أعتقد أن بهذه المحاولات قد أخطأ أولئك الواهمون فى الحسابات السياسية الموجودة الآن على أرض الواقع بسبب القصور الذى ينتابهم فى فهم حالة مزاج رجل الشارع المصرى وأحوال القوى الإقليمية والدولية من حولنا. لذلك يجب أن يدركوا أن الرئيس مرسى ليس الرئيس السابق مبارك، فعند عقد أى مقارنة بين الأوضاع والظروف التى أدت إلى إسقاط الرئيس السابق ستجدها مغايرة لما نحن عليه الآن من عدة نواح، ففى حالة الرئيس مرسى نجد أنه قد وصل إلى الحكم فى ظل انتخابات تميزت بقدر كبير من الشفافية والنزاهة مقارنة بالاستفتاءات السابقة التى كانت نتيجتها دائما ب 99.99% والتى جعلت العديد من شعوب العالم المتحضر تتندر علينا، ناهيك عن أول انتخابات رئاسية فى عهد مبارك جرت عام 2005، كانت أشبه بالمسرحية، كما أن الرئيس مرسى له قواعده الكبيرة من التيار الإسلامى المؤيد له حتى ولو هناك بعض الاختلافات فى وجهات النظر فيما بين هذه التيارات، لكن ساعة الجد فإن تلك التيارات ستقف معه فى مواجهة الليبراليين والعلمانيين واليساريين، ومستعدة للاستشهاد من أجله وذلك على عكس الرئيس السابق مبارك الذى لم يكن له ولحزبه الوطنى "المنحل" أى قواعد جماهيرية على أرض الواقع أو أى أيدلوجية يدافع عنها أتباعه، ومظهر ذلك الأيام الثمانية عشرة قبل إسقاطه والتى تظاهرت فيها الجماهير ضده ولم نجد إلا بضعة آلاف من أنصاره، فى خضم تلك الدعوات التى تنادى بإسقاط الدكتور مرسى لا يمكن إغفال موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية من المشهد السياسى المصرى، فالمحلل لتصريحات قادة البيت الأبيض ووزارة الخارجية يجدها فى غالبها تميل لصالح الدكتور مرسى وحكومته وذلك لأن أمريكا وجدت أن من مصلحتها بقاء التيار الإسلامى فى الحكم وذلك للعمل على استقرار المنطقة من ناحية ومن ناحية أخرى، حتى تظهر نواقص هذا التيار وترى الشعوب ذلك فتبتعد عنه لأنها لم تر ما أشاعه هذا التيار من أن نهضة البلاد ستحدث على أيديهم. الملاحظ منذ بدء الثورة أن العسكر وجدوا الظروف غير ملائمة لهم لحكم البلاد وأن هتاف الجماهير ب "يسقط يسقط حكم العسكر"، هو الأعلى صوتا، كما أن جماعة الإخوان استطاعت أن تستقطبهم لجانبها حيث الطمأنة على أوضاعهم الاقتصادية بالإضافة لعدم محاكمة قادتهم على عكس العديد من الأصوات التى ما فتئت تنادى فى كل مظاهرة بمحاكمة العسكر على ما حدث من إراقة للدماء أثناء إدارته للمرحلة الانتقالية للبلاد، للأسف الشديد من يحاولون إسقاط الدكتور مرسى ومن يدعون إلى ذلك عبر المظاهرات التى تخرج ضده خاصة جبهة الإنقاذ هى الخاسرة حتى الآن لأنها لا تجيد اللعبة السياسية، ولم تفهم حتى الآن مزاج رجل الشارع المصرى وحنقه من الدعوات للمظاهرات التى ملّ منها والتى يحدث فيها عنف، وبعض حالات تحرش، لذلك أرى أن هذه الجبهة لو استمرت فى الدعوة للتظاهرات ستفقد باقى الرصيد السياسى لها عند الشارع المصرى وستسقط سقوطا مروعا، فى أى انتخابات تجرى قادما، لذلك لابد لها أن تدرك ذلك وتعلم أن ممارسة العمل السياسى والتعبير المطلوب التى تنشده له عدة صور وآليات أخرى منها التظاهرات والإضراب والدخول فى منافسات انتخابية والمعارك القانونية، إذاً للتغيير صور وآليات أخرى ينبغى الانتقال لإحداها إذا لم تجد الوسائل الأخرى. إننى هنا ناصح أمين لهذه الجبهة خاصة أننى مازلت أقدر وأحترم اثنين فاعلين من قادتها الدكتور محمد البرادعى الذى أعتبره ملهما لهذه الثورة والسيد حمدين صباحى الحصان الرابح فى انتخابات الرئاسة الماضية، وأدعوهما إلى إعادة حساباتهما السياسية مرة أخرى حتى لا يسقطا وتسقط معهما مصر الثورة... والله من وراء القصد.