسرائيل) لم يتوقفا لحظة عن التفكير فى احتلالنا وتدميرنا بالفرقة وقتل بعضنا البعض بمواجهات لا ترضاها إنسانية ودين، نعم (أمريكا وإسرائيل) لم يغمض لهما جفن حتى اخترقتا عقيدتنا وجعلتانا مللاً وطوائف وتنظيمات دموية حوّلت تكفيرها وغضبتها لأبناء جلدتها وتركت العدو الأهم، نعم (أمريكا وإسرائيل) وراء كل فرقة وتقسيم وتزوير وجهل وبلطجة وتفجيرات ودماء، ووراء كل نظام علمانى أو إسلامى، وكل مواجهة بين التيارات المختلفة لا يهمها غير نتيجة تتيح لها التدخل بحجة رأب الصدع مقابل فواتير باهظة ولىّ ذراع.. نعم أمريكا كل هذا! فأين نحن من بعض هذا وكله؟ أين نحن ممن ساعدوها ومهدوا لها الطرق لتكون كل هذا؟ من سلّمها رقاب أوطاننا ورقابنا؟ من سوى خوفنا وصمتنا ولا مبالاتنا وخنوعنا وخوف ولاة أمورنا على كراسى السلطة؟ مَن غير عملاء، غسَلَ الجشع أدمغتهم فاستعبدتهم الأجندات وسخرتهم لتنفيذ مشاريعها؟ مَن غير جواسيس وسماسرة من أبناء الوطن العاقين تاجروا ببيع الأوطان قطعة بعد قطعة؟ الصورة صارت واضحة بعد ما شاهدناه من أحداث إقليمية وداخلية وحدودية راح ضحيتها الأبرياء.. فهل لنا بعد هذا أن يأخذنا الإثم ونظل نخوض فى غمار الإشاعات والسباب والمعايرات والافتراءات مع الخائضين؟ ألا يجعلنا الحرص على مصير أبنائنا وأوطاننا أن نسلط الضوء على القادم من مفاجآت كارثية تدفعنا إلى أن نتجاوز الخلافات والسفسطات ونتخذ الحوار والنقد البناء وسيلة لحل المعضلات؟ ألا يستطيع النظام أن يثبت وبشفافية استقلاليته باتخاذ القرارات دون أن يمليها عليه كائن من كان؟ أما آن لمحبى الوطن أن يوحّدوا الرؤى والهدف ويتطهروا من شوائب القمع الفكرى و(يا فيها يا أخفيها؟؟).. الاتحاد قوة، فاتحدوا وفقكم الله لتغلقوا كل منفذ أمام مدمرى الأوطان قبل أن يفوت الأوان وتسحقنا عجلة التقسيم أو الاحتلال.