أكد الدكتور يسرى حماد نائب رئيس حزب الوطن، أن رسالة الحاكم لا تختلف عن رسالة الأنبياء، لافتا إلى أن الحاكم ليس معصوما ولا فوق النقد ولا يحكم بالإرادة الإلهية، بل هو بشر يصيب ويخطأ. وقال "حماد" فى بيان اليوم جاء تحت عنوان: "المشروع الإسلامى ورسالة الإسلام الخالدة": "تحدثنا كتب السيرة عن حال العالم قبل اختيار الله ،عز وجل، لخير الرسل محمد، صلى الله عليه وسلم، لحمل رسالة الإسلام الخالدة إلى أهل الأرض عربهم وعجمهم، أنسهم وجنهم، أن حال العالم وقتها قد وصل إلى لا دين ولا قيم، بل نظر الله إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب". وأضاف: "من رسائل الإسلام ومواد مشروعه للبشر منظومة الحكم فى الإسلام، فرسالة الحاكم لا تختلف عن رسالة الأنبياء وهى سياسة الدنيا بدين الله تبارك وتعالى وحفظ حوزة الإسلام، وتطبيق تعاليمه وبثها فى بلاد المسلمين وإقامة شريعة الحق والعدل والرحمة فى أرجاء بلاده، وهو فى ذلك ليس معصوما ولا فوق النقد ولا يحكم بالإرادة الإلهية بل هو بشر يصيب ويخطأ، مضيفا: "هو كعوام الناس يقوم على شئون رعاياه يسهر ليتفقد أحوالهم ومعيشتهم ويحمل للجائع طعامه وللفقير ما يحتاجه، بل لا يأكل حتى يأكلوا ولا يشبع حتى يشبعوا". وتابع قائلا: "تأتى بعد ذلك منظومة الحقوق فى المشروع الإسلامى ويلخصه حديث النبى صلى الله عليه وسلم الذى أورده الإمام مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: "حق المسلم على المسلم ست، إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه"، حقوق وليس هبات تشمل جميع المسلمين أحياء وأمواتا، وتأتى بعد ذلك منظومة الرحمة فى المشروع الإسلامى، رحمة تعم الخلق كلهم المسلم وغير المسلم، الإنسان والحيوان، قال تعالى: "وقولوا للناس حسنا، لكل الناس، وقال تعالى: "فاصفح الصفح الجميل". وقال: "منظومة الأخلاق، وهى جماع رسالة الإسلام وقلبها وغايتها التى يتحلى بها كل من أراد أن ينخرط فى هذه الرسالة أو فى هذا المشروع"، ولقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: "وإنك لعلى خلق عظيم" وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، فالكلمة الطيبة صدقة وتبسمك فى وجه أخيك صدقة، وأكثر من ذلك أن الدرجات العلا فى الجنة تنال بحسن الخلق مثلما تنال بالصيام والقيام". وأشار إلى أن منظومة العدل واستيفاء الحقوق، حقوق العباد فى المشروع الإسلامى قائمة على المشاحة، مضيفا: "منظومة العلاقات بين أبناء البلد بل بين البشر جميعا، وتشمل المنظومة كل الفئات فلا تستثن أحدا، فأنت موجه أن تزيل العقبات من طرق الناس حتى لا تؤذيهم، وأن تطعم الفقير وتسقى الظمآن وتعين الأعمى والأخرق (الذى لا يحسن العمل) وكذلك أن لا تبول فى الماء الراكد، ونهى النبى صلى الله عليه وسلم عن التخلى فى طريق الناس أو ظلهم، وأمر بإعطاء الطريق حقه، قيل وماحقه، قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام، وأمر بعدم الخطبة على خطبة أخيك أو البيع على بيعه أو السوم على سومه، من أجل أن ذلك يحزنه، ونهى عن الغيبة، والنميمة وهى نقل الحديث على جهة الإفساد والوقيعة. وقال نائب حزب الوطن: "آثار السلف تدل على حماية الدولة المسلمة لهم فلهم حق العمل والإقامة والتنقل وعدم التعرض لهم فى عقيدتهم وعبادتهم. ومن هذا الباب وغيره الأمر بالوفاء مع العقود مع الجميع كما قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" وقال تعالى: "وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء" أى لو أردت التحلل من العقود فلا بد من إخبار الطرف الآخر برغبتك وتوقيت ذلك فلا تخنه وتأخذ منه غرة ولو كان فى ذلك انتصارك عليه فى قتال أو حرب. وتابع قائلا: "أما عن منظومة العقوبات والتى يحلو للبعض أن يتكلم عنها وكأنها هى رسالة الإسلام أو هى المشروع الإسلامى، فما شرعت إلى لصيانة المشروع والرسالة ومنع الاعتداء على حقوق الناس وذواتهم وأموالهم، فالقتل لمنع قتل النفس التى كتب الله حياتها، وقطع اليد لمنع سرقة مالك ومال الناس الذى اكتسبوه بكدهم وتعبهم ويريد السارق أن يأخذه قسرا بلا تعب أو شقاء، والرجم لمن يعتدى على أعراض الناس بعدما تيسر له سبل العفاف والرشاد"، لافتا إلى ان تحريم الربا جاء مع الأمر بالإقراض الحسن للمحتاجين وعدم استغلال حاجتهم للتجارة بآلامهم والتكسب من وراء فك كرباتهم، وقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم أنه من أقرض رجلا مرتين فكأنما تصدق بهذا المال. واختتم "حماد" بيانه قائلا: "ما أعظمه من مشروع وما أقومها من رسالة تستحق أن تعم البشرية كلها برحمتها وشموليتها وحرصها على الجميع مع ما فيها من دعوة للتآلف والتجمع وعدم التفرق أو التنازع، أما من يقوم بتطبيقها فليس حاكم أو حزب أو جماعة، بل الجميع، كل الناس، كل الأمة، أنا وأنت، هو وهى وهم وهن، مخاطبون بها، مشروع للجميع وسيجنى ثمرته الجميع بلا استثناء، فهل أنت معى فى تنفيذه والحرص عليه بكل الوسائل بما فيها دعوة كل الناس ببيان محاسنه وعدم الإساءة إليه بفعل أو قول أو ظلم أو أكل حق للناس أو التنقص من أحد، هذا هو المشروع الإسلامى أو رسالة الإسلام الخالدة، رحمة وعدالة لكل الخلق، نقدمها للبشرية كلها كمشروع بديل للتناقض الذى ساد العالم والمادية التى كادت تقضى على جميع البشر".