مجموعهم من 70% ل95% في الثانوية العامة.. مكتب التنسيق يوضح معطيات تحديد المرحلة الأولى    اليوم.. مصر تحتفل بالذكرى ال 73 لثورة 23 يوليو    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025.. الحد الأدني ل كلية علوم 2024 بالنسبة المئوية والدرجات    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 23-7-2025 بعد آخر ارتفاع بالصاغة    رئيس وزراء اليابان يعتزم إعلان استقالته الشهر المقبل    جولة جديدة من المحادثات الروسية الأوكرانية في إسطنبول وسط تشاؤم بشأن إنهاء الحرب    ترامب: الفلبين ستدفع رسوما جمركية بنسبة 19% بموجب اتفاق مع الرئيس ماركوس    ويتكوف يلتقي مسئولين قطريين وإسرائيليين في روما بشأن اتفاق الأسرى    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    رئيس اتحاد شمال إفريقيا للخماسي يكرم الطالبة وسام بكري الأولى على الجمهورية (دمج) ب 100 ألف جنيه    ارتفاع درجات الحرارة بشمال سيناء    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    اليوم، الأهلي السعودي في مواجهة نارية أمام كومو الإيطالي، الموعد والقنوات الناقلة    50 ألف جنيه مكافأة من حزب الجبهة الوطنية لأوائل الثانوية العامة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات في محافظات الصعيد    قفزة ل الدولار الأمريكي اليوم الأربعاء 23-7-2025 عالميًا.. وانخفاض بقية العملات الأجنبية    تحرك مفاجئ في أسعار النفط بعد الاتفاق التجاري "الضخم" بين واشنطن وطوكيو    10 عمال زراعة.. أسماء المصابين في حادث انقلاب سيارة ب«صحراوى البحيرة»    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    مجلس الأمن يعتمد قرارا لحل النزاعات بالطرق السلمية    عودة القائد.. حارس الصفاقسي يرحب ب معلول (صورة)    الصفقات الجديدة والراحلين يشعلون غضب يانيك فيريرا في الزمالك.. تقرير يكشف    سعر اليورو اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025 مقابل الجنيه.. بكام في الأهلي ومصر؟ (آخر تحديث)    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025 «الخطوات والرسوم والمواعيد الرسمية»    فيتو داخل منزل نوران نبيل السادسة على الجمهورية: أفتخر بلقب أخت الدكاترة ومثلي الأعلى مجدي يعقوب (فيديو)    حمزة نمرة يطرح اليوم الدفعة الأولى من ألبومه "قرار شخصي"    نقابة الموسيقيين اللبنانية عن تقبيل راغب علامة في حفل العلمين: تعبير عن محبة واحترام    طريقة عمل الحواوشي بالعيش، أحلى وأوفر من الجاهز    ترامب يتهم باراك أوباما بالخيانة بشأن تدخل روسيا في انتخابات 2016    إحالة وزيرة فرنسية وكارلوس غصن إلى المحاكمة.. ما السبب؟    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    لنقلهم إلى درعا.. دفعة جديدة من الحافلات تصل السويداء لإخراج المحتجزين    فيروس شيكونجونيا.. ما هو وباء البعوض الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية ويهدد 5 مليارات شخص؟    لمدة 7 ساعات.. قطع التيار الكهربائي عن 12 منطقة في البحيرة    كتائب القسام: قصفنا موقع قيادة وناقلة جند إسرائيلية بالقذائف والصواريخ    رئيس "بنك الطعام": نقدم نموذج شمولي فريد بالتعاون مع 5 آلاف جمعية    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 .. نصائح لاختيار الجامعة والكلية المناسبة لك    شخص مقرب منك يؤذي نفسه.. برج الجدي اليوم 23 يوليو    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    محمد التاجي: فهمي الخولي اكتشف موهبتي.. ومسرح الطليعة كان بوابتي للاحتراف    الرابعة على الثانوية: تنظيم الوقت سر النجاح.. وحلمي أكون طبيبة    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    بدون أدوية.. 6 طرق طبيعية لتخفيف ألم الدورة الشهرية    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    محافظ الشرقية يهنئ ياسمين حسام لتفوقها: نموذج مشرف لأبناء المحافظة    من 4% إلى 70%.. الطالبة ميار حماده تحقق قفزة دراسية لافتة في قنا    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    إلى الحبيب الغالي.. رسالة من ممدوح عباس إلى حسن شحاتة    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    ما حكم الاعتداء على المال العام؟.. أمين الفتوى يجيب    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوفاء

سأتحدث اليوم عن معنى عظيم نسيناه، وسيسطر قلمى كلاما يُذكرنى بأساتذتى وأصحاب الفضل على وسأتحدث إلى حضراتكم عبر كلماتى لأنكم أنتم الذين علمتمونى الوفاء
وسأنظم الحديث تحت هذا العنوان فى عناصر ثلاثة :
أولاً : معنى الوفاء
ثانياً: نماذج الوفاء
وأخيراً : أفضل أنواع الوفاء هو ما كان للأوطان
أولاً : معنى الوفاء : الوفاء هى كلمة تحمل معنى جميل وهى أعظم ما تتحلى به النفس البشرية، وهو الطبع الذى يعتبره البعض نادرا فى زماننا، بل ربما يرى البعض أنه قد اندثر ولكن هناك علامات تؤكد بقاء هذا المعنى النبيل.
الوفاء يعنى الإخلاص أى عدم الغدر والخيانة، كلمة تعنى العطاء والود والحفاظ على العهد مع من تحبه، وتعنى التضحية والصبر والحرص وعدم تفريط بالشخص الذى تحبه والخوف عليه من الأذى ومراعاة شعوره وأحاسيسه وتقدير جهوده وعدم إفشاء سره والحفاظ على خصوصياته والعمل على إسعاده.
والوفاء قد يكون بين الأصدقاء وقد يكون بين الأحبة وقد يكون بين الناس جميعا، أى لا يقتصر على شخص معين وقد يكون مع الوطن وهو ما أتمناه لكل آل مصر فى هذه المرحلة المهمة والفارقة من تاريخ وطننا الحبيب.
وحينما تكون وفياً فإنك تعطى بلا حدود وتخترق الحواجز وتبذل من نفسك الكثير لكى تحصل على حياة سعيدة وجميلة.
عندما تكون وفيا فأنك لن تعرف الألم لأنك تمنح الغير جرعات كبيرة من الحب.
عندما تكون وفيا حتى لمن هان عليه الود والهجر فإنك تسمو مع نفسك إلى أعلى مراتب العلو.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا دين لمن لا عهد له)
"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". (آل عمران:104) تعالوا بنا أيها الأفاضل الكرام لأنتقل بكم إلى عنصرنا الثانى من عناصر اللقاء وهو نماذج الوفاء وسأطرح على حضراتكم قصة مؤثرة كلما قرأتها اهتزت أرجاء جسدى وارتعدت ولا تثبت قدماى تحتى ولعل هذه القصة تُعد نموذجاً هاماً وعلامة ثابتة من علامات معنى الوفاء على مر العصور والزمان لقائد وحاكم كان وفياً مع من حكمهم وعادلاً بتطبيق شرع الله فيهم إنها قصة لفاروق الأمة عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه وكان فى المجلس وهما يقودان رجلاً من البادية فأوقفاه أمامه.
قال عمر: ما هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، هذا قتل أبانا قال: أقتلت أباهم؟ قال: نعم قتلته قال: كيف قتلتَه؟
قال: دخل بجمله فى أرضى، فزجرته، فلم ينزجر، فأرسلت عليه حجراً، وقع على رأسه فمات...
قال عمر: القصاص .... الإعدام.. قرار لم يكتب ... وحكم سديد لا يحتاج مناقشة، لم يسأل عمر عن أسرة هذا الرجل، هل هو من قبيلة شريفة ؟ هل هو من أسرة قوية؟ ما مركزه فى المجتمع ؟ كل هذا لا يهم عمر - رضى الله عنه - لأنه لا يحابى أحداً فى دين الله، ولا يجامل أحدا ًعلى حساب شرع الله، ولو كان ابنه القاتل، لاقتص منه.
قال الرجل: يا أمير المؤمنين: أسألك بالذى قامت به السماوات والأرض أن تتركنى ليلة، لأذهب إلى زوجتى وأطفالى فى البادية، فأُخبِرُهم بأنك سوف تقتلنى، ثم أعود إليك، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا.
قال عمر: من يكفلك أن تذهب إلى البادية، ثم تعود إلىّ؟
فسكت الناس جميعا ً، إنهم لا يعرفون اسمه، ولا خيمته، ولا داره ولا قبيلته ولا منزله، فكيف يكفلونه، وهى كفالة ليست على عشرة دنانير، ولا على أرض، ولا على ناقة، إنها كفالة على الرقبة أن تُقطع بالسيف.
ومن يعترض على عمر فى تطبيق شرع الله؟ ومن يشفع عنده ؟ ومن يمكن أن يُفكر فى وساطة لديه؟ فسكت الصحابة، وعمر مُتأثر، لأنه وقع فى حيرة، هل يُقدم فيقتل هذا الرجل، وأطفاله يموتون جوعاً هناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة، فيضيع دم المقتول، وسكت الناس، ونكّس عمر رأسه، والتفت إلى الشابين: أتعفوان عنه؟
قالا : لا، من قتل أبانا لا بد أن يُقتل يا أمير المؤمنين..
قال عمر: من يكفل هذا أيها الناس؟!!
فقام أبو ذر الغفارى بشيبته وزهده، وصدقه، وقال: يا أمير المؤمنين، أنا أكفله.
