عيار 21 بالمصنعية يهبط 90 جنيهًا.. سعر الذهب اليوم الخميس 31-7-2025 (محلياً وعالميًا)    سعر الدولار اليوم الخميس 31-7-2025 بعد تسجيله أعلى مستوياته خلال 60 يومًا    ترامب يعلن عن اتفاق تجاري مع كوريا الجنوبية    أمريكا: تحذيرات في كريسنت سيتي بعد أضرار بميناء المدينة جراء موجة مد بحري مفاجئة    «يوم استثنائي».. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم: أمطار ورياح مُحملة بالأتربة    "ابن العبري".. راهب عبر العصور وخلّد اسمه في اللاهوت والفلسفة والطب    قناة السويس حكاية وطنl القناة الجديدة.. 10 سنوات من التحدى والإنجاز    15 دولة غربية تدعو دولا أخرى لإعلان عزمها الاعتراف بفلسطين    إسرائيل تندد بموقف كندا من الاعتراف بفلسطين: مكافأة لحماس    إعلام أوكراني: الدفاع الجوي يتصدى لهجمات في كييف وحريق جراء هجوم مسيّرة روسية    لليوم الرابع، ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف من تأثر الإمدادات بتهديدات ترامب الجمركية    مع الهضبة والكينج .. ليالى استثنائية فى انتظار جمهور العلمين    من يتصدر إيرادات الموسم السينمائى الصيفى ومن ينضم للمنافسة ؟    «وصلة» لقاء دافىء بين الأجيال .. « القومى للمسرح » يحتفى بالمكرمين    طريقة عمل الكب كيك في البيت وبأقل التكاليف    حرمه منها كلوب وسلوت ينصفه، ليفربول يستعد لتحقيق حلم محمد صلاح    سلاح النفط العربي    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    نحن ضحايا «عك»    بسهولة ومن غير أدوية.. أفضل الأطعمة لعلاج الكبد الدهني    المهرجان القومي للمسرح يحتفي بالفائزين في مسابقة التأليف المسرحي    بينهم طفل.. إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق فايد بالإسماعيلية (أسماء)    بسبب خلافات الجيرة في سوهاج.. مصرع شخصين بين أبناء العمومة    هاريس تٌعلن عدم ترشحها لمنصب حاكمة كاليفورنيا.. هل تخوض انتخابات الرئاسة 2028؟    اتحاد الدواجن يكشف سبب انخفاض الأسعار خلال الساعات الأخيرة    "بعد يومين من انضمامه".. لاعب الزمالك الجديد يتعرض للإصابة خلال مران الفريق    نقيب السينمائيين: لطفي لبيب أحد رموز العمل الفني والوطني.. ورحيله خسارة كبيرة    السيارات الكهربائية.. والعاصمة الإنجليزية!    424 مرشحًا يتنافسون على 200 مقعد.. صراع «الشيوخ» يدخل مرحلة الحسم    بمحيط مديرية التربية والتعليم.. مدير أمن سوهاج يقود حملة مرورية    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 31 يوليو 2025    تراجع غير متوقع للمبيعات المؤجلة للمساكن في أمريكا خلال الشهر الماضي    اصطدام قطار برصيف محطة "السنطة" في الغربية.. وخروج عربة من على القضبان    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن إلغاء ندوة الفنان محيي إسماعيل لعدم التزامه بالموعد المحدد    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    «الصفقات مبتعملش كشف طبي».. طبيب الزمالك السابق يكشف أسرارًا نارية بعد رحيله    الحد الأدني للقبول في الصف الأول الثانوي 2025 المرحلة الثانية في 7 محافظات .. رابط التقديم    لحماية الكلى من الإرهاق.. أهم المشروبات المنعشة للمرضى في الصيف    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    في حفل زفاف بقنا.. طلق ناري يصيب طالبة    مصرع شاب وإصابة 4 في تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    إغلاق جزئى لمزرعة سمكية مخالفة بقرية أم مشاق بالقصاصين فى الإسماعيلية    رئيس