* سياسيون: "جمعة العزب" تشدُّق مزيف بالديمقراطية وتدنٍ للغة الخطاب وتحدٍّ للإرادة الشعبية * الأشعل: دعوة إسقاط النظام جريمة تستوجب المحاسبة والعقاب جنائيا * نصر عبد السلام: رغبة فى إقصاء الآخر والهدم وإحداث فراغ دستورى خطير * زكريا عبد العزيز: الشقاق يفتت معسكر الثورة ويقوّى معسكر الفلول العائد بقوة مجدى حسين: أظهرت الحجم الحقيقى لكل تيار فى الشارع * يونس مخيون: لا إيجابية واحدة تذكر.. وشعار حل "التأسيسية" عبثى ولا يقبله عاقل أكد عدد من السياسيين وقادة الأحزاب أن ما يسمى بجمعة "مصر مش عزبة" كشفت زيف دعاوى المتشدقين بالديمقراطية والخاسرين فى الانتخابات الذين يمارسون تصفية حسابات سياسية تؤدى إلى الفتنة وزعزعة الاستقرار بالبلاد. واستنكروا رفع شعارات هدامة تتحدى الإرادة الشعبية وتدعو إلى الانقلاب على نتائج الانتخابات عبر الدعوة إلى إسقاط الرئيس المنتخب وتضليل الرأى العام برفع شعار إسقاط الجمعية التأسيسية لوضع الدستور للعودة بالحالة السياسية بالبلاد إلى نقطة الصفر، محذرين من تفتت معسكر الثورة لصالح تكتل معسكر فلول الحزب الوطنى المنحل الذى عاد أنصاره بقوة للحياة السياسية، وخطورة الفراغ الدستورى، مطالبين بمراجعة الحسابات وعدم إقصاء الآخر، وترك الخلاف والشقاق. ويرى بعض هؤلاء السياسيين أن الإيجابية الوحيدة تمثلت فى حرية التعبير عن الرأى وتأكيد حق التظاهر السلمى وانتهاء الاستبداد، وعدم تدخل قوات الأمن لقمع المتظاهرين. فمن جهته أكد د.عبد الله الأشعل -أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولى والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية- أن جمعة "مصر مش عزبة" ضُلل فيها الرأى العام عبر إعلان شعارات معينة حُشد الناس لها، ثم فوجئنا بهتافات أخرى تماما، فكلنا نتمسك بحرية التظاهر وتولى الأكفأ للمناصب ونحترم المطالب المعلنة، ولكن فوجئنا بالدعوة لإزاحة الرئيس المنتخب بالتظاهرات، مشددا أن ذلك عمل غير قانونى، فالرئيس جاء بانتخابات حرة ونزيهة شهد لها العالم كله الأصدقاء والأعداء، وتعد الدعوة لإسقاط الرئيس تحديا للشرعية الدستورية والقانونية بلا سند قانونى، مما يستوجب المحاسبة والعقاب من الناحية الجنائية. ويرى الأشعل أن الدعوة لإسقاط نظام جاء عبر الصندوق جريمة وعمل تخريبى يثير الفوضى والفتن ولا علاقة له بالعمل السياسى والمعارضة الحقيقية، فالنظام قائم بشرعية صندوق الانتخابات والإرادة الشعبية وتداول السلطة يكون وفقا لقواعد الدستور والقانون، ودعوتهم هذه مصادرة على حق الشعب كله. وكشفت الجمعة برأى الأشعل تناقض الشعارات والأشخاص المشاركة، واعتبرها حركة لتضليل الجماهير، حيث تم استخدام شعار جميل مثل العدالة الاجتماعية، وفى المقابل تم رفع شعارات أخرى كانت مخفية منذ أسابيع ثم صرحوا بها ومنها "إسقاط جماعة الإخوان المسلمين" وذلك لتوليد حالة فوضى. ولفت الأشعل إلى أن المعارض الحقيقى يتسق مع نفسه ويطرح ميدانيا ما دعا له من قبل، وقال: ما شاهدناه هو حقد دفين لدى عدد من القيادات السياسية الداعية للمظاهرة ضد التيار الإسلامى بشكل عام ويسير ضد المصلحة الوطنية، محذرا أنه إذا استمر هذا الحقد فإنه سيخلف فتنا حادة، وأن بعض القيادات السياسية تتحرك لأغراض شخصية خاصة؛ لأنهم خسروا فى الانتخابات الرئاسية الماضية، ويمارسون بالمظاهرة تصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بالمعارضة والعمل السياسى المشروع، ويريدون الاستيلاء على السلطة لا خدمة الوطن، ومن يخدمه لا يبحث عن منصب بعينه ويخدمه من أى موقع. وطالب الأشعل بتحويل المطالبين بإسقاط النظام للنائب العام للتحقيق معهم وفقا للقانون؛ لأن ذلك بث للفتنة ويؤدى لاضطراب النظام العام. تشرذم وإسفاف ويرى نصر عبد السلام -رئيس حزب البناء والتنمية- أن هذه المظاهرة أصلا ليست مليونية، وأظهرت مدى التشرذم الذى وصلت إليه بعض التيارات السياسية ومدى التدنى فى طريقة النقد والتدنى عند المخالفة، وهو ما يعد أمرا مؤسفا وبعيدا عن أخلاقيات الشعب المصرى وثورة 25 يناير، مما يقتضى إعادة الحسابات لكل التيارات بحيث تعيد حساباتها مع نفسها ومع الآخر، خاصة أن من دعوا لجمعة "مصر مش عزبة" يتشدقون بأن الإسلاميين لا يقبلون الآخر، بينما انكشف أنهم هم من لا يقبل الآخر، وكشفت عن تطاول وسب وقذف لا منافسة شريفة، لذا ندعو كل التيارات لاصطفاف وطنى للوقوف معا لمساعدة الرئيس فى الخروج من عنق الزجاجة والمرحلة الانتقالية. وأكد عبد السلام أن المصلحة الوطنية تقتضى جعلها أولا وتقديمها على أى شىء، أما دعوات المظاهرة فكشفت عن إرادة الهدم لا البناء، وتعنى أنهم يريدون إما أن يكونوا فى الحكم وإلا فلتذهب مصر للجحيم ما داموا بعيدين عنه، فليتقوا الله، متسائلا: كيف يتشدقون بالديمقراطية ويدعون لإسقاط رئيس منتخب وإسقاط الجمعية التأسيسية المنتخبة بإرادة شعبية وتعد دستورا هو من أفضل الدساتير، ونحن نجتهد لتحقيق التوافق الوطنى حوله من أجل مصلحة البلد العليا، محذرا من خطورة الفراغ الدستورى الذى يولد عدم الاستقرار مستشهدا بحالة العراق التى ظلت 10 سنوات بلا دستور. مستفزة للغاية من جانبه قال المهندس عمرو الفاروق -المتحدث الرسمى باسم حزب الوسط-: "لم أتابع مظاهرة الجمعة مطلقا، ولم أشاهدها حتى فى التليفزيون؛ وذلك لأن الدعوات لها كانت مستفزة للغاية، فلذلك لم أكترث بها أو بإن كان تجمعها كبيرا أم صغيرا، وحتى ما وقعت عيناى عليه بشأن المناقشات التى دارت حولها سواء على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك أو على الشبكة العنكبوتية لم أوليه أى اهتمام". وأرجع فاروق أسباب عدم اهتمامه إلى عدة نقاط، وقال: "خرجت تلك المظاهرات فى وقت نحن أحوج فيه إلى لمّ الشمل ونزلت تنادى بإسقاط التأسيسية وهو أمر أمام القضاء، ونادت بإسقاط الرئيس الذى جاء وفق آلية شرعية، فبذلك كانت مطالبها ليس بها أى احترام لا للقضاء ولا للإرادة الشعبية ولم تكن هناك آليات واضحة لما ينادون به". الحجم الحقيقى ويعلق مجدى حسين رئيس حزب العمل قائلا: "نحن نتفق أنه من حق أى تيار أن يعبر عن رأيه بعيدا عن الاتفاق والاختلاف معه فى الرؤية التى ينادى فهذا مبدأ أقرته ثورة 25 يناير فى حرية كل فصيل فى التعبير عن رأيه، وقد كانت تظاهرات يوم الجمعة فرصة جيدة ليعرف كل تيار حجمه الحقيقى؛ لأن ما كان يوم الجمعة كان بعيدا كل البعد عن كونه مليونية، وإنما كان تجمعا لتلك الأحزاب والتيارات التى دعت إليها". وتابع: "رغم اتفاقنا مع أن التعبير عن الرأى حق مكفول، لكن ما حدث يخطط لعمل خارج الإطار الشرعى؛ لأنه الآن بعد ما انتهت مصر من حكم العسكر فى 12 أغسطس وبدأت البلاد مرحلة جديدة من البناء أصبحت الانتخابات هى وسيلة التغيير المنشود، خاصة أن