قال عمر: هو قَتْل، قال: ولو كان قاتلا! قال: أتعرفه ؟ قال: ما أعرفه، قال : كيف تكفله؟
قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين، فعلمت أنه لا يكذب، وسيأتى إن شاء الله.
قال عمر: يا أبا ذرّ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أنى تاركك! قال: الله المستعان يا أمير المؤمنين.
فذهب الرجل، وأعطاه عمر ثلاث ليال، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع أطفاله وأهله، وينظر فى أمرهم بعده، ثم يأتى، ليقتص منه لأنه قتل.... وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر الموعد، يَعُدّ الأيام عداً، وفى العصر نادى فى المدينة : الصلاة جامعة، فجاء الشابان، واجتمع الناس، وأتى أبوذر وجلس أمام عمر، قال عمر: أين الرجل ؟ قال : ما أدرى يا أمير المؤمنين!
وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها، وسكت الصحابة واجمين، عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا الله.
صحيح أن أبا ذرّ يسكن فى قلب عمر، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد لكن هذه شريعة، لكن هذا منهج، لكن هذه أحكام ربانية، لا يلعب بها اللاعبون ولا تدخل فى الأدراج لتُناقش صلاحيتها، ولا تنفذ فى ظروف دون ظروف وعلى أناس دون أناس، وفى مكان دون مكان... وقبل الغروب بلحظات، وإذا بالرجل يأتى، فكبّر عمر، وكبّر المسلمون معه.
فقال عمر: أيها الرجل أما إنك لو بقيت فى باديتك، ما شعرنا بك وما عرفنا مكانك!!
قال: يا أمير المؤمنين، والله ما على منك ولكن على من الذى يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا يا أمير المؤمنين، تركت أطفالى كفراخ الطير لا ماء ولا شجر فى البادية، وجئتُ لأُقتل.. وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس.
فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟ فقال أبو ذر : خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس.
فوقف عمر وقال للشابين: ماذا تريان؟ قالا وهما يبكيان : عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه.. وقالا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس!
قال عمر: الله أكبر، ودموعه تسيل على لحيته.. جزاكما الله خيراً أيها الشابان على عفوكما، وجزاك الله خيراً يا أبا ذر ّيوم فرّجت عن هذا الرجل كربته، وجزاك الله خيراً أيها الرجل لصدقك ووفائك.. وجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين لعدلك ورحمتك.. قال أحد المحدثين: والذى نفسى بيده، لقد دُفِنت سعادة الإيمان والإسلام فى أكفان عمر!!.
وأخيراً : الوفاء للأوطان وأخص الكلام عن مصر إن المسلم الحقيقى يكون وفيا -أعظم ما يكون الوفاء- لوطنه، محبا -أشد ما يكون الحب- له، مستعدا للتضحية دائما فى سبيله بنفسه ونفيسه، ورخيصة وغالية، فحبه لوطنه حب خالص أصيل، حب طبيعى مفطور عليه، حب أجل وأسمى من أن ترتقى إليه شبهة أوشك، حب تدعو إليه الفطرة، وترحب به العقيدة وتؤيده السنة، وتجمع عليه خيار الأمة، فيا له من حب، فلا تعارض بين الولاء للعقيدة والولاء للوطن، ولا تناقض بين أن نعتز بأننا مسلمون، وبين أن نقدس الوطن الذى نعيش فيه، فالعقيدة والدين فوق كل مقارنة، فإذا كان حب الوطن نابعا من عقيدة سليمة تصبح التضحية بالدم والمال والأهل واجباً شرعياً علينا، فحياتنا لا قيمة لها بدون وطن وهكذا كان النبى القائد المُحب – صلى الله عليه وسلم – هكذا أحب مكة وكان وفياً لها حتى حينما طاردوه فيها وأخرجوه منها وقال كلماته المأثورة : والله إنى لأخرج منك، وإنى لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله، وأكرمها على الله، وإنك لأحب أرض الله إلى، ولولا أنّ أهلك أخرجونى منك قهراً ما خرجت من بلادى".
بلادى وإن جارت على عزيزة وأهلى وإن ضنوا على كرام إن طبيعة المصريين وفطرتهم تميل إلى حب الدين ومن يحب دينه بالفطرة لابد وأن يكون مُحباً لوطنه وأعلم أن الجميع يسعى للنهوض بالوطن من حكام ومحكومين إلا أن الرؤى تتغاير بين هذا وذاك ولكن من باب جلب المنفعة وتقديم العام على الخاص أن تجتمع الرؤى لأجل مصلحة الوطن أولاً والنهوض به وهو ما أتمنى أن يكون لمؤسسة الأزهر المصرية العريقة بعلمائها الثقات دور كبير فى هذا الشأن وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل مصر بلداً آمنا مطمئنا سخاءً رخاء وسائر بلاد المسلمين.
والله من وراء القصد وهو الهادى إلى سواء السبيل
* إمام وخطيب مسجد الجمال بالمنصورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.