شهدت سوق السيارات تراجعا كبيرا فى المبيعات خلال الشهرين الماضيين متأثرة بتداعيات الأزمة المالية العالمية، واتهم الوكلاء والتجار البنوك بالتشدد والمغالاة فى منح قروض السيارات، الأمر الذى أدى إلى إغلاق العديد من المعارض وزيادة الصراعات على التوكيلات فى الوقت الذى يحدث فيه نوع من الإغراق للسوق بالسيارات من غير بلد المنشأ مثل السيارات الموجودة فى الخليج العربى والتى من المتوقع أن تتعدى العام الحالى رقم 350 ألف سيارة من موديلات 2009 - حسب ما أكده تقرير تعده حاليا غرفة صناعة السيارات- وهو ما يجعلها أقل سعرا من مثيلتها الآتية عبر الوكيل المعتمد، وأقل أيضا من المصنعة محليا. البعض اتهم التجار بمحاولة ممارسة ما يشبه «تسقيع سوق السيارات» واتجاههم إلى تخزين موديلات العام السابق والامتناع عن بيعها لكى يتمكنوا من البيع بسعر الموديلات الجديدة، فهل يمكن فعلا حدوث تسقيع فى قطاع السيارات؟ أم أن هناك أسبابا أخرى لعدم استجابة السوق المحلى للانخفاضات العالمية؟ طلال كمبان مدير التسويق بشركة جيلى للسيارات نفى بشدة حدوث ما يطلق عليه تسقيع لسوق السيارات، مؤكدا استحالة حدوثه فى ظل حالة الركود التى يمر بها سوق السيارات، وقال إن معظم التجار يتمنون التخلص من البضائع الراكدة من السيارات بأى شكل من الأشكال، وهو ما دفعهم إلى إعطاء ميزات أفضل عن السابق من خلال إطالة مدة التقسيط وغيرها من الميزات، لافتا إلى أنه كان من الممكن حدوث عمليات لتسقيع السيارات فى الماضى أما الآن وفى ظل حالة الركود القاتلة فلا يمكن حدوث ذلك. وأكد «كمبان» أن البديل الحالى أمام الشركات والوكلاء والموزعين هو طرح السيارات بنظام التقسيط اعتمادا على محافظها الخاصة أو اللجوء إلى شركات الإقراض بغرض شراء السيارات التى يصل عددها إلى نحو 6 شركات، وتعمل على غرار شركات التمويل العقارى. وأشار «كمبان» إلى أن منح قروض لشراء السيارات لا يجب أن تكون من خلال البنوك، وإنما من خلال شركات إقراض السيارات التى لديها خبرة كافية بالسوق، وتقوم بالشراء من الشركات الأم والبيع للعملاء بالتقسيط، وموضحا أن الطفرة التى حدثت فى مبيعات السيارات خلال الفترة الماضية بعدما وصلت إلى بيع نحو 180 ألف سيارة كان أكثر من70% منها يعتمد على الاقتراض من البنوك، وقال أن هذه النسبة من قروض شراء السيارات لن تتكرر فى الفترة المقبلة، مع تشديد البنك المركزى وتحذيره البنوك الأجنبية من التوسع فى التجزئة المصرفية بشكل عام، بالإضافة إلى الضغوط التى تتعرض لها هذه البنوك جراء الأزمة المالية العالمية. ولفت «كمبان» إلى أن هناك اتجاها من قبل وكلاء السيارات للوصول إلى اتفاق مع الشركات الأم للبيع بالتقسيط للعملاء بفائدة مناسبة للخروج من مأزق ركود السوق حاليا، فى الوقت الذى أشار فيه إلى احتمالات قادمة بتقليص حاد فى عدد التوكيلات فى مصر، وربما تم غلق بعضها تأثرا بما يحدث فى السوق. رئيس شعبة السيارات بغرفة القاهرة اللواء عفت عبد العاطى، أوضح أن سوق السيارات فى مصر تأثر بالفعل بالأزمة العالمية، وأن المبيعات تراجعت بنسبة تفوق ال40% منذ بداية 2009، نتيجة تخفيض البنوك لحجم تمويلها لهذا القطاع، مشيرا إلى أن تراجع مبيعات السيارات فى الدول التى تأثرت بالأزمة العالمية انعكس على سوق السيارات المصرية، خاصة بعد إفلاس عدد من كبريات شركات تصنيع السيارات فى العالم. ونفى «عبدالعاطى» أن يكون السبب فى ذلك هو حدوث عمليات تعطيش أو «تسقيع» للسوق، كما نفى