وزراء كندا: نعتزم الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر ويجب نزع سلاح حماس    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بالشيوخ    التوأم يشترط وديات من العيار الثقيل لمنتخب مصر قبل مواجهتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    مدير تعليم القاهرة تتفقد أعمال الإنشاء والصيانة بمدارس المقطم وتؤكد الالتزام بالجدول الزمني    شادى سرور ل"ستوديو إكسترا": بدأت الإخراج بالصدفة فى "حقوق عين شمس"    ترامب: وزارة الخزانة ستُضيف 200 مليار دولار الشهر المقبل من عائدات الرسوم الجمركية    هل يعاني الجفالي من إصابة مزمنة؟.. طبيب الزمالك السابق يجيب    القبض على 3 شباب بتهمة الاعتداء على آخر وهتك عرضه بالفيوم    "تلقى عرضين".. أحمد شوبير يكشف الموقف النهائي للاعب مع الفريق    حياة كريمة.. الكشف على 817 مواطنا بقافلة طبية بالتل الكبير بالإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق مخابرات القذافى (2).. ليبيا دبرت عملية اختطاف مدير المستشفى السعودى فى صعدة باليمن لتفجير الخلافات بين قبائل الجوف
نشر في اليوم السابع يوم 19 - 02 - 2013

تواصل صحيفة «الشرق الأوسط» نشر وثائق تخص مخابرات العقيد الراحل معمر القذافى، بعد أن صادرتها كتيبة من كتائب طرابلس العسكرية فى أعقاب اقتحام مقر حكم النظام الليبى السابق فى «باب العزيزية» صيف 2011.
وتعكس مجموعة من صور الوثائق الجديدة فشل استخبارات القذافى فى السيطرة على مقاليد الأمور فى جبهة حرب الحوثيين على الحدود السعودية الجنوبية، وقيام مجموعة من القبائل اليمنية بالتصدى لمخططات النظام الليبى السابق، من خلال عقد تلك القبائل مؤتمرات ولقاءات للمصالحة، من أجل إعادة الاستقرار لليمن بدلا من الحرب المستعرة التى تقول المستندات إن عملاء القذافى فى اليمن كانوا يعملون على تغذيتها بكل السبل.
وتبين عدة مراسلات بين عملاء القذافى ومخابراته تأثير النفوذ الذى كان سيف الإسلام القذافى قد بدأ يحظى به فى ليبيا، على وتيرة عمل فروع رئيسية سرية تابعة للأمن الخارجى الليبي، حيث تظهر بعض الرسائل بطئا ليبيا فى الرد على مطالب العملاء، وتشتت بعض المتعاونين الآخرين، إضافة إلى ابتعاد آخرين، فى نهاية المطاف عن الاستمرار فى العمل مع الشبكة الليبية.
وتوضح المستندات أن بعض عملاء العقيد الراحل، بعد أن استشعروا الضعف وقلة الحيلة على الحدود السعودية الجنوبية، دبروا عملية اختطاف مدير المستشفى السعودى فى صعدة، وإلقاء مسؤولية الخطف على إحدى القبائل فى شمال اليمن لتفجير الخلافات بين بعض القبائل اليمنية فى منطقة الجوف، وذلك بعد أن شرعت عدة قبائل فى الدعوة إلى الحوار والمصالحة ونبذ العنف بالفعل.
استمر تبادل الكثير من الرسائل بين عملاء العقيد الليبى الراحل معمر القذافى ووحدة المعلومات السرية التابعة له، لكن لوحظ فى الرسائل الإلكترونية أن عناوين البريد كثيرا ما تتغير، وأن السمة العامة التى اتسمت بها عشرات الرسائل تكمن فى تعديل لغتها بمرور الوقت لتتحول إلى رموز غير مفهومة، وبدلا من استمرار تدفق المكاتبات التى تدور عن عمليات تمويل، وأوامر تحريك خلايا نائمة فى عدة دول، تجدها فجأة تتحدث عن إجراءات إنهاء مسلسل تلفزيونى ما، لكنها لا تذكر من هم أبطال المسلسل المزعوم أو الإجراءات الخاصة به، غير أشياء محددة من قبيل «تحدثنا مع عبد الله وهو جاهز لأداء الدور»، و«لا بد من زيادة أجرة البطل»، و«نحتاج لإعادة النظر فى التمويل، لأن المخصص لا يكفى لكل الخطوات المطلوبة».
