منذ قيام الثورة الإيرانية الإسلامية عام 1979 بقيادة الخومينى بدأت إيران بنسج أهدافها الرامية لتصدير هذا النموذج الثورى للدول الأخرى وخاصة الدول العربية. ولم تتوقف الأهداف الإيرانية عند هذا الحد بل أصبحت إيران منذ ذلك الوقت وحتى الآن فى حالة عدائية هجومية لكل من يقف أمام طموحاتها وآمالها سواء من الدول الغربية أو الدول العربية. ولكن كان لإيران موقفها الخاص والمتشدد تجاه الدول العربية إلى الحد الذى جعلها ترفض أى تكنيك أو استراتيجية أو حتى مجرد محاولة من شأنها تعزيز العلاقات بين الدول العربية فى إطار تبادلى تفاعلى وحدوى لأن كون العلاقات العربية – العربية على هذا النحو يجعل الأهداف والأطماع الإيرانية فى خطر ولذلك كان لإيران عداء من نوع خاص مع فكرة "النظام العربى". ففكرة النظام العربى تضم كافة الدول العربية فى إطار واحد تجمعهم بداخله العلاقات التبادلية فيما بينهم سواء اتخذت هذه العلاقات شكل التعاون أو الصراع ومن هنا يكون الرفض الإيرانى لأن فكرة نظام عربى تجعل إيران خارج هذا الإطار مما يصعب عليها تحقيق أهدافها ولكن ما تريده إيران هو تكوين نظام إسلامى وليس نظام عربى لأن كون النظام إسلامى يجعل دولة إيران فى قلب النظام وقلب الحدث وتتصدر زعامة المنطقة وتحقق أهدافها بسهولة تامة. أما على صعيد العلاقات المصرية الإيرانية فانتهجت العلاقة بينهما نمطين مختلفين، النمط الأول ويمكن وصفه بأنه نمط "عدائى تنافرى" وهو النمط الذى ساد منذ السبعينيات وحتى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، حيث كانت مصر بمثابة حائل وعائق أمام إيران فى تحقيق أهدافها أطماعها وخاصة فى منطقة الخليج العربى وذلك لما لمصر من أهمية خاصة فى النظام العربى فكانت بمثابة قلب النظام، هذا إلى جانب ما كانت تكنه إيران لفكرة المد القومى التى تبنتها مصر فى المنطقة العربية فى عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وصولا إلى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك حيث كادت العلاقات الإيرانية المصرية أن تكون متقطعة على جميع الأصعدة. أما بالنسبة للنمط الثانى من العلاقات وهو النمط الذى ساد بعد قيام ثورة 25 يناير ووصول الإخوان المسلمون إلى سدة الحكم وفى هذا النمط اتسم بعودة العلاقات ما بين البلدين والتصاعد فى ذلك إلى حد توطيد العلاقة بينهما. ويمكن القول بأن فى هذه المرحلة اتخذت العلاقات المصرية الإيرانية منحنى شديد الخطورة، والخطورة فى ذلك ليست على الصعيد الإيرانى مطلقا بقدر ما هى على الصعيد المصرى، فوصول الإخوان إلى سدة الحكم فى مصر أو بمعنى أدق الحكم الإسلامى فى مصر يعتبر خطوة هامة جدا للجانب الإيرانى وتعد بداية للتحول لنظام إسلامى وهذا ما كانت تتمناه إيران بالفعل. ولكن الخطورة على الجانب المصرى تكمن فى جوانب عدة، فالجانب الأول وتأتى خطورته من أن توطيد العلاقات المصرية الإيرانية فى ظل الحكم الإسلامى فى مصر إلى جانب الأطماع البائتة لدى إيران قد يجعل مصر تخضع بسهولة تامة للسيطرة الإيرانية هذا فى ظل الأوضاع الداخلية المصرية والرفض الشعبى المتصاعد للفصيل الحاكم وهم الإخوان المسلمون إلى جانب الخطورة على الشعب نفسه خاصة بعد ما تردد حول زيارة رئيس المخابرات الإيرانى لمصر لتنظيم إدارة العلاقة مع الشعب –على الرغم من إنكار الإخوان لذلك – كل هذا يضع البلاد فى خطورة شديدة من أن يتم التنسيق بين الفصيل الحاكم وإيران وتبادل الوعود بين الطرفين ويكون الضحية الدولة والشعب. أما الجانب الثانى تكون خطورته على مستوى دولى، فنظرا للعداء المتأصل ما بين إيران وكلا من الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل نتيجة لتطوير إيران لبرنامجها النووى واحتمال امتلاكها للسلاح النووى إلى جانب رفضها للالتزام بالاتفاقية الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية. فكل هذا وضع إيران تحت الميكروسكوب الدولى أى أن إيران بمثابة تهديد للولايات المتحدةالأمريكية وكذلك لإسرائيل، ولهذا وفى ظل تطور العلاقات المصرية الإيرانية قد تتخذ الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل من هذه العلاقة منفذ للتسلل إلى مصر – وهو هدف قديم – والأساليب التى تستخدمها هذه الدول فى ذلك كثيرة خاصة فى ظل ما يتردد بأن مصر مصدرة للإرهاب فى الأجواء العالمية. ولذلك لابد من التأنى فى العلاقات المصرية الإيرانية وكبح جماح تطورها والذكاء الشديد فى إدارتها لأنها سوف تعود بالنفع على الجانب الإيرانى وحده وليس على الجانب المصرى خاصة فى ظل الأوضاع الراهنة التى تمر بها مصر، فلا بأس من أن تكون هناك علاقة ودية بين الطرفين ولكن مع توخى الحذر الشديد من الانجراف فى دوامة الغايات الإيرانية ونصبح وسيلة لتحقيق أهدافها الخفية.