النفس الإنسانية بين الحيرة والضياع

من منا لم يشعر بالانكسار يوما من الأيام..؟ ومن لم ينتابه شعورا بالياس أو ربما الإحباط..؟
نفس كل منا وإن كانت ملك له إلا أن أى إنسان مهما كانت قوة شخصيته فإنه بلا شك لا يستطيع السيطرة عليها كليا لأن النفس لا تخضع لمقاييس وحسابات البشر أو شكله الظاهرى ولكنها ترتبط بحقيقة الإنسان التى يخفيها عن الناس كلها بل إنها ترتبط ببواطن الأمور حتى تلك التى يخفيها الإنسان عن نفسه سواء قد نساها أو تنساها النفس بشكل أساسى ترتبط بتلك الأحلام والأمانى والطموحات التى يسعى كل منا بتحقيقها فى حياته فإن نجح فى تحقيقها أو حتى بعضها فإن النفس تصل إلى قمة رضاها ولكن العكس تماما يحدث إن فشل الإنسان فى تحقيق ما يطمح إليه ويبقى الحزن واليأس هو المسيطر على نفس كل إنسان يشعر بالفشل.. والإنسان فى حياته بصفة عامة فهو بين هذا وذاك بين النجاح والفشل.. بين تحقيق الأمانى وبين الغوص فى مستنقع اليأس وفى كلتا الحالتين وجب على الإنسان سرعة الخروج من حالته حتى يكمل مسيرته سواء بالاستمرار فى مسيرة تحقيق الطموح والارتقاء بها أو الخروج من مرحلة الإحباط ومحاولة تعويض ما مضى ...
ولكن هل يمكن أن يشعر المرء بالضياع..؟ هل تضيع نفس الإنسان منه..؟
أعتقد من وجهة نظرى أن ذلك الشعور وارد جدا خاصة فى ظل تلك المرحلة الصعبة وتلك الأزمات الاقتصادية والضغوطات النفسية التى تلقى بقوتها على كاهل الأفراد.. وعدم القدرة تماما على تحقيق أى من الأهداف المراد تحقيقها.. أو الواجب على الفرد تحقيقها ..
وهكذا تبقى النفس الإنسانية فى موجه من الصراعات المتتالية التى تستمر وتشتد قوتها باستمرارية الإنسان فى الحياة وتبقى الحيرة هى المسيطرة على الإنسان لإرضاء نفسه بشتى الطرق والوسائل.. ويبقى الضياع هو مصير كل من يستسلم لليأس وعدم القدرة على الخروج منه..
وإن كانت النفس بمثل هذا التشتت فيبقى القلب والعقل وما يكمن فيهما من أحلام وأمانى وأيضا جروح وعذاب هو من يحدد كيف تكون أنفسنا.. وإن كنت أرجو من الله أن تكون أنفسنا جميعا هى النفس المطمئنة الراضية بقضاء الله وقدره.. وإن لكل إنسان نصيبه فى هذه الحياه.
وعلى الإنسان مهما كان حزنه على فقدان حلم أن لا ييأس وأن يستمر الحلم لأن الحياة لا تقف لأحد.