استطاع عازف الأورج مجدى الحسينى أن يكون رمزًا للعزف على هذه الآلة فى العالم العربى، يعزفها بإتقان وبشكل ميزه عن غيره من العازفين، وكانت خطواته الأولى معها بالفرقة الماسية وفرقة أم كلثوم فى أواخر السيتينات، فعزف خلف نجوم الطرب أمثال أم كلثوم وعبدالحليم وعلى أنغام عبدالوهاب والموجى وبليغ والطويل. تعرضت صحة الحسينى قبل فترة لوعكة تجاوزها ليبدأ رحلة علاجية جديدة، كما يقوم بجولة فنية أيضًا بأمريكا حتى نهاية الصيف ومطلع الخريف. سألته هل رحلتك الحالية لأمريكا لإقامة حفلات تأخرت عنها؟ - هى رحلة ستجمع بين كونها علاجية، وبين إقامة بعض الحفلات، تأخرت عنها خلال الفترة الماضية بسبب وعكتى الصحية الأخيرة، والتى دخلت على أثرها لمستشفى الكاتب ومن قبلها كانت أحداث الثورتين ومن قبلها كذلك انشغالى بمسئوليتى بنقابة الموسيقيين. ما الذى يسمح للفنان بإقامة حفلات فى الغرب من عدمه؟ - أولًا قدرته الفنية، وما يمتلكه من أسباب فنية تؤهله لإقناع الآخر بما يقدم، وبدرجة خصوصيته كفنان عربى، وفى الوقت ذاته قدرته على التواصل مع الآخرين فى العالم، وإقامة علاقات متواصلة من أجل دعم مشروعه الإبداعى الذى يقدمه، وعلينا ألا ننتظر العالم كى يأتى إلينا وفق ظروفنا وأحوالنا الاقتصادية أو السياسية والقدرة على الجذب السياحى أو التمكن الأمنى، كل ذلك حين يتحقق على أكمل وجه، ليس كافيًا فى أن يعرفك العالم، بل عليك أن تسعى إليه كما يسعى هو إليك. ما الأجر الذى كنت تتقاضاه وأنت تعزف وراء أم كلثوم؟ - كانت تعطينى جنيهين، وأذكر مقلبًا عرضنى له أحد العازفين إذ طلب منى أن أطالب أم كلثوم بزيادة الأجر. وماذا كان ردها؟ - قالت لى: إيه يا روح أمك» فقد كانت تداعبنى وتعتبرنى أحد أبنائها. فقد كانت تقدرنا جميعاً، لكنها كانت تحب الانضباط المطلق حتى تنجح، ولهذا كانت حفلاتها على هذه الدرجة من الجودة والإتقان. وماذا عن الفرقة الماسية؟ - كان عبدالحليم حافظ رحمه الله يعطينى أنا وعمر خورشيد وهانى مهنا أكثر مما يعطى العازفين الآخرين من الفرقة، وكان الانضباط والرغبة فى أن تخرج الحفلة على أجمل وجه دافعًا لدى كل هذا الجيل لإجراء البروفات المكثفة، فليس هناك نجاح من فراغ، بل لا بد أن وراءه اجتهادا ودأبا متواصلا. كيف استقبلت الأوساط الموسيقية الأورج وهو متعدد الأصوات؟ - حين ظهر هذا الأورج كان الموسيقار محمد عبدالوهاب فى حالة عجب شديد بسبب خروج أصوات الآلات الموسيقية المختلفة كالقانون والعود والناى والإيقاعات المختلفة من آلة الأورج وحدها وكنت بعد إحضارى لهذا الأورج مقيمًا والأورج معى عند عبدالحليم حافظ حتى لا يسبقه أحد إلى ما نقدمه حين وصول هذا الأورج الحديث معى لأول مرة، وهذا يدل على الحرص على التميز والتجديد، وليس مثل هذه الفترة التى نسمع فيها ما يقزز ويدعى أصحابه أنهم يغنون أو يعزفون أو يرقصون. رغم انتشار آلة الأورج بهذا الشكل لم نعد نسمع صوته نفسه؟ - هذا صحيح، فقد نسى فى محاولة محاكاة أصوات الآلات الأخرى صوت آلة الأورج ذاتها، وأصبحنا كل فترة ندخل فى إشكاليات جديدة لم تكن موجودة من قبل مثل ماذا تعزف هذه الآلة الآن؟ وماذا يقول هذا العازف اليوم؟ فقد تراجعت الألحان وصرنا فى حالة أسف شديد على ماضٍ قريب كان فيه شأن الموسيقى والغناء بصحة موفورة وأصبحت الآن فى حالة يرثى لها. سمعت أن هناك ألحانًا لديك بصوتك لماذا لم تظهر للنور؟ - بالفعل قمت بتسجيل عدة أغنيات بعد رحيل الفنان عبدالحليم حافظ قام الموسيقار ميشيل المصرى بتلحينها وتوزيعها، لكن الأصل فى الغناء هو فى أجيال قادمة تستطيع أن تستفيد من الماضى لتبنى لنفسها مجدها الخاص على أساس سليم. ما رأيك فى عازفى الأورج الجدد؟ - بعضهم جيد، وبعضهم غير ذلك، لكن المهم ماذا يقول هذا العازف، فقد كنا أول رسول للأغنية الجميلة، تسمعها الجماهير من خلالنا، وأغانى زمن الفن الحقيقى، هى عزفنا، أما الآن فماذا يقدم العازف من ألحان جديدة، لقد كان الزهو يملؤنا ونحن نستمع إلى تسجيلاتنا مع كبار الملحنين والمطربين إذ كنا نحس بأننا جزء من هذا النجاح لهذا العمل المبهر. ما الحل لخروج الغناء من كبوته الحالية؟ - الحل فى يد أجهزة الدولة التى عليها أن تتبنى المشروعات الجديدة الجادة التى تساهم فى رفع مستوى التذوق لدى الجماهير، وتكون مادة التذوق الفنى عبر مشوار التعليم من أول مرحلة إلى آخرها، ولا بد أن تكون هناك رقابة إعلامية على كل ما هو غث ومسف.