جاءت زيارة أحمد أبو الغيط وزير الخارجية إلى بروكسل، والوزير عمر سليمان لواشنطن فى إطار إطلاع الأوساط الدولية على التقدم فى حوار الفصائل الفلسطينية بالقاهرة، وإقناعهم بتخفيف شروطهم المطلوبة من الحكومة الفلسطينية القادمة، ليصبح السؤال الأهم المطروح على الساحة السياسية فى الوقت الراهن، هل سيشكل الفلسطينيون حكومة مقبولة دولياً؟ أكد الدكتور جمال عبد الجواد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن شروط المجتمع الدولى تتمثل فى موقف اللجنة الرباعية الدولية، وهى قبول الاتفاقات السابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل، ونبذ العنف أو المقاومة المسلحة، والاعتراف بإسرائيل، تلك الشروط الدولية لن تتغير والواجب عمله فى الفترة الحالية هو التوصل إلى تصور يقبل التوفيق بين موقف المجتمع الدولى مع موقف حماس المعروف أيضاً الذى يعتمد على المقاومة المسلحة وعدم الاعتراف بإسرائيل أو الالتزام بالاتفاقيات السابقة. وأوضح عبد الجواد أن حل تلك الأزمة فى أنه يجب تشكيل حكومة تكنوقراط (فنيين لا ينتمون إلى فصائل سياسية) أو حكومة وحدة من الفصائل والتوصل إلى توافق مع الولاياتالمتحدة وأوروبا حتى لا يتم تشكيل حكومة وحدة فلسطينية تثير الانتقادات الدولية، ونعود إلى نفس النقطة التى بدأنا منها مرة أخرى. فى نفس السياق يقول الدكتور سمير غطاس مدير مركز مقدس للدراسات الفلسطينية، إن المفاوضات الفلسطينية لا تزال مستمرة لإنهاء عدة مفاهيم خلافية متعلقة بموضوع تشكيل الحكومة وكيفية إجراء الانتخابات، ولكن حركة حماس تصر أن تشكل الحكومة وألا يتضمن برنامجها السياسى الاتفاقيات التى وقعتها منظمة التحرير من قبل. الحكومة التى سيتم انتخابها ستتولى إعادة إعمار غزة ورفع الحصار، وهذا يعنى أن أى حكومة يجب أن تلتزم بكافة الاتفاقيات، وأضاف غطاس أن حماس لديها أغلبية فى البرلمان ومن الممكن أن تسحب ثقة الحكومة الجديدة فلديها برنامج سياسى ولن تتخلى عنه. الخلافات فى ملفى تشكيل الحكومة والانتخابات يتلخص فى أن حماس تصر أن تكون انتخابات يناير 2010 القادمة انتخابات رئاسية فقط وليست برلمانية، وتطالب برفع النسبة المطلوبة للمشاركة فى الانتخابات إلى 10% من نسبة التمثيل البرلمانى وهذا معناه أن فتح وحماس فقط هما اللذان سيتجاوزان هذه النسبة، بينما تطالب بقية الفصائل بأن تكون النسبة 1,5% فقط. ومن جهته، أكد الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن السؤال الحقيقى أصبح ليس هل سينجح الفلسطينيون فى تشكيل حكومة أم لا، ولكن هل سيتقبل المجتمع الدولى تلك الحكومة وهل ستنجح هى فى التعامل معه أم لا؟ المشكلة الرئيسية – وفقاً لجاد - ستكون فى حالة تشكيل حكومة وحدة مكونة من الفصائل المختلفة بما فيها حماس التى أكدت موقفها بعدم الالتزام باتفاقات منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل، وبالتالى سيتم رفضها من المجتمع الدولى، وهذا هو السبب الحقيقى وراء زيارة الوزير عمر سليمان لواشنطن من أجل إقناع الولاياتالمتحدة بحكومة تضم أعضاء من حماس، وأنهم سيحترمون الاتفاقات السابقة بدلاً من الالتزام بها، مضيفاً أن "تشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن الفصائل هو المخرج الوحيد من تلك الأزمة".