تحاول أمتنا العربية تجاوز أيام هى الأسوأ على مدار تاريخها الطويل، وهى نتاج سياسات مجحفة امتدت لعشرات السنين، وأورثتنا تركة هائلة من الفقر والجهل، حتى أصبحنا فى ذيل الأمم وتخلفنا عن ركب التقدم ومواكبة العصر. ونتيجة طبيعية لهذه الظروف القاهرة أن يصاب شبابنا باليأس والإحباط، وينتابه شعور بالدونية والظلم والقهر والكفر بالمستقبل، وتضيع منه القدوة والهدف ويسقط فى الهاوية. فقد استيقظنا فى الخمسينات من القرن الماضى على ثورات اجتاحت العالم العربى بدءاً من ثورة 23 يوليو بمصر عام 1952، وامتداد آثارها إلى كافة أقطار الوطن العربى من مشرقه إلى مغربه، وطرد الاحتلال الأجنبى، وتولى أمرنا حكام منا أعطيناهم البيعة، وانتظرنا الخير، وتغيُّر الأمور على أيديهم، وها نحن بعد أكثر من نصف قرن نجنى الثمار، خيبة أمل وجهل وفقر واستبداد، وأمة ضحكت من جهلها الأمم. واستيقظنا فى العام الماضى على إشراقة أمل انبعثت من ثورات الربيع العربى التى اجتاحت وطننا من شرقه إلى غربه عاصفة بأنظمة مستبدة، وحكام لم يراعوا الله فى شعوبهم، فهل يشبه اليوم البارحة، لقد تركنا ثورات الخمسينات فى أيدى حفنة يسرقوننا وينهبوننا ويكمموا أفواهنا، تركناهم وكأنهم أقدارنا، عشنا بسلبية وتركناهم يديرون لنا حياتنا، وكأن هذه بلادهم، ونحن ضيوف عليها، تخاذلنا فكان حقا علينا ما نحن فيه. فلننتبه جميعاً حتى لا تعاد الكرة مرة أخرى فلتعلوا أصواتنا فلنفكر فلنقترح فلنغير، فهذه بلادنا، فلنملك إيجابية القرار والمشاركة، حتى لا تسرق منا بلادنا مرة أخرى. وشبابنا هو الأمل الذى ثار ونفض عن كاهله موروثات سنين طوال، وعليه أن يحمل الراية، ويشحذ الهمم، للخروج من مستنقع الفساد والتخلف، ودفع حالة اليأس والإحباط، وإزالة الضباب الكثيف، وإفساح الطريق لشعاع الأمل أن يصل إلى نفوسنا وعقولنا، والوصول بثورات الربيع العربى إلى ما نحلم به من خير لهذه البلاد. فلنترك اليأس، ونعمل معاً ونجاهد ونثابر ونحلم، ونعمل على تحقيق الحلم، حتى نرى أولادنا وأوطاننا فى طليعة الأمم.