من خلال صور من الرسائل التى حصلت عليها «الشرق الأوسط» تجد أن أهم المتلقين لها هو بريد إلكترونى يسمى نفسه «ديسكفر» discover1991)، وهو بريد إلكترونى تقول مصادر الاستخبارات الليبية السابقة، إنه خاص برجل يدعى «ع. م»، (عقيد هارب خارج ليبيا حاليا، تمت الإشارة لاسمه فى الحلقة السابقة)، وكان يعمل تحت إمرة القذافى مباشرة، وله مكتب مجاور لمكتبه فى مقر الحكم فى باب العزيزية بطرابلس، أما تنقلات هذا الرجل وتحركاته فكانت تدور تحت ستار النشاط الإعلامي، وفى الفترة الممتدة من عام 2002 حتى الأيام الأخيرة من حكم العقيد الراحل الذى بدأ ينهار مع انطلاق الانتفاضة المسلحة فى 17 فبراير (شباط) 2011. يمكن أن تجد اسم هذا الرجل مقترنا بالكثير من مشروعات تأسيس وإطلاق قنوات تلفزيونية ليبية، لكن يبدو أنه لا وجود لها فى الحقيقة.
ومن خلال المراسلات، فإن «ديسكفر» كان يستخدم أكثر منبريد إلكتروني، ووفقا للمعلومات وصور الوثائق فإن وحدة معلومات خاصة (داخل وحدة المعلومات السرية لكنها لا تأتمر بإمرة رئيسها)، كانت ترتب هذه العملية التى كانت تجرى، سواء كان «ديسكفر» موجودا فى طرابلس أم خارجها، كما أن وحدة المعلومات كانت تقوم بعرض ما يصل إليها أولا بأول على كبار القيادات الليبية وعلى رأسهم القذافى.
ويوجد أكثر من رجل وامرأة كانوا يشرفون على الاتصالات السرية بين نظام القذافى والعملاء المبعثرين فى عدة دول فى أفريقيا وآسيا وأوروبا، وحتى أميركا، من بينهم رجل يدعى «ع.ع.ق» (من أقارب القذافى وتمت الإشارة لاسمه فى الحلقة السابقة)»، وامرأة تدعى «ر.ف»، وكانت لبعضهم علاقات خاصة ومكانة مميزة مع كبار رجال الدولة مثل عبد الله السنوسى الذى يوصف بأنه أهم «صندوق» لأسرار القذافي، ومع أنجال العقيد الراحل أيضا.
وفى السنوات الأخيرة من حكم القذافى، أى بداية من عام 2007 بدأت العلاقات تتداخل مع مجموعة سيف الإسلام القذافى، بل إن بعض صور الوثائق تشير إلى حالة الارتباك بين عدد من متلقى الاتصالات مع عملاء الخارج فى وحدة المعلومات، مما تسبب فى حالة من الخوف والذعر أيضا بين عدد من العملاء فى الخارج، خاصة فى اليمن ومصر ولبنان ودول أفريقية، وحتى سقوط النظام فى أواخر 2011.
ويبدو أن المراسلات غير مرتبة، لكن كان هناك من يحاول أن يجعل بعضها مخصصا للعمليات فى أفريقيا، وآخر مخصصا للعملاء فى اليمن، وثالثا يتلقى تقارير عن أنشطة عملاء يواصلون محاولات فاشلة لتنفيذ عمليات تخريبية فى السعودية. وتعكس المعلومات الخاصة التنقلات الكثيرة لبعض العملاء وتشعب اتصالاتهم وأماكن وجودهم والمعلومات التى يبلغون عنها.
فى رسالة إلى «ديسكفر»، وهو الشخص الرئيسى الذى يتلقى مراسلات الكثير من العملاء، يقول مرسلها، واسمه الأول "عبد الكريم"، ويبدو أنه من لبنان أو سوريا، بسبب كلمة «بدي» الموجودة فى متن الرسالة: «تحياتى يا صديقى.. لقد أنهيت الاجتماعات بخصوص إنتاج المسلسل، وطلبوا منى إيضاحات عن أدوار الشخصيات فيه، خاصة دور البطل. سوف نبحث الموضوع خلال اجتماع بيننا قريبا يتم تحديده من طرفكم. كنت بدى أعرف ماذا تم بشأن المستحقات؟ أرجو إعلامي. مع خالص شكرى، وإلى اللقاء».
ولا يوجد تاريخ يحدد توقيت هذه الرسالة التى تم الحصول على صورة منها، وتحمل عنوانا بالإنجليزية هو «from»، ولكن يوجد بعد هذه الرسالة رسائل تليها فى الترتيب مباشرة ومأخوذة من نفس البريد الإلكترونى فى شهرى أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2010. ولهذا من المرجح أن يكون تاريخ الرسالة الأولى قريبا من هذا التوقيت، لكن من غير المعروف ما هو المسلسل المقصود هنا، وهل يتعلق ببعض العملاء الذين بدأوا فى الهروب من العمل مع مخابرات القذافى، خاصة بعد فشل الحرب السادسة فى اليمن كما سيتضح فيما بعد.
من الرسائل التى وردت فى خريف عام 2010، رسالة مؤرخة فى يوم 29 نوفمبر، تحت عنوان «monday» ومرسلها يلقب نفسه «ذا أونلي» (the only) ، ويبدو أنها، ورسائل كثيرة أخرى قادمة من اليمن، تعكس فشل مخابرات القذافى فى الاستمرار فى كسب ود عدد من أبناء القبائل اليمنية الكبرى، أثناء محاولات النظام الليبى السابق استخدامها ضد السعودية.
وبدا من صورة رسالة «monday» وصور رسائل أخرى سيرد ذكرها فى موضعها، أن مخابرات القذافى كانت قد وصلت إلى الذروة فى محاولاتها المستميتة لزعزعة الاستقرار فى السعودية، وبدأ عملاء القذافى فى اليمن يخسرون الأرض من خلال عدم القدرة على تجنيد أبناء القبائل الكبرى بعد الفشل فى مهمة شن حرب على السعودية على أيدى بعض القبائل فى شمال اليمن، وبالتحديد فى صعدة.
قبل الدخول فى مضمون رسالة «monday»، لا بد من الإشارة إلى أن «الشرق الأوسط» أمضت قرابة سنة كاملة من أجل التحقق من مضمون ما ورد فى صور الرسائل والمكاتبات التى حصلت عليها. والتقت لهذا الغرض مع اثنين من الشخصيات المهمة فى السلك الأمنى والسياسى والدبلوماسى الليبى ممن عملوا عن قرب مع العقيد الراحل القذافى.
الشخص الأول كان يعمل فى وحدة المعلومات السرية التابعة للقذافي. وفر فى شهر مايو (أيار) 2011 من ليبيا، أى عقب نحو شهرين من بدء ثورة 17 فبراير، بعد أن تجمعت تحت يديه حينذاك معلومات تقول إن نظام العقيد منتهٍ لا محالة. ترك كل شيء، زوجته وأبناءه وسيارته ال«بى إم دبليو»، وتسلل عبر الحدود المصرية - الليبية من دون مال ولا وثائق ولا ملابس إضافية. دخل مدينة مرسى مطروح المجاورة بقميص وبنطال فقط ولا شيء آخر. وبعد يوم تمكن من الوصول إلى صديق قديم فى مدينة الضبعة التى تبعد نحو 400 كيلومتر غرب القاهرة. ومن هناك بدأ يجرى اتصالاته لينتهى به المطاف فى إحدى العواصم المطلة على الخليج.
تم تحديد اللقاء معه بصعوبة بالغة، وجرى اللقاء فى شهر يناير (كانون الثاني) 2012. يقول: هل تريد أن تعرف لماذا لم تتحمس بعض الدول الخليجية الرئيسية لمناصرة المجلس الانتقالى الليبى (السابق)؟ ويجيب: لأنها كانت على علم بأن هناك أعضاء فى المجلس كانوا يقومون بأنفسهم بالتخطيط لعمليات تخريبية فى السعودية أثناء حكم القذافn.
وفى يناير الماضى طرحت «الشرق الأوسط» جانبا مما توصلت إليه من معلومات على أحد كبار مساعدى القذافي، خاصة فى جانب يتعلق بعمليات تنصت غربية على كبار المسؤولين الليبيين، من عدة مراكز على الحدود الليبية، وردت فى صور الوثائق المشار إليها، فقال بعد إجراء مقابلة غير مسجلة معه فى إحدى العواصم الأفريقية، إن «هذه المعلومات صحيحة، والقذافى أجرى اتصالات وعاتب أحد رؤساء دول الجوار فأخبره أن مراكز التنصت تلك موروثة منذ الرئيس السابق، ولا يمكنه التخلص منها». وسترد تفاصيل قضية التنصت هذه فيما بعد.
ويوجد ما هو أخطر من كل ما سبق، خاصة أن بعض صور المراسلات تكشف عن قيام عضو سابق فى المجلس الانتقالى يدعى «م.ك» كان حتى الأيام التى سبقت شهر فبراير 2011 يزرع الخلايا التخريبية فى السعودية التى كان يدخلها بين حين وآخر تحت ستار الحج والعمرة، ويقدم نفسه للجاليات الأفريقية فى مكة والمدينة والرياض تحت ستار «رجل أعمال لديه مشروعات فى أفريقيا».
ويقول مسؤول كبير فى وزارة الدفاع الليبية الحالية يدعى «العقيد عادل.م.ب». ممن عملوا فى السابق فى جهاز استخبارات النظام السابق قبل أن ينشق عنه، إن الأيام الأخيرة من حكم القذافى كان يسود فيها شعور عام داخل جهاز الاستخبارات بأنه، أى الجهاز، يتلقى ضربات متتالية وقوية من جانب السعودية، بسبب قيام القذافى بتمويل أنشطة متعددة ضد المملكة عبر عملاء له فى اليمن ومصر والعراق ومن تنظيم القاعدة ومن كل فرصة يجدها أمامه.
ويذكر الرجل أن العمليات التى كان القذافى ينفق عليها ملايين الدولارات كانت تستمر قليلا وتفشل قبل أن تصل لغايتها.. «أكبر فشل كان على جبهة الحدود السعودية الجنوبية.. طبعا كان هناك تخطيط على الجبهة الشمالية، خاصة فى ظل الأوضاع المتردية فى العراق، وكانت هناك عمليات تمويل لوجهاء وصحافيين من مصر، لكن مسألة الهزيمة على جبهة صعدة، رغم كل ما قدمه النظام الليبى السابق من أموال وأسلحة، جعلت مخابرات القذافى تبحث عن بدائل».
وتبين خلال رحلة جمع صور الوثائق والمعلومات والتحقق منها، وبالتحديد فى شهر سبتمبر (أيلول) 2012، أنه كانت هناك بالفعل محاولات مستميتة من جانب القذافى لزرع الفتن فى السعودية، سواء من جبهة اليمن جنوبا أو غيرها، بما فى ذلك تمويل عرب يقيمون فى أوروبا.
ونعود مرة أخرى للرسالة المعنونة ب«monday»، الواردة من العميل الملقب «the only» على البريد الإلكترونى ل«ديسكفر» يوم 29 نوفمبر 2010، وتتحدث عن تغييرات جوهرية فى الولاءات التى كان يقدمها بعض القائمين على الحرب ضد الحكومة اليمنية وضد الحدود السعودية الجنوبية.. تغير الولاءات بدا فى هذه الرسالة بمثابة فشل لما كانت تقوم به مخابرات القذافى.
تقول الرسالة: «بسم الله الرحمن الرحيم. الحوثيون اكتشفوا مؤخرا أن الشيخ (س. س. أ. ل) يتعامل مع حزب الله فى لبنان منذ أربع سنوات باسم أنه ممثل للحوثيين دون علمهم ويأخذ ويعطى مع رجال الحزب تحت هذا الاسم، وينقل الأخبار أولا بأول إلى السعودية وصنعاء، وقد اندهش الجميع من هذا الأسلوب».
ومن المعروف أن حزب الله له علاقة قوية مع إيران، ومن المعروف أيضا أن إيران متهمة بمحاولة زعزعة منطقة الحدود اليمنية - السعودية عن طريق الحوثيين الذين يعتنقون مذهبا شيعيا مواليا لمذهب ملالى طهران.
ومما يرد فى الرسالة بعد ذلك، يشير إلى أن هذا الشيخ الذى يبدو أنه كان يريد فهم الدور الإيرانى فى اليمن من خلال أصدقاء إيران فى حزب الله، كان يتعامل أساسا مع الليبيين قبل أن يبدأ فى الابتعاد عنهم، مع أشخاص آخرين سترد تفاصيل عنهم فيما بعد.. ليس الابتعاد عن المخابرات الليبية فقط، ولكن أيضا تغيير بوصلة توجهاته وتوجهات شيوخ آخرين لصالح محاولات فرض الاستقرار فى اليمن، خاصة مع تزايد أنشطة الحوثيين العسكرية ضد كل من الحكومة اليمنية والحدود السعودية.
وتظهر فى الرسالة محاولات عميل مخابرات القذافى التقليل من شأن النشاط المتزايد لقبيلة «بكيل»، وهى من أكبر القبائل اليمنية التى قررت وقتها الانحياز للدستور والقانون ووحدة الدولة اليمنية، خاصة بعد نجاح المؤتمر الذى عقدته القبيلة برئاسة «الشيخ أمين.ع». يوم الأحد 7 نوفمبر 2010، بمحافظة الجوف وبحضور الآلاف من أبناء القبيلة بناء على اقتراح من «الشيخ س. أ. لحوم».
الهدف من المؤتمر كان توحيد «بكيل» على كلمة واحدة لتحقيق الاستقرار فى اليمن الذى كان يشهد وقتها حرب الحوثيين فى الشمال، ومناوشات تنظيم القاعدة فى الجنوب.
ويعنى استقرار اليمن الذى تسعى إليه قبيلة «بكيل» استقرار جيرانه وعلى رأسهم السعودية. لكن العميل الليبى الذى يبدو من رسالته أنه حضر المؤتمر، قلل من شأن التحركات القبلية التى كانت مفاجأة بالنسبة للمتعاونين مع النظام الليبى السابق فى اليمن.
وبينما دعا المؤتمر (الذى أطلق عليه عملاء القذافى اسم «مؤتمر العكيمي») أبناء قبائل بكيل واليمن إلى حل الخلافات، وفض النزاعات، وعقد صلح عام بين كافة أطراف الوطن الواحد، قالت رسالة «the only» التى تلقتها وحدة المعلومات السرية المجاورة لمكتب القذافى فى طرابلس: «يوجد خلاف على المناصب فى مؤتمر العكيمى ولحرصهم على عدم الفشل أخروا الاجتماع الثانى لذلك المؤتمر حتى تتم الاتفاقات على المناصب». وأضافت الرسالة أيضا تفاصيل توحى من خلالها أن السعودية ساعدت على إنجاح المؤتمر، على غير رغبة الليبيين.
ويعتبر وزن قبيلة بكيل اليمنية كبيرا، خاصة أن أبناءها موجودون فى منطقة مهمة وقريبة من الصراع الدائر فى الشمال. وتنتشر القبيلة أيضا بين صنعاء وصعدة. ويرد فى الرسالة أيضا أن عملاء القذافى فى اليمن لم يصمتوا على ما بدا أنه ضربة سعودية لمخططاتهم، فدبروا عملية لإحراج «الشيخ أمين.ع» برتبته العالية «شيخ مشايخ» وسط باقى القبائل فى منطقة الجوف، من خلال تنفيذ عملية خطف مدير مستشفى السلام السعودى فى صعدة، على يد مناصرين لهم من إحدى القبائل المتحالفة مع بكيل وشيخها «أمين.ع».
تقول الرسالة بالنص، إنه بعد ما حدث فى مؤتمر بكيل: «صنعنا نقمة على الشيخ «أ.ع» غير عادية فى قبيلة آل حمد الجوف، بسبب مقتل أولادهم فى التفجير الأول الذى لا يرضاه إنسان فيه خير أو ذرة رمل من كرامة أو إنسانية.. «آل.ع «من «آل أ. ج « من قبيلة « و«خطفوا مدير مستشفى السلام السعودى فى صعدة أثناء مروره من بلادهم قادما من إمارة نجران، وذلك بهدف الضغط على صنعاء لإطلاق سجين لهم فى الأمن السياسي.. فعل طبيعى من دون دوافع».
وتشير الرسالة إلى توريط عملاء القذافى لقبيلة «آل ح» فى العملية، وتصوير الأمر على أن لها يدا فى خطف مدير المستشفى ردا على مقتل عدد من أبنائهم من قبل فى التفجير المشار إليه.
ماذا حدث بعد ذلك؟ وهل بالفعل تم زرع الفتنة هناك كما أراد عملاء النظام الليبى السابق فى اليمن؟ تقول الرسالة إنه بعد عملية خطف مدير المستشفى: «قامت الحكومة اليمنية بإرسال حملة عسكرية مكونة من 30 طاقما عسكريا، والربع (من هذا الطاقم عبارة عن) دبابات وطائرة هليكوبتر على «آل ع» لتسليمه».
ويبدو أن هناك شابا نشيطا داخل قبيلة «بكيل» كان يقلق مخابرات القذافي، يدعى «ح أبو.ه»، خاصة بعد أن أسهم فى جمع شمل شباب القبيلة حول الشيخ «أ.ع»، فتقول عنه الرسالة، وهى تحاول أن تطمئن الجانب الليبى وتقلل من شأن هذا الشاب: «(ح أبو.ه) الذى يدعى أنه رئيس شباب بكيل شخص عادى، ليس شيخا، وهو مكروه من كل القبائل الشريفة».
هذه الرسالة الواردة من «the only» ليست الوحيدة التى خرجت من عملاء القذافى فى اليمن فى تلك الفترة التى كان فيها كل من اليمن والسعودية يكبحان جماح المتمردين الحوثيين الذين تعدوا على حدود المملكة.. هناك رسائل أخرى يظهر منها أن النظام الليبى يشعر بالفشل فى خططه التى عمل عليها طويلا مع شخصيات من الحوثيين ضد السعودية من جهة حدودها الجنوبية، وكان الداخل الليبى يعانى كذلك من الشد والجذب بين رجال سيف الإسلام ورجال والده البيروقراطيين الأقوياء.
معظم الردود الليبية على الرسائل التى وردت إلى وحدة المعلومات السرية فى باب العزيزية فى خريف عام 2010 توحى بأن الاتصالات بين عملاء القذافى فى اليمن وغير اليمن، والمسؤولين عنهم، تتأخر لدرجة أن بعض العملاء أصبحوا يشعرون بالحرج من تكرار إرسال الرسائل التى لم يعد مقر «باب العزيزية» يرد عليها.
وسبق رسالة «the only» رسالة من عميل آخر فى اليمن يلقب نفسه ب«سمران» (semran)، وتلقتها وحدة المعلومات السرية الليبية على البريد الإلكترونى الخاص ب«descover» يوم السبت 30 أكتوبر 2010.
ويقول نص هذه الرسالة، مع تصويب الأخطاء: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخى العزيز. كيف الحال؟ المعذرة للإزعاج.. تحياتى للأستاذ.. الموضوع: كان فيه رسول من لديكم اسمه أبو سفيان أرسل معى أمانة وأعطانى رقم واسم الشخص، وعندما اتصلت بالشخص وجدت الاسم مختلفا فأوقفت التسليم حتى أتأكد منكم هل أسلم لصاحب الرقم نفسه دون التأكد من الاسم.. أرجو الإفادة لكى أبلغهم بالتسليم. هذا من جانب. الموضوع الآخر، للمواضيع الذى تفاهمت والأستاذ، أنها الآن كلها جاهزة للعمل. منتظر التوجيه».
وتختتم رسالة «semran» بالإشارة إلى استمرار نشاط نظام القذافى فى محاولات إفشال التوافق بين القبائل اليمنية والحكومة، وكذا محاولات إفشال عقد الاجتماعات والمؤتمرات للم الشمل ووقف الاقتتال والحرب. وتقول الرسالة: «المؤتمر الذى أبلغت عنه عملت على فشله، ولكن قبل ثلاثة أيام قاموا بإعادة المحاولة للإعداد، ولكن بدعم قوى من الجهتين المحلية والشمالية. سوف نعمل على إضعافه وعدة مواضيع أخرى. إذا أمكن أن آتى خلال هذين اليومين، ليوم أو يومين لكى أعود للعمل للأهمية.. مع التحية».
صورة من رسالة مرسلة من اليمن إلى طرابلس من رجل يدعى «semran» يتعهد فيها بإفشال مؤتمر للم شمل القبائل اليمنية فى الشمال
جانب من مسرح عمليات حاولت المخابرات الليبية استغلاله قرب الحدود بين اليمن والسعودية وتظهر على الخريطة منطقة نجران داخل المملكة ومنطقة صعدة داخل اليمن
صورة من رسالة ضمن رسائل استخباراتية لكنها تتحدث عن أمور فنية مرسلة لوحدة المعلومات السرية فى طرابلس من رجل يدعى «عبد الكريم»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.