أن يطمح كل عامل بالدولة فى أن يكون هو القائم بالمنصب الرفيع.. ذاك أمر وطموح طبيعى يجب إعزازه وتقديره. فالمجتهدون فقط هم أصحاب الهمم العالية والطموح المحمود، فكل فرد منا يبحث لنفسه عن مركز مرموق.. يفتخر ويفاخر به غيره، ولاسيما إن كان مخلصًا فتراه يتخذ من منصبه ومركزه منبرا لخدمة أصحاب الحاجات الملحة.. هذا بالطبع إن لم يتكالب عليه أبالسة المنافع أو يغيره المنصب سلبا نظرا لشخصيته المحرومة البائسة النشأة. ولن أخفيكم سرا أن لكل سلطة بريقا خاصا بها.. فتبهر صاحبها بمكانته المرموقة التى اعتلاها.. (إلا ما رحم ربى).. فدوما ترى العقلاء حيارى وهم يسردون تاريخ الرئيس الأعلى فى السلطة ولاسيما إن كان منذ زمن قريب موظفا بسيطا قابعا مثل غالبيتنا وطبيعيا أنه كان حانقا أيضًا حين ذاك على كل تلك التفاصيل المملة والروتينية فى العمل.. فضلا عن غضبه من تعسف رؤسائه وتجاهلهم له آن ذاك. حيرة العقلاء تزداد دوما عندما يطالعون مواقفه وقراراته غير المسئولة أحيانا وكأنه لم يشغل تلك الوظائف قط. فنحن على يقين تام بقدرة الله (عز وجل) وفضله علينا جميعا، وأنه حتما سيأتى يوم – آت لا محالة – سيتقلد معظمنا بعض تلك الوظائف القيادية وسيبصر المبصرون ما تجود به قرائحنا من أفعال وأقوال.. راجيا أن يكون هناك بالفعل تغير للصالح العام حين ذاك. ولن يجترئ أحد على اللوم عن ما سلف فهذا طموحا وظيفيا محمود وطبيعى الحدوث، طالما اجتهد وأخلص كل منا فى عمله ووافاه حقه بالكيفية التى يرتضيها ضميره الواعى .. وبغير هذا الطموح سنظل موتا فى دهاليز تلك الحياة. فليراهن الرؤساء على مساعديهم ومرؤوسيهم وليتخذوهم عونا وسندا.. وأن ينهجوا منهاج المكاشفة والمصارحة، وليثق أيضا المرؤوسون فى رؤسائهم بالقدر الذى تستتب عنده الآلفة وتيسر من خلاله الأعمال. فالعمل الجماعى هو الشراع الأخير والمبتغى الوحيد لنجاة وطننا الغالى من أخطار باتت قريبة ووشيكة.. ولنجعلها دعوة للتوحد والألفة دون أن يؤثر ذلك على طموحنا الوظيفى المأمول.. فالوطن سيظل دوما متسعا فضفاضا للجميع.. ولا غضاضة فى أن يراجع الجميع مواقفه وأفعاله.