الانتخابات قاربت، فبعد الدستور ستجرى انتخابات تشريعية ومحلية وبرلمانية، ومن يريد التغيير وخوض الانتخابات فعليه أن يقوى نفسه ويزيد من عدد عضويته ويعرض برامجه". وأضاف حسين قائلا: "للأسف ما يحدث الآن فى مصر هو استطالة المرحلة الانتقالية التى تمر بها البلاد، وكلما قدمنا لدفع البلاد نحو الاستقرار تم افتعال أزمات حتى الأزمة المثارة حول الدستور لا داعى لها؛ لأن المواد المختلف عليها ليست كثيرة، ومن الممكن التوافق حولها، ولا داعى لاختلاق الأزمات ولا التعامل بنفسية المرحلة الانتقالية؛ لأن ما يحدث يؤدى إلى نوع من التمزق فى المجتمع، والبعض يستغل هذه التظاهرات فى جذب مزيد من الأنظار لحزبه وكنوع من الدعاية الانتخابية، لكنه يزعزع الاستقرار ويضر باقتصاد البلاد". شعارات عبثية من جانبه قال د. يونس مخيون -عضو الهيئة العليا لحزب النور وعضو اللجنة التأسيسية للدستور-: "لم تحتوِ مظاهرات يوم الجمعة الماضية على أى إيجابية واحدة تذكر". وتابع: "تعددت سلبيات يوم الجمعة فى عدة نقاط، فأولا كثرة الدعوات إلى ميلونيات لا تتحقق ولا تنعقد تفقد التظاهرات قيمتها الحقيقى، إضافة إلى أنهم خرجوا بشعار عبثى ولا يقبله أى عاقل وهو حل الجمعية التأسيسية للدستور، الأمر الذى يعيد البلاد إلى نقطة الصفر ولا يدفعها نحو الاستقرار، خاصة أن الجمعية شملت جميع الطوائف، ورغم أنهم خرجوا تحت شعار التأسيسية هتفوا فى الميدان بإسقاط النظام ود. مرسى، ونحن الآن بعد ثورة 25 يناير أصبح لدينا حرية وطريق التغيير واضح ومعروف وهو صناديق الاقتراع، فمن أراد أن يسقط النظام والحكومة فليشكل حزبا وليعرض برنامجا واضحا ويقوم بجذب الجماهير". وحول خروج التظاهرات لمحاسبة الإخوان قال مخيون: "محاسبة الإخوان لا تكون هكذا؛ لأنه فى الأساس لم يثبت أن الإخوان هم المسئولون عما وقع فى التحرير يوم جمعة المحاسبة، ومن لديه دليل على تورطهم فليقدمه فى التحقيقات، وليحكم القضاء فى ذلك الأمر، أما إلقاء الاتهامات هكذا فهو أمر غير مقبول". دعوة حزبية من جانبه يرى المستشار زكريا عبد العزيز- رئيس نادى قضاة مصر السابق- أن الإيجابى فى مظاهرة الجمعة هو تأكيد حق التظاهر السلمى والتجمع بعد 60 عاما من القهر والاستبداد، وأن تتحرك كل المسيرات بأمان ودون أى اعتراض من أجهزة الأمن، وتثبت أن المواطن استعاد كرامته بعد الثورة، وتعد الجمعة تمثيلا لأول دعوة حزبية بعد الثورة بينما ما سبقها كانت مليونيات شعبية وليست دعوات حزبية. وأهم السلبيات برأى عبد العزيز وقوع حالات اعتداءات غريبة على أخلاقيات الميدان، وأوضح أنه لن تقوم ديمقراطية إلا باستيعاب التيارات السياسية لبعضها البعض واستيعاب كل فصيل سياسى للآخر، رافضا ما وقع من تنابز وغمز وتراشق بالألفاظ؛ لأنه يولد الكراهية والخلافات، "وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ" داعيا القوى الوطنية والثورية إلى نبذ الخلاف والشقاق، وتفهم الاختلاف بوجهات النظر. وحذّر رئيس نادى قضاة مصر السابق من الخلاف فى صفوف معسكر القوى الثورية والوطنية؛ لأنها يؤدى إلى تفتتها وتشتيتها وضرب بعضنا بعضا مما يترتب عليه على الجانب الآخر تكتل وتجمع معسكر الفلول وبالفعل يجمع صفوفه الآن للتحالف لخوض الانتخابات القادمة وتقدم بالفعل برفع دعاوى لاستعادة الحزب الوطنى المنحل ومقراته وبدءوا بالعودة فعلا للحياة السياسية.