حوار العقل والقلب

حين تحدث القلب والعقل وتبارزا فى حوار، العقل: أيها القلب لما لا تكف عن الدق فإنه يظهر الباطل، ويفشى الحق وقد سئمت من كلمة "قلب رق".
القلب: كيف؟
العقل: فإنك تتبع الأهواء وطريقك يسلكه السفهاء، وتسيطر عليك العاطفة البلهاء وتعجز دائما عن الشفاء.
فرد عليه القلب قائلا: أنا أرى ما تراه العين والعقل، فقاطعه العقل: وأنا أرى ما لا تراه العين والقلب، فسأله القلب: وكيف هذا؟
فأجاب العقل: فأنا الذى أتحكم بما يحدث للإنسان وأفرقه عن أن يكون حيوان، وأحيانا أحصنه من الوقوع فى شرك الشيطان، بل أنا لحياة الإنسان خير ميزان.
فرد عليه القلب: بل أنت لست للسعادة بمقياس فأنا من أعطيهم الإحساس وألون حياتهم بالبهجة، وأمنحهم الأعراس، وأنا لحياتهم خير وناس وبدونى لذاق الإنسان من أمر كأس وأصابه اليأس، وتوجع الرأس.
فرد العقل: بل أنت على مشاعرهم مسيطر، ودائما تكون المدمر وإنك لست بمفكر تجعلهم يتبعون طريق الشهوات، ثم يندمون على اتباع تلك الخطوات، ويأتون إلى طريقى فى النهاية، ويسألوننى المعجزات.
فرد القلب مستنكرا، وقال: دائما أنا لست بمسيطر، بل أنا أدق بين الحين والحين، وأعطيهم لذة السنين أحيانا، أخطأ ويقع الناس فى شرك الكمين، وأعطيهم أيضا شعور الحنين، وبدونى يصبح البشر محرومين.
فرد العقل متفاخرا: أنا سبب التطور عبر الحقب، وأنا لمجال التكنولوجيا السبب، فأنا خير رفيق للمفكرين والعظماء، أمنحهم الذكاء وروح القوة وعدم النظر إلى الوراء.
فسأله القلب ضاحكا: ألا سمعت عن الأدباء؟
فرد العقل: بلى لما؟
فأجاب القلب: أنا من أعطيهم الموهبة، وأنا رفيق الفنانين والشعراء وبإحساسى أتوق للوفاء ولموهبتى دائما الثناء.
فرد العقل غاضبا: من يتبعك ليس إلا مجنون
وقال القلب ومن يتبعك ليس إلا دمية بلا إحساس، وما يكون إلا ميت وليس بأناس.
واستمر الشجار حتى قاطعته الروح، وقالت: لا تكتمل حياة الإنسان إلا بوجودكما معا، وهذا وجده الله ليميزنا عن الحيوان، فحين يقع الإنسان فى الحب ترسل الأمواج من القلب إلى العقل، فالقلب يدق والعقل يفكر، وكلاكما متلازمان، فأنت يا قلب تنسج الأحلام، وأنت يا عقل بك كل الكلام، ولك كل الاحترام بوجودك أيها القلب نشعر دائما بالسلام، وأحيانا الأمان، وإذا تواجد إنسان تحكم بكلاكما أصبح بلا شك من سكان الجنان.