بيان مضاد للهجمة الأصولية ضد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد بالإشارة إلى البيان الموقع ممن يدعون مائة عالم دين، (وماذا يعنى هذا الوصف الإعلامى لهؤلاء المائة بأنهم علماء دين، وإذا كان الدين علماً، فلماذا يتدين غير ذوى العلم) ومثقفون يحذرون من تجاهل مواد الشريعة الإسلامية فى قانون الأحوال الشخصية المزمع عرضه على اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، والذى يستند - أى البيان - إلى مرجعية إسلامية أصولية فى معارضة مشروع قانون لم يزل قيد المناقشة، فماذا يعنى هذا التحذير فى ظل الدستور المصرى، المدنى والذى ينص على أن مصر دولة مدنية لا دينية، حتى وإن كانت مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع؟ أولا، ثمة فارق جوهرى بين مبادئ الشريعة الإسلامية وبين الفقه الإسلامى المبنية أحكامه على هذه المبادئ، والتى يراعيها المشرّع المصرى عندما يقوم بالتقنين للمجتمع المصرى المعاصر، كما يراعى مصالحه وحاجاته المتغيرة. ثانياً، لا يعنى التحذير سوى تنامى النزعة الأصولية فى أسلمة والتعدى على مكتسبات المجتمع المدنى، ومقررات حقوق الإنسان ومواثيق العدالة والمساواة، وذلك على افتراض ضمنى مسبق فى ذهنية مطلقى التحذير من أن (دولة المؤسسات) تقف ضد التشريع الإسلامى وفى النهاية هو مجرد اجتهاد فقهى يرتبط بظروف إنتاجه لا نصوص الوحى القرآنى . ثالثاً، إن المجتمع المصرى بالفعل فى حاجة ماسة لمراجعة وتعديل قوانين الأحوال الشخصية، والتى عمرها قرب من 90 عاماً، ولم تعد مواكبة للتغييرات الجذرية فى تطور مسيرة دولة المؤسسات المصرية. رابعاً، إننا إذ ننادى بهذه التعديلات لا نتعارض فى الشكل أو المضمون مع الشريعة الإسلامية، وذلك إعمالاً بقواعد (فقه المصالح) وإن العلة تدور مع معلولها وجوداً وعدماً، فإن كانت الأسباب المجتمعية قد تغيرت فلابد من تغيير معالجتنا الفقهية لها. خامساً، إن منظمات المجتمع المدنى والمثقفين المستنيرين يهيبون بالدولة التمسك بمكتسبات الدولة المدنية وحقوق الإنسان، التى لا تتعارض مع الفقه الإسلامى، الذى يقدم مصالح العباد والبلاد على اجتهادات بعض الفقهاء فى بعض البلدان الإسلامية، ولنا فى تونس أسوة حسنة فيما يخص مدونة الأحوال الشخصية فى هذا البلد العربى المسلم والمعمول به من الستينيات بالإضافة إلى سبع دول أخرى تقيد من تعدد الزوجات. سادساً، إننا ندعو النساء والرجال فى مصر بوصفهم مواطنين مصريين إلى احترام الدستور والقانون، والسعى تحت مظلة الشرعية الدستورية لإنماء وتوسعة قاعدة الحقوق المدنية وإعمال العقل العملى فى مناقشة مثل هذه التشريعات المتعلقة بالحريات الشخصية، وهى أخص خصوصيات الإنسان (المواطن) فى كل المجتمعات المتقدمة بلا استثناء، وعليه يجب الوقوف بحسم ضد كل الدعوات التى تشكل ردة حضارية على منجزات الدولة العصرية الحديثة والعقل والشرعية الدستورية . سابعاً، نهيب بكل القوى الوطنية بوقفة حاسمة ضد كل أشكال التعدى على الحريات أو الوصاية تحت أى مسمى على المجتمع، وكذا واضعو لافتات التحذير باسم الدين فى وجه كل محاولة للتقدم الإنسانى فى مجال التشريع أو إعمال العقل فيما يخص مجتمعاتنا الطامحة إلى الانفتاح والرقى . وثامناً، إلى السيد رئيس جمهورية مصر العربية والسادة أعضاء مجلسى الشعب والشورى.. نهيب بكم جميعاً بوصفكم ممثلى الشعب إلى الاحتكام إلى صوت مصلحة الوطن والمواطن فيما يخص هذه التشريعات. ونعم للعدالة والمساواة جمعية بريق لمناهضة العنف ضد المرأة رئيس مجلس الإدارة نجلاء الإمام - المحامية