المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ترحب بإقرار قانون "رعاية المريض النفسي" وتطالب الحكومة بخطوات إضافية لتعزيز الحق فى الصحة النفسية رحبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم بالإقرار النهائى لقانون "رعاية المريض النفسي" فى جلسة مجلس الشعب التى انعقدت أمس الأحد الموافق 26 إبريل 2009، بعد ستة أشهر من المناقشات داخل المجلس. وأكدت المبادرة المصرية أن إقرار القانون الجديد يدشن لمرحلة جديدة من العمل على تعزيز وحماية حقوق الأفراد المصابين باضطرابات نفسية، وأن نجاح القانون سيكون رهناً بقيام الحكومة باتخاذ خطوات إضافية وجادة لضمان الالتزام بتطبيقه ضمن سياسة شاملة لتطوير خدمات الصحة النفسية فى مصر. وقالت الدكتورة راجية الجرزاوي، مسئولة ملف الصحة والتمييز بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية "إن إقرار القانون الجديد خطوة إيجابية تأخرت كثيراً، ومؤشر مشجع إلى أن أعضاء مجلس الشعب قرروا الانحياز لصالح حماية حقوق المرضى النفسيين وعدم الاستجابة لاعتراضات البعض ممن حاولوا الإبقاء على الوضع الحالى عبر مقاومة أى إجراء يهدف للإشراف والرقابة على الأوضاع داخل مؤسسات الصحة النفسية." وأشادت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بعدد من التعديلات النهائية التى كانت لجنة الشئون التشريعية والدستورية قد أدخلتها على مشروع القانون الأسبوع الماضى قبيل تصويت المجلس عليه، خاصة فيما يتعلق بالاستجابة لمطلب المبادرة المصرية بزيادة الضمانات المكفولة فيما يتعلق بالإدخال الإجبارى إلى منشآت الصحة النفسية. ووفقاً للتعديلات النهائية فقد أصبحت المنشآت ملزمة بعرض أمر الإدخال الإجبارى على النيابة العامة خلال فترة لا تتجاوز 24 ساعة، فضلاً عن حق المريض أو غيره من ذوى الشأن فى التظلم من قرار الاحتجاز داخل المنشأة أمام محكمة الجنح المستأنفة وغيرها من آليات التظلم التى ينص عليها القانون. وفى تعديل إيجابى آخر، تمت إضافة نص إلى القانون يقضى بتعديل أى قوانين أخرى ترد فيها كلمات مثل "الجنون" أو "العته" أو "العاهة فى العقل"، على أن تحل محلها عبارة "الاضطراب النفسى أو العقلي". غير أن المبادرة المصرية أعربت فى الوقت ذاته عن أسفها لتعديل العنوان الأصلى لمشروع القانون كما تقدمت به الحكومة وهو "قانون الصحة النفسية" ليصبح عنوانه النهائى "قانون رعاية المريض النفسي". وقالت المبادرة المصرية إن العنوان الأصلى كان يهدف إلى تقليل الوصم المجتمعى المرتبط بالاضطراب النفسى والتعامل مع احتياجات الصحة النفسية من منظور شامل لا يقتصر على الزاوية الضيقة للمرض، خاصة فى ظل الإحصائيات التى تشير إلى ارتفاع نسبة الأفراد الذين يعانون من اضطراب نفسى فى مصر فى مراحل مختلفة من حياتهم. وناشدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية المسئولين بوزارة الصحة أن يعملوا على أن تتضمن اللائحة التنفيذية للقانون الجديد عدداً من الضمانات والإجراءات التفصيلية والتى لم يتم إدماجها فى نص القانون رغم المطالبات المتكررة للمبادرة المصرية. ومن بين هذه الضمانات تلك المتعلقة بإجراءات فرض العلاج الإلزامي، ومنع تطبيق أى علاج يسبب آثاراً لا يمكن الرجوع عنها بدون ضمانات حماية كافية، فضلاً عن ضرورة النص صراحة على الحظر التام