ودع زوجته وطفله الذى لم يتعد عمره العشرون يوما، وابنه الأكبر البالغ من العمر 3 سنوات، وخرج يسعى لجمع لقمة عيشه بسيارته النقل، إلا أنه لم يكن يعلم أن آخر نظرة على طفليه ووالدتهما ستكون فى هذا اليوم، وأنه سيعود لكنها عودة إلى الدار الآخرة، وأنه سيصبح ضحية لعصابة وهبت نفسها للقتل والسرقة والتدمير دون أى حواجز أو قيود تمنعها من ممارسة نشاطها فى التخريب مهما كان ثمنه. "محمد" عمره ثلاثون عاما، متزوج ولديه طفلان، ابنه الأكبر "على " عمره 3 سنوات، رزق بطفل منذ عشرين يوما أطلق عليه اسم "معاذ"، يمتلك سيارة نقل يعمل عليها فى موقف سيارات ناهيا، خرج يوم الثلاثاء 21 من الشهر الماضى بعدما قبل طفليه وودع زