نظمت الإدارة العامة للنشر، بالهيئة العامة لقصور الثقافة حفلا لتوقيع الأعمال الكاملة لبشر فارس بقصر ثقافة الطفل بجاردن سيتى، بحضور الشاعر محمد أبو المجد، رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافة، والشاعر عبد العزيز موافى، والدكتور عبد الناصر حسن، رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق المصرية، والدكتور عبد المنعم تليمة، أستاذ الأدب الحديث والدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق ولفيف من المهتمين بالثقافة والإبداع بدأت وقائع الحفل بإلقاء محمد سيد إسماعيل، ثلاثة نماذج شعرية لبشر فارس، موضحاً أنه قام بالكتابة عن كل فصول العام فى باريس، نظراً لارتباطه بها كمدينة محب لها، شأنه شأن الرواد من جيله أمثال شوقى، وهى "الربيع فى باريس"، "الصيف فى باريس"، "أنشودة الفجر". وفى كلمته أشار عبد الناصر حسن إلى ملامح من حياة الشاعر، وأعماله، وعبر جابر عصفور عن سعادته للشاعر عبد العزيز موافى لدوره الذى قام به فى التأريخ وجمع المواد فى الحداثة المصرية على وجه التحديد وأن ما جمعه من شعر بشر فارس وإبراهيم شكر الله وحسين عفيف وما قدمه عن هؤلاء الشعراء فى دراسات مطولة عن الشاعر وشعره والتيارات التى ينضوى تحتها، ثم تطرق للحديث عن قيمة بشر فارس كممهد للحركة الرمزية وكرائد سيئ الحظ شأنه شأن أقرانه من الرواد، لأنهم يمهدون الطريق لكنهم فى سبيل ذلك التمهيد لم تكتمل لهم أشياء تضعهم موضعاً لا يزال باقياً، ولأن الشاعر الحقيقى هو الذى إن مات يظل موجودا وأن بشر فارس من هؤلاء الذين لا يتمتعون بدرجة كبيرة من الشعرية التى تجعل من شعرهم وجود حاضر مستمر عبر الزمن والأجيال، ثم قارن بينه وبين الشاعر سعيد عقل رائد الحركة الرمزية العربية والذى يظل لشعره وجوداً حيوياً يجد فيه القارئ المعاصر شيئاً من القيمة ليس قليلاً على الإطلاق. وأوضح عبد المنعم تليمة أنه يقف عند هذا الكتاب عن بشر فارس وقفة خاصة، لأنه يخوض فى مسائل بالغة الأهمية لا تتصل ببشر فارس ولكن تتصل بفلسفة الفن ومذاهبه واتجاهاته ومدارسه فى أدبنا العربى وفى الآداب الأخرى، فى بعض القديم وكثير من الحديث، فمن هذه الزاوية عندما نثير دقائق جمالية لابد أن نأخذها فى الاعتبار وبالجدية، وأن قيمة بشر فارس التاريخية تفوق قيمته الفنية، والمهم هنا هو ثلاثة أمور هى أولاً التشكيلات التاريخية للنهضة الحديثة وما يوازيها من تشكيلات جمالية، فالتشكيل التاريخى يرد بحزم وبخاصة فى الجانب الثقافى والحضارى، والأمر الثانى هو استيرادنا لتقنية الحضارة الحديثة، والأمر الثالث هو هجرة الشوام سواء إلى البلدان العربية أو إلى المهاجر الأمريكية، فهذه الأمور هى التى تدعم دفعاً البزوغ الجديد للحداثة العربية، وأن الحداثة هى أخطر شئ فى التاريخ البشرى لأن البشر منذ بدايتهم وحتى بدايات العصر الحديث لديهم قيمة الثنائية فى التحكيم مثلاً "ليل ونهار"، "حاكم ومحكمون"، "ذكر وأنثى" وما شق هذه الثنائية هو نشوء الطبقة الوسطى ومعها نشأت الحداثة، وهنا نجد أن القصيدة فى شعر فارس ليست تعبيراً عن ذات نفس الشاعر بل إنها هروب من نفسه وهروب بشخصيته، لأن الأمر يختلف بين الرومانسية الرمزية والرومانسية العاطفية، كما أجمع الأوروبيون والعرب على أن للثقافة أربعة أعمدة أولها وأخطرها "الفن" وثانيها "الدين" وثالثهم "الفكر" وأخيراً "العلم"، وما سبق يجعلنا نقول إن الرومانسية تقول "حول عينيك إلى الداخل فالعالم الجوانى هو الحق" أما فى الرومانسية الرمزية فنحن نعتبر أن كل الفن رمزاً، ثم أشار إلى عبارة لبشر وهى "أن الشاعر ينظر إلى الشعر لا فيما قاله بل فى كيف يقوله" وهذه العبارة بالدقة التى تقول لا تسأل بال "ما" ولكن أسأل بال "كيف"، ومع ذلك هذا لا يبعدنا عن حقيقة تاريخية لشاعرنا أنه كان أحد أباء قصيدة النثر ويحسب له هذا الأمر ويضع مكانة فى تاريخ الأدب العربى. أما الشاعر عبد العزيز موافى فقد تحدث عن بشر فارس وتأثره بما تأثر به الرواد من جيله مثل انتمائه للشمولية فى الكتابة حيث كان الرواد أمثال طه حسين وشوقى وآخرون يكتبون فى الفن والشعر والثقافة....إلخ مما أثر على بشر فى شعره وجعله متصفاً بالرومانسية التقليدية، وأننا فى شعر بشر فارس نجده قد جمع بين النص الفلسفى والنص الصوفى وكلاهما فى الشعر يتضاد مع الآخر حيث نجد أن النص الفلسفى يعتمد فى الشعر على التجريد أما النص الصوفى فيعتمد على التصوير ما أفقد شعر بشر فارس الرومانسية.