الفنان مجدى الحسينى هو رمز لآلة «الأورج» والآلة رمز له، توحد معها منذ صغره، وصار يجمع بين مقدرة وجمال العزف، وصاحب رموز الغناء والتلحين، فتألق بعزفه فى أغنيات الكبار أمثال أم كلثوم وعبدالحليم وعزف وراءهم وعمره لم يتجاوز 17 عاماً، كان شاهدا على زمن الغناء الجميل فى أعقاب «مداح القمر» و«من أجل عينيك» و«نتبدى منين الحكاية» و«قارئة الفنجان»، تولى مؤخراً حقيبة مهرجان الأغنية وأصبح الأمين العام له خلفاً للفنان الراحل سمير صبرى.. وما بين عالم العزف وعالم مهرجان الأغنية كان هذا الحوار.. سألته: ما الجديد الذى سيقدمه مهرجان الأغنية الذى توليت أمانته؟ المهرجان هو إهداء لروح الفنان سمير صبرى وتكريم له على أساس أنه صاحبه، واهتمام فى ذات الوقت بمبدعى الإسكندرية الذين سيكون لهم احتفال خاص ما بين احتفالات واهتمامات المهرجان فى دورته الجديدة معى فسيكون من بين المحتفين بهم الفنان سيد درويش وأيضاً بدرية السيد وكذلك سنلقى الضوء على نماذج من إبداعات الجيل الصاعد. هل ترى الإبداع السكندرى متميزاً عن غيره من سائر أقاليم مصر؟ الفن دائماً يحمل سمات وملامح بيئته، وهكذا الفن السكندرى يحمل خفة روح ورشاقة المجتمع السكندرى وأثر البحر والغربة واللقاء والحركة البشرية الذاهبة والعائدة ومواجهة التحديات والحروب وكذلك استضافة السائحين من مصر والعالم. هذا هو شأن الإسكندرية، وكل بلد فى مصر له خصوصيته الذاتية، حتى صعيد الشمال فى الفيوم والمنيا يختلف عن صعيد الجنوب فى لهجاته وطريقة غنائه، فالفلكلور يتسع اتساع الجغرافيا ويتمدد فى التاريخ كل بلونه، وذلك فى سائر الفنون من شعر وموسيقى ورسم وتطريز السجاد وصناعة الأوانى والأشكال الزخرفية. ما السبيل لكى ننهض بغنائنا؟ هذا السؤال قديم جديد سأله من قبل عبدالوهاب وعبدالحليم ومحمد الموجى وبليغ حمدى وكمال الطويل وهؤلاء أنفسهم الذين سألوا ينحسر دورهم كل فترة عن التى قبلها، وسبب التردى فى كل عصر، هو أن هناك أقواما يدعون ما ليس لهم وتفشى ظاهرة الديكتاتورية فى الرأى، ولا توجد دراسة متخصصة فى أسباب تردى الغناء، ثم تأخذ اللجان المعنية والمسئولون المعنيون على عاتقهم مسئولية هذا الإصلاح ويعجبنى الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما يتكلم بالحكمة، إذ يبدأ بالعمل وحين يتكلم تجده قد بدأ بالفعل على أرض الواقع، إن علينا أن نعود إلى أسباب مشكلة الغناء ونعمل على حلها، فأنا أحلم أن يكون هناك تماثيل لعظماء الفن فى الميادين كى تحذو الجماهير الصاعدة حذو جماهيرهم، إن علينا أن نتعلم حتى من أعدائنا قيمة كل شىء، الآخرون فى العالم يخططون ماذا سيصنعون فى المستقبل ويركزون فى التوقيتات والتفاصيل، ويقدمون دراسات الجدوى، لدينا تحكمها العشوائية تلك التى تعنى أن واحد بالإضافة إلى واحد يساوى عشرة وليس اثنين. كيف كانت علاقتك بالموسيقيين من زملائك بعدما أصبحت نجما فى العزف على الأورج! كان الكثير منهم لا يحبنى خاصة بعد أن عزفت فى أغنية «آه لو تعرف» من ألحان عبدالوهاب وغناء نجاة، ولم يكن فى هذه الأغنية كمنجات، فاعتبرنى الموسيقيون أنى بديل لهم وأنى أزيحهم عن مواقعهم، وهذا ليس صحيحا بل كانت أغنية محددة حاول عبدالوهاب أن يقدم فيها شكلاً جديداً. كيف ترى تغول آلة الأورج على الآلات؟ هذا خطأ كبير ولست معه فتغول الأورج ليس فى صالحه وليس فى صالح الآلات الأخرى ولا الأغنية فالأورج يقوم الآن بعزف أصوات الآلات الأخرى بديلا عن أصوات الآلات الحية، بينما يتجاهل إمكانات الأورج ذاته الذى يضم آلاف الأصوات. لماذا لا يوجد عازفون نجوم الآن على عكس ما كان فى الماضي؟ هذا بسبب الألحان ذاتها، فقد تردت الأغنية وتردى معها كل شيء، وأصبح الجمال استثنائاً، وكان فى الماضى الجمال هو القاعدة العامة. كيف كان تعامل الملحنين مع أم كلثوم! كان كلهم يحترمونها بشدة ويقولون لها يا ست، حتى عبدالوهاب كان يقبل يدها، وكان السنباطى يعاملها معاملة مختلفة، وأذكر أنها قالت لى اجلس وأنت تعزف وأصر هو على أن أقف حتى أتمكن من العزف وعزفت من ألحانه «أقبل الليل» فى الحفلة الثانية، غير الأولى التى عزف فيها جمال سلامة، وعزفت معها فى ألحان السنباطى من «أجل عينيك» وتوسطت لديه من أجل أن يعزف عمر خورشيد جملاً أكثر فى هذا اللحن، إذ كان يقول لى الجيتار هذا صاحب عبدالوهاب، وكان السنباطى هو أول من أدخل آلة الأورج معها. هل عزفت معها فى «ليلة حب»؟ لا فقد كنت أجرى عملية جراحية فى لندن وكان يصاحبنى فيها الفنان عبدالحليم حافظ الذى أجراها لى على حسابه هؤلاء هم فنانو الماضى، وكان عبدالوهاب يظل فى الحفلات يطمئن على «أوزان» الآلات بنفسه ويقرأ القرآن الكريم ثم يمضى على عكس السنباطى الذى كان لا يحضر الحفلة، هم نماذج مختلفة وعبقرية بمعنى الكلمة. ما هو التكريم الجديد لك من تونس؟ هو تكريم للمشاهير على مجمل مشوارى الموسيقى، وهو خلال هذه الأيام الجارية، أعود بعده لمتابعة مهامى فى مهرجان الأغنية بالإسكندرية.
