أكد قانونيون ضرورة استجابة مجلس الشوري لملاحظات المحكمة الدستورية العليا علي قانوني الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية لمنع الطعن بعدم الدستورية مجدداً. وأوضحوا أن «الدستور» الذي صاغه الإخوان والسلفيون في الجمعية التأسيسية يشترط الرقابة السابقة للمحكمة علي دستورية مشروعات القوانين قبل إقرارها. وحذر خبراء القانون «الإخوان» من التلاعب وأكدوا ضرورة احترام مجلس الشوري لملاحظات الدستورية منعاً للطعن محذرين مجدداً من الدخول في نفق مظلم حال تجاهل إقرار التعديلات المطلوبة. قال عصام الإسلامبولي، المحامي بالنقض: لابد من إجراء التعديلات اللازمة علي المواد التي رأتها المحكمة الدستورية العليا أنها تتطلب ذلك، لأنه في حالة قيام مجلس الشوري بتمرير قانون الانتخابات دون اعتبار لما أبدته المحكمة الدستورية من ملاحظات عديدة بشأن مواد بعينها.. فمن حق أي شخص - مهما كانت صفته - أن يتقدم بالطعن أمام المحكمة علي القانون لندخل في دائرة مفرغة من عدم الدستورية. وأضاف «الإسلامبولي»: من واجب المحكمة الدستورية أن تباشر الرقابة اللاحقة طبقاً للدستور الحالي، ومن الممكن أن تلغي القانون بعد صدوره إذا لم يلتزم مجلس الشوري بإعادة صياغة القانون بما يتضمن معالجة القصور الذي تضمنه مشروع القانون. وأوضح «الإسلامبولي» أن أهم الملاحظات علي مشروع قانون الانتخابات والتي طالبت بها المحكمة الدستورية هي السماح للعسكريين من الجيش والشرطة بالتصويت في الانتخابات، اما عن التناقضات بين مشروعي قانوني مباشرة الحقوق السياسية وانتخابات مجلس النواب، حيث ينص الأول علي معاقبة المرشح الذي يتلقي أموالاً من الخارج بشطب اسمه من الانتخابات، بينما ينص الثاني علي معاقبته بالحبس مدة لا تقل عن عام كامل وبغرامة تتراوح بين 50 ألفا ومليون جنيه؛ كما أن المادة رقم «61» من مشروع قانون الانتخابات تنص علي معاقبة من يخرق حظر الدعاية الانتخابية، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة 510 آلاف جنيه، وينص مشروع قانون مجلس النواب علي الحظر ذاته وعقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة 520 ألف جنيه، مشدداً علي ان معيار تقسيم الدوائر الانتخابية يستوجب حسابه بما يتناسب مع عدد سكان في المحافظات التابعة للمرشحين وليس بعدد الناخبين. وقال الدكتور محمد المرغني - أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة عين شمس: لابد أن يأخذ مجلس الشوري بجميع الملاحظات التي أبدتها المحكمة الدستورية حول قانوني الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية، لكونها ملاحظات جيدة.. وبالتالي ينبغي احترامها والعمل بها، حتي لا ندخل في نفق مظلم. وأضاف الدكتور «المرغني» أن هناك قصوراً في المشروع المقدم لقانون مباشرة الحقوق السياسية، وأهمها عدم تنظيم عملية مشاركة الناخبين المصريين المتواجدين في الخارج سواء بالترشح أو التصويت إلي جانب عدم تقسيم الدوائر الانتخابية في المحافظات المختلفة بشكل متوازن يضمن التوزيع العادل وفقاً لعدد السكان المقيمين داخلها، ومدي أحقية العسكريين في الإدلاء بأصواتهم، وحظر الدعاية الانتخابية، ومدي الإبقاء علي المرشح الذي يتلقي أموالاً من الخارج. وأوضح الدكتور «المرغني» أن الدستورية قامت بإلقاء الضوء علي المواد التي تحتاج إلي ضبط دستوري، ولكن إذا تم تمرير هذا القانون بما يشوبه من قصور وتناقضات فسوف يطعن علي القانون بعدم الدستورية، وهو ما يعني استمرار تأجيل الانتخابات لأجل غير مسمي. وأوضح أن الرقابة السابقة علي الانتخابات لا تصطدم إطلاقاً مع الرقابة اللاحقة للدستورية، فالرقابة اللاحقة هي الأصل، بينما السابقة هي استثناء أو بناء علي حكم صريح منصوص عليه في الدستور وفي الحالات التي تحددها المحكمة الدستورية العليا. من جانبه، أكد الدكتور إبراهيم أحمد – الفقيه القانوني أن مجلس الشوري مهامه تتلخص في صياغة القوانين بشكل نهائي تمهيداً لإرسالها إلي المحكمة الدستورية لإبداء رأيها بشأنها فيما يخص مشاريع القوانين المهمة.. وقامت المحكمة الدستورية بمهامها سواء بالرفض أو بالقبول لتلك المشاريع القانونية، ولكن يبقي الأمر الآن في يد مجلس الشوري.. فإما أن يأخذ برأي «الدستورية» بشكل كامل أو بالنظر جزئياً إلي الملاحظات المعيبة. وأشار إلى أنه طبقاً للمادة «177» من الدستور الحالي.. لا تملك المحكمة الدستورية الرقابة على قانون الانتخابات والذى أصدره رئيس الجمهورية؛ ولذلك فإن الأصح هو إعداد تعديلات على المواد محل الخلاف وإرسالها إلى المحكمة الدستورية كمشروع قانون جديد تطبق عليه الرقابة السابقة. مشدداً على انه ليس مطلوباً من المحكمة الدستورية العليا أن تخالف رؤيتها للدستور. وأشار الفقية الدستوري إلي أن الملاحظات التي أرسلتها «الدستورية» مهمة جداً وأهمها إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بما يضمن تطبيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص للمرشحين داخل محافظاتهم، ومدي أحقيه العسكريين فى الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات. قال الدكتور محمد غراب، المحامي بالنقض والدستورية العليا: من أبرز الملاحظات علي مشروع قانون ممارسة الحقوق السياسية أن المحكمة الدستورية أقرت بتصويت أفراد القوات المسلحة والشرطة مواطناً مصرياً ومن حقه أن يمارس حقوقه السياسية، ولا أعتبر ذلك تدخلاً للعمل السياسي في منظومة الأمن إطلاقاً منبهاً إلى أن مصر حتى أواخر التسعينيات كانت تسمح للعسكريين بالتصويت فى الانتخابات مثلما نفعل الكثير من دول العالم التي تعطى هذا الحق منها الولاياتالمتحدةالأمريكية . وطالب بالالتزام بهذه الملاحظات التي أبدتها «الدستورية» حتى لا يطعن علي القانون مرة أخرى لعدم الدستورية. وأوضح «غراب» ان كلمة «المحكمة الدستورية» هي الأولي والأخيرة بالنسبة لصلاحية أي قانون ولا يجب التغول علي حقها من جانب الإخوان الذين يمتلكون السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية.