لا شك أن مصطلح السلفية أصبح يأخذ حيزا كبيرا من النقاش والجدال فى وقتنا الحالى، فكان لابد لنا من وقفة مع ذلك المصطلح والذى يثير الخوف والقلق لدى الكثيرين، ولكن فى الحقيقة هذا الخوف غير مبرر فهو من نوع خوف الطفل من الأشكيف أو أبو رجل مسلوخة، الطفل لا يعرف من هؤلاء ولا معنى هذا الكلام، ولكنه يخاف منهم لطريقة عرض هذه المصطلحات عليه فى صورة توحى بالشر، فسرعان ما تنطبع صورة موحشة لهذه المسميات فى ذهنه، كذلك مصطلح السلفية، فكثير ممن يتحدث عن السلفية يتحدث عنها بهذه الصورة نتيجة لما انطبع فى ذهنه عن قراءته فى الفلسفات الغربية مثل كتابات أرنولد توينبى أو أوجست كونت وموقفها من السلفية، والتى لها مفهومها الخاص عندهم والذى يختلف عنا، فهى عندهم تمثل عصر سلطة رجال الدين ومحاكم التفتيش ومحاربة العلم الحديث، فانتقل هذا المفهوم مع انتقال هذه التصورات الفلسفية الغربية إلى كتابنا ومثقفينا، ولكن فى حقيقة الأمر هم لم يطلعوا كفاية على ما يؤهلهم للحديث عن السلفية عندنا وعن اتجاهاتها المختلفة، وكثرة من يدعون الانتساب للسلفية وهم فى الحقيقة ليس لهم نصيب من الانتساب للسلف سوى الادعاء، وأحزن أيضا عندما أجد من الكتاب من يختزل السلفية فى أنهم يتمسكون باللحية والنقاب ولا يعرف عنهم أكثر من ذلك. أسوق هذه المقدمات لأدعو الناس إلى التفكير بطريقة جديدة فى السلفية، أو بمعنى آخر محاولة جدية لفهم الفكر السلفى، ولا مانع من تقديم النصح للمنتسبين للسلفية وهم عن منهج السلف أبعد ما يكونون، فلدينا تراث لسلفنا من أروع ما يكون فى تكوين حضارة بهرت العالم كله فى زمانها، فلماذا لا نعيد إحياء مجد هذا السلف فى الخلق والعلم والحضارة والتقدم؟.