قال تقرير نشره البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية، إن "المقايضة المغلوطة" بين الحقوق الاقتصادية والسياسية كانت سببا فى اندلاع احتجاجات الربيع العربى ودعا إلى سير الإصلاحات الاقتصادية جنبا إلى جنب مع الإصلاحات السياسية. ويأتى صدور التقرير بعد أكثر من عامين على اندلاع انتفاضات الربيع العربى التى أطاحت برؤساء تونس ومصر وليبيا واليمن فى حين تحولت الاحتجاجات المندلعة فى سوريا منذ 22 شهرا على حكم الرئيس بشار الأسد إلى أطول الانتفاضات العربية وأكثرها دموية. وقال تقرير "نظرة جديدة إلى النمو الاقتصادى: نحو مجتمعات عربية منتجة وشاملة" إن الأسباب الكامنة وراء الربيع العربى تتضمن "انحراف نموذج التنمية وتفكك العقد الاجتماعى اللذين قام بموجبهما المواطنون العرب بمقايضة الحريات السياسية مقابل الحصول على الوظائف، والإعانات المتنوعة، وتدنى الضرائب والحصول على مساعدات من الدولة، وقد أدت السياسات الاقتصادية إلى جانب ضعف هيكليات الحوكمة الديمقراطية والاقتصادية إلى انحراف المحفزات الاقتصادية عن مسارها والى ممانعة أنماط التحول الهيكلى لاستحداث فرص العمل اللائق". وأضاف أن التحولات المستمرة فى المنطقة العربية تبرز "المقايضة المغلوطة بين الحقوق الاقتصادية والحقوق السياسية فعلى الإصلاحات الاقتصادية أن تتماشى جنبا إلى جنب مع الإصلاحات السياسية"، مشيرا إلى أن المنطقة العربية "سجلت أدنى المعدلات من حيث النمو فى دخل الفرد الواحد ومن حيث حرية التعبير والمساءلة" مما يعكس عدم انخراط المواطنين فى وضع السياسات. ورغم الإصلاحات فى دول المنطقة وجهود تعزيز فعالية القطاع الخاص إلا أن التقرير قال إن المنطقة العربية لا تزال "من بين المناطق الأقل تنافسية على المستوى العالمى، وقد فشلت الإصلاحات فى معظم الأحيان فى ضمان تكافؤ الفرص فى السوق، كما بقيت معدلات الاستثمار منخفضة". وأشار إلى أن المنطقة تسجل "أعلى معدل بطالة لدى الشباب على الصعيد العالمى حيث يبلغ 23.2% بالمقارنة مع المعدل العالمى البالغ 13.9%"، وتسجل المنطقة أيضا أعلى معدل للبطالة لدى الشابات فى العالم بنسبة 37%. وأشار إلى أن معدلات البطالة فى العديد من دول المنطقة لدى الشباب المتعلمين تساوى بل وتتخطى معدلاتها لدى الشباب الأقل تعلما كما أن العمال المتعلمين لا يتقاضون أجرا أعلى بكثير من العمال الأقل تعليما. "أما فى الاقتصاديات غير القائمة على النفط فيعتبر التعليم عنصرا أساسيا يخول للباحثين عن عمل إيجاد وظيفة محلية أو الهجرة إلى بلد آخر. وبالتالى يتمتع الطلاب فى هذه الاقتصاديات بمعدلات أعلى من حيث التحصيل العلمى". ولم تكن المشكلة فى العالم العربى فى نقص المهارات وإنما فى عدم وجود طلب فى سوق العمل على المهارات. وأشار التقرير إلى أن من غير المرجح أن يهتم أصحاب العمل العرب "بإتاحة فرص التدريب أمام العمال لأن قضايا مثل استقرار الاقتصاد الكلى والفساد والضرائب والتمويل تسترعى انتباههم أكثر من مسألة النقص فى المهارات".