بعدما نجحت المبادرة الخليجية فى حل الأزمة اليمنية بنقل السلطة من الرئيس اليمنى على عبدالله صالح لنائبه عبدربه هادى منصور عبر انتخابات شبيهة بالاستفتاء على شخص واحد، سار النموذج اليمنى هدفا للتطبيق فى نزاعات إقليمية مثل الوضع فى سوريا، حينما طلبت تركيا على سبيل المثال أن يحل نائب الرئيس فاروق الشرع بديلا لبشار الأسد فى السلطة لحل الأزمة السورية، لكن نقل السلطة فى اليمن من صالح -المغضوب عليه من المعارضة- إلى نائبه الذى حاز على توافق يمنى، لم يكن الحل لكل الأزمة فى اليمن، فبعد مرور قرابة العام على الانتقال إلا أن مشاكل اليمن بدت كما هى، بل تصاعدت فى عدة نواحى منها المتعلق بتواجد عناصر تابعة لتنظيم القاعدة فى اليمن، فضلا عن تحركات الجنوبيين للانفصال مرة أخرى، وطغت القضيتان على سطح الأحداث ليشكلا معا السم الذى أفسد عسل الثورة اليمنية. فيما يتعلق بالقاعدة، فقد نال الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى إشادة لتعاونه فى الحرب على التنظيم، لكن دعمه المعلن لضربات تشنها طائرات أمريكية بلا طيار تقتل فى بعض الأحيان مدنيين، هزت من شعبيته فى الداخل، خاصة أن اليمن شهد حملة متصاعدة للضربات الصاروخية الأمريكية فى الأشهر القليلة الماضية، وكثيرا ما تستخدم فى تلك الهجمات طائرات بلا طيار وذلك بعد أن استغل المتشددون الفراغ الأمنى الذى نتج خلال الانتفاضة ضد صالح العام الماضى. وبخلاف القاعدة التى تشن هجمات متتالية على قواعد حكومية فإن الحراك الجنوبى الذى بدأ ينشط مؤخرا يمثل هاجسا أمام الثورة اليمنية، فقد عاد زعماء انفصاليون يمنيون مجددا مستفيدين من ضعف السلطة المركزية فى صنعاء، وتحرر المناخ السياسى بعض الشىء بعد الإطاحة بصالح لحشد الدعم لإحياء دولة اليمن الجنوبى، وعاد بعض الانفصاليين البارزين إلى جنوب اليمن فى الفترة الأخيرة لحشد التأييد الشعبى عن طريق تنظيم مسيرات حاشدة فى الشوارع والقيام بجولات فى محافظات الجنوب وتأسيس جماعات تضم حركات مختلفة. وتواجه الحكومة المركزية فى الشمال تحديا صعبا فى إقناع الجنوبيين بالجلوس فى جلسات الحوار الوطنى المحدد لها نوفمبر المقبل حول إصلاح النظام السياسى وحسم قضايا مثل موازنة النفوذ واقتسام الموارد، خاصة فى ظل تمسك الجنوبيين بالانفصال. الوضع الداخلى القابل للانفجار لا يعتبر المأزق الوحيد الذى يواجه الثورة اليمنية، فهناك قوى خارجية تترصد باليمن، ومن هذه القوى إيران التى اتهمها علنا الرئيس اليمنى بالوقوف خلف التحركات التى تحدث فى الداخل اليمنى، وقال فى سبتمبر الماضى إن صنعاء كشفت ست خلايا إيرانية هذا العام فى اليمن، وهو ما دفع طهران لاستدعاء القائم بالأعمال اليمنى للاحتجاج.