احتشدت مجموعات من الشباب الهندى فى منطقة (جانتار المنطار) بوسط العاصمة، اليوم، الثلاثاء، فى أول يوم من العام الجديد ليس للاحتفال به، ولكن للتعبير عن غضبهم الشديد فى أعقاب وفاة الفتاة المغتصبة فى سنغافورة السبت الماضى. ويؤكد هؤلاء الشباب أنهم مستمرون فى الاعتصام والتظاهر حتى تلبى الحكومة الهندية مطالبهم بتبنى إصلاحات جذرية فى مجال الأمن وإجراءات تعديلات على القانون الجنائى بالرغم من الجهود الحثيثة لتهدئة الوضع واحتواء الغضب. وفى محاولة لامتصاص غضب الشارع، قرر الرئيس الهندى براناب موخرجى، وزعيمة حزب المؤتمر الحاكم سونيا غاندى إلغاء الاحتفالات بالعام الجديد، فضلاً عن قرار الحكومة الهندية بتشكيل لجنة قضائية لمراجعة القوانين الحالية المتعلقة بالعنف ضد النساء. وأعلنت حكومة دلهى عن تقديم مساعدة مالية تقدر بنحو 30 ألف دولار لأسرة الفتاة الضحية ووظيفة عمل. وبالرغم من هذه الإجراءات، إلا أن الشباب الهندى ليس مقتنعا بجدية الحكومة فى تبنى إجراءات صارمة ضد مرتبكى جرائم الاغتصاب، التى تعد أمرا شائعا فى البلاد.. ومن اللافت النظر استمرار توافد المتظاهرين من كل الأعمار على منطقة (جانتار المنطار) التى لا تبعد كثيرا عن "انديا جيت" (بوابة الهند) الشهيرة فى وسط دلهى والقريبة من المبانى الحكومية المهمة، ومقر رئيس الجمهورية بالرغم من برودة فصل الشتاء. ويجلس الشباب فى حلقات للنقاش وآخرون يصيحون غضبا قائلين "نريد العدالة.. نريد العدالة.. أوقفوا هذه الوحشية"، فى حين يجلس بعض الأطفال والشابات على الأرض للرسم على الورق للتعبير عن مظاهر غضبهم من حادث الفتاة المغتصبة.. كما يزور بعض المارة المنطقة لمشاهدة المظاهرات الغاضبة، التى تعد شيئا جديدا على المجتمع الهندى ورؤية الشاهد، الذى وضع على الأرض وحوله الشموع، الذى يرمز للفتاة المغتصبة المتوفاة. وفى جولة قامت بها مراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط لاستطلاع رأى الشباب المتظاهرين للتعرف على آرائهم، قالت مانيكا (25 عاما - طالبة) "إننى جئت إلى هنا لأدعم الفتاة المغتصبة وجميع ضحايا الاغتصاب ليس فقط نريد العدالة لها، وإنما لجميع الفتيات اللاتى كن ضحايا الاغتصاب والتحرش الجنسى". وطالبت بإقامة محاكم مختصة للنظر فى قضايا العنف ضد المرأة، مضيفة، "إننا لن نقبل بوقوع المزيد من حالات الاغتصاب ونطالب بتغيير القوانين حتى يفكر الرجل عشر المرات قبل الإقدام على اغتصاب سيدة.. نحن نريد تنفيذ عقوبة الإعدام والإخصاء الكيميائى"، مشددة على ضرورة إقامة محاكمة سريعة لحادث الاغتصاب ولا يستغرق الأمر 4 إلى 10 سنوات لتطبيق العدالة. وقالت نياها (26 عاما) تعمل فى مجال تسويق شبكات التواصل الاجتماعى، "جئنا إلى هنا للمطالبة بالعدالة لنا ولبنات وسيدات يتعرضن لهجمات مثل التحرش الجنسى، وإلقاء ماء النار على وجوههن"، موضحة أن الأسباب وراء قيام الرجال بهذا هو نقص التعليم وعدم الانفتاح على العالم، وعدم احترامهم للنساء، حيث إنهم لا يقبلون المرأة ولا يؤمنون بقدرتها الجسمانية والعقلية. وردا على سؤال حول رد فعل الحكومة، طالبت نياها بتبنى قوانين صارمة للغاية، حتى يرتدع هؤلاء المجرمون ويفكرون مليا قبل الإقدام على ارتكاب جرائم الاغتصاب، مؤكدة أن الهند دولة ديمقراطية، ولكننا نريد أن نجعل الديمقراطية حقيقة. وعن رأيها فى خروج الشباب فى ثورات الربيع العربى للاحتجاج على أوضاع سيئة فى بلادهم، أعربت عن اعتقادها بأن هذه المظاهرات تحدث فى جميع دول العالم، حيث تبنت بعض الدول قوانين صارمة نتج عنها تراجع معدلات الاغتصاب، مؤكدة أن مظاهرات اليوم فى الهند تعد نتاجًا لعدة عوامل من بينها التأثر من ثورات الربيع العربى والانفعالات الداخلية الجياشة، لدى الشعب الهندى.