أعلن حلمى سالم باتحاد الكتاب أمس العاشرة مساء، أنه فى طريقه لرفع قضية على من اتهموه بالكفر والعمالة، وأنه وقع عليه قذف وسب، واتهم أنه كافر وعميل، وحصل على أموال من دول أجنبية فى عريضة الدعوى التى قدمت لسحب الرخصة من مجلة إبداع، وأنه رداً على هذا السب والقذف سيباشر مع زملاء معه هذه الدعوى للتشهير به وبدينه قائلاً "لا أظن أحداً من الشيوخ أفضل إيماناً منى". جاء تصريح حلمى سالم خلال الندوة التى عقدت باتحاد كتاب مصر، لمناقشة حرية الرأى والتعبير ومصادرة مجلة إبداع، وقال حلمى "إن الذى استقر فى نفسى وأنا أكتب القصيدة إنه ليس فيها إساءة للذات الإلهية، وإنما تحمل نفحة صوفية لمن يريد أن يرى"، مؤكداً أن مصادرة مجلة بسبب قصيدة أو نص سابقة لم تحدث فى التاريخ الثقافى المصرى الحديث ولا القانونى، رغم أن القاضى الطبيعى للأدب هم الأدباء، ورجال الدين يقولون لنا دائما "اسألوا أهل الذكر" وأهل الذكر فى الأدب هم النقاد. وردا على إلغاء ترخيص إبداع بسبب قصيدته، قال "سالم" إن الأدب ليس تجارة مخدرات ولا تهريب كوكايين، ولا دعارة حتى يتم التعامل معه بهذه الطريقة، وأن الجريمة فى الأدب هى جريمة مجازية لأن الأدب مجازى، وبالتالى لها مجال آخر فى محاكمتها غير المحاكم. واعتبر أن السبب الرئيسى فى التضييق على حرية التعبير هى الأرضية القانوينة والأسرار الدستورية والفقهية التى يستند عليها الشيوخ والعامة، لأنهم ليسوا جهلة ولهم دراية بالقوانين التى تعيق هذه الحرية مثل قانون الحسبة، مشيراً إلى كل الاستدراكات التى تكبل من فعالية قوانين حرية الرأى والتعبير بما ينزع الحرية من مضمونها، حيث لا يوجد قانون لا يخلو من شرط واستدراك "فى حدود القانون، بما يتفق مع ثوابت المجتمع، الآداب العامة، مالا يخل بالوحدة الوطنية"، ولذا لا يلوم القضاة لأنها يحكمون بمرجعيات تتفق مع الدستور الذى يلزمهم بالمادة الثانية من الدستور بأن الدين الإسلامى الدين الرسمى للدولة. وتحدث حلمى سالم عن الحاجة فى مصر إلى الدولة المدنية قائلا "إشكاليتنا فى الشكل هل نحن دولة مدنية أم دينية، كنا منذ حوالى مائتى عام دولة مدنية، وتآكلت حتى وصلنا إلى وضع مشكل، شكل مدنى لدولة وجوهر دينى بما يضعنا أمام مشكلة فادحة وفى تناقض غريب، فكل الأشخاص عندما يسألون يبحثون عن رأى الفقيه والدين، والدولة نفسها تفعل ذلك، ولكن لا أحد يبحث عن رأى القانون"، واصفا معظم المؤسسات بأن بها "عفريتاً دينياً" كما يشير إلى أنه يوجد فى القرآن مساحة كبيرة يرد بها المتشددون على ما نستدل به من القرآن على حرية التعبير، لأنه حمال أوجه، خاصة أنهم يعتبرون أنفسهم وكلاء الله فى الأرض. واقترح سالم عدة اقتراحات تتبناها نقابة الصحفيين واتحاد الكتاب فى إطار عمل مشترك، أهمها بعد الطعن فى الحكم التقدم بقوانين لمجلس الشعب، لإلغاء الحسبة نهائياً، وإلغاء الاستدراكات التى تكبح الحرية فى الدستور والقانون، وتعديل المادة الثانية فى الدستور بحيث لا يصير الدين الإسلامى المصدر الرئيسى، وإنما يضاف كل الأديان السماوية وكل المواثيق الدولية وحقوق الإنسان، والتراث المصرى الدينى القديم السابق للأديان، كما اقترح أن يصدر قانون من مجلس الشعب بأن يكون الفصل فى الأدب لمؤسسة تضم جماعة من النقاد فى مصر، وليس رجال الدين. الدكتور عبد المنعم تليمة تحدث عن الفرق بين فترة ما قبل ثورة 52 وما بعدها، فى الفترة الأولى كانت مصر أكثر حرية حتى إن طه حسين هو واحد من أربعة هم صاغوا بنود الحريات فى لائحة اليونسكو ووقعوها، مؤكداً أن فرنسا تعلمت من المجتمع المدنى المصرى قبل الثورة، ولكن فى الفترة الأخيرة صارت الأمية المستبدة والديمقراطية العجوز هى المتحكمة فى الأمور، وقامت بتصفية التعددية والمؤسسات المدنية، ولا حل لنا إلا بالعودة إلى "المؤسسية"، لأن هذا المجتمع ليس مجتمع أفراد مهما كان نبوغهم، ولابد من وجود مؤسسات تدافع عن حرية التعبير. "بعدما ينتهون من حرق الكتب سينتهون من حرق دور النشر" وهى جملة للشاعر الأسبانى غارسيا لوركا قال الدكتور صلاح السروى، إنها دليل عملى على ما يحدث فى مصر، لأننا بإزاء كارثة حقيقية، لو سرنا على نفس المنطق سنغلق هيئة الكتاب التى أصدرت المجلة، وبعدها سنغلق وزارة الثقافة، مؤكداً أنه لا يعلق على أحكام القضاء وإنما على العقلانية التى وصلت لهذا الاستخلاص، ومؤكداً أن هذا التعامل بهذه الطريقة يصيب الإبداع بأقصى الضرر ويجعل من المبدع رقيبا على إبداعه. فيما أشار المستشار حسن هند إلى الفرق بين القضاء قبل الثورة وبعدها، حيث ضرب مثلاً بكتاب "الشعر الجاهلى" لطه حسين، والذى رفض القاضى فيه اتهام طه حسين بأنه أساء إلى الإسلام، فيما أصبح المثقف بعد الثورة تابعاً ومندمجاً فى المؤسسة، ووضع شروطاً لتلقى الإبداع فى خدمة الشرطة والقبضة البوليسية. اقرأ نص ما كتبه وائل السمرى امس السبت، مطالباً الشاعر حلمى سالم بمقاضاة من اتهموه بالعمالة والكفر. لماذا لا يقاضى حلمى سالم من اتهموه بالعمالة والكفر؟