على استخدام التعقيم كعلاج لأى اضطراب نفسي، ومراعاة مبدأ عدم جواز تضارب المصالح لدى أعضاء مجالس الصحة النفسية التى ستقوم على تطبيق القانون، وكفالة الحماية لبعض الفئات الخاصة من المرضى وخاصة الأطفال والقاصرين. كما يتوجب النص على الضمانات الإجرائية المتاحة للمريض أو ممثليه عند التظلم من قرارات الاحتجاز أو العلاج، بما فى ذلك حقه فى اختيار محاميه أو أن يوفر له محام عند الحاجة، وحقه فى الحصول على نسخ من التقارير والوثائق المتعلقة بحالته، وتقديم تقارير وشهادات مستقلة واستدعاء الشهود، وتمكينه من حضور جلسات نظر التظلم. وأضافت الدكتورة راجية الجرزاوى "رغم ترحيبنا بالقانون الجديد وما سيمثله من تغيير نوعى فى أوضاع المرضى النفسيين، إلا أن القانون لن يتسنى له النجاح دون التزام الدولة بكفالة تقديم خدمات الصحة النفسية ضمن شبكة الرعاية الصحية الأولية، وتوفير خدمات المعالجة المجتمعية مثل العيادات النفسية الخارجية للمرضى والرعاية المنزلية الإشرافية وخدمات التأهيل للأشخاص بعد خروجهم من المرافق النفسية وغيرها، فضلاً عن العمل على إعادة إدماج ذوى الإعاقات النفسية فى المجتمع بتوفير فرص العمل والإقامة والضمان الاجتماعي." كما أكدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن أياً من هذه الخطوات الأساسية لن يكون قابلاً للتحقيق دون زيادة واستدامة المخصصات المالية الموجهة للصحة النفسية بشكل خاص، ولخدمات الرعاية الصحية بشكل عام. وكانت دراسة أصدرها برنامج الصحة وحقوق الإنسان بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية فى نوفمبر 2008 بعنوان: "مشروع قانون الصحة النفسية: خطوة أولى على الطريق الصحيح"، قد تضمنت تحليلاً لنصوص القانون الجديد مقارنة بالقانون المطبق منذ عام 1944، والذى يحمل اسم "قانون حجز المصابين بأمراض عقلية". وتضمنت الدراسة مقترحات تفصيلية بهدف جعل القانون أكثر توافقاً مع الالتزامات القانونية الواقعة على الحكومة بشأن ضمان أعلى مستوى ممكن من الصحة النفسية. كما عرضت الدراسة لعدد من الدراسات والإحصائيات التى أظهرت أن مصر تعانى من قصور شديد فى خدمات الرعاية الصحية النفسية والموارد المادية والبشرية المخصصة لها، خاصة خارج المدن الكبرى. ويقوم القانون الذى بدأت الأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة فى العمل على صياغته منذ عام 2006 بمشاركة فعالة من منظمات المجتمع المدنى ومن بينها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتحديد الأحوال التى تجيز احتجاز المصابين باضطرابات نفسية على غير إرادتهم فى مرافق الصحة النفسية بشكل يتماشى مع المعايير المهنية العالمية. ويؤكد القانون أيضا على حق المريض فى الموافقة المستنيرة على علاجه، ويلزم الأطباء بتسجيل ومراجعة الخطة العلاجية دورياً. كما استحدث القانون نظام الأوامر العلاجية لمعالجة المرضى خارج المستشفيات، ومنع عزل وتقييد المريض دون الالتزام بالضوابط المنظمة لذلك. ومن أهم مزايا مشروع القانون أنه نص على قائمة بحقوق المريض النفسى داخل منشآت الصحة النفسية، وأوجب الالتزام بها ونص على عقوبات فى حالة مخالفتها. ونص أيضا على ضرورة تعريف المريض والقائمين عليه بهذه الحقوق، واستحدث لجنة لرعاية حقوق المرضى بكل منشأة مع النص على مشاركة المجتمع المدنى فيها..