إمكانية انخفاض أسعار السيارات خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى أن أسعار السيارات ترتبط بسعر صرف عملات الدول المصدرة، وأهمها الدولار والين اليابانى وأنه بارتفاع أسعار هاتين العملتين بواقع 12% كما حدث الأيام الماضية سيؤدى ذلك إلى ارتفاع أسعار السيارات. واعترف رئيس شعبة السيارات بتسريح أعداد من العمالة المؤقتة لتقليل الأعباء على الشركات، قائلا: سنسرح عددا من العمالة بدلا من أن نعلن إفلاسنا. وقال «عبدالعاطى» إن الأزمة أثرت بشكل كبير على شركات السيارات العالمية والتى تعانى من مشاكل كثيرة، وقامت بتسريح أعداد كبيرة من العمالة بهدف خفض تكاليف الإنتاج، ومشيرا إلى وجود مخزون كبير من السيارات لدى الوكلاء المصريين تم شراؤه بأسعار مرتفعة، لكنهم حتما سيتأثرون بالانخفاض العالمى وسيضطرون للبيع بالخسارة. ونفى رئيس شعبة السيارات ما يردده البعض عن أن حجم مبيعات العام الماضى بلغ 240 ألف سيارة، مؤكدا أنه لم يتعد 200 ألف سيارة، متوقعا أن تتراجع مبيعات هذا العام إلى 120 ألف سيارة، وطالب بضرورة قيام البنوك بإعطاء تسهيلات أكبر لقروض السيارات لإنعاش السوق مرة أخرى قبل أن يعلن وفاته. ورغم كل هذه المشاكل التى تعانى منها سوق السيارات إلا أن الحكومة مازالت مصرة على عدم تخفيض الجمارك عليه خلال الفترة القادمة وهو ما أكده وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد، كما أن أحمد فراج وكيل وزارة المالية استبعد أى تخفيض للجمارك على السيارات المستوردة فى الوقت الحالى، لكنه لفت إلى أن الحكومة سوف تكون مضطرة لتخفيض الجمارك فى العام القادم بنسبة تقدر ب10% تنفيذا لالتزاماتها فى اتفاقيات الشراكة الموقعة مع الدول المصدرة خصوصا الاتحاد الأوروبى وهو أكبر شريك لمصر تستورد منه النسبة الأكبر من السيارات. على الجانب الآخر وفى البنوك، أوضح حاتم إبراهيم حسن مدير إدارة المخاطر فى بنك عودة، أن البنوك لم تتوقف عن تمويل عمليات شراء السيارات بالنسبة للأفراد، إلا أنها لا تمول المعارض خاصة بعد ظهور عمليات للتلاعب مؤخرا وانتشار سماسرة متخصصين فى القروض، وأكد أن شروط الإقراض لم تتغير، وأن البنوك لديها إدارة متخصصة للتأكد من صحة الضمانات. .. وأصحاب المعارض: نبيع سيارة شهريا مقابل 7 فى السابق قامت «اليوم السابع» بجولة على معارض السيارات فى مناطق الدقى والهرم والمهندسين للوقوف على حالة السوق من واقع مبيعات تلك المعارض.ففى معرض الأمل فى المهندسين، أكد منير وهدان أحد المسئولين بالمعرض أن نسبة المبيعات منخفضة بالفعل عن أى فترة سابقة، وأشار إلى أن تسريح العمالة داخل المعرض لم يعد جديدا وهو إجراء اتبعناه منذ عدة أشهر بسبب التوقف شبه التام للمبيعات. فى الوقت الذى أشار فيه محمود الشاطر والمسئول فى معرض أوتو بالمهندسين أن حجم المبيعات انخفض بالفعل بنسبة 90% منذ مطلع 2009، مشيرا إلى أن المبيعات كانت تصل فى شهر واحد إلى نحو 7 سيارات على الأقل، انخفض الآن إلى سيارة أو اثنين على الأكثر. وأكد حامد الباز مهندس فى إحدى الشركات الألمانية الشهيرة للسيارات أن تسريح جزء من العمالة قائم وستصل النسبة بنهاية أبريل القادم إلى 15% من حجم العمالة الثابتة فى الوقت الذى تم الاستغناء نهائيا عن العمالة المؤقتة، وقال أن الأمر لا ينطبق فقط على شركته، بل إن هناك بين 6 إلى 7 توكيلات تأثرت بنسبة 70% من المبيعات والإيرادات. لمعلوماتك... ◄200 ألف سيارة حجم مبيعات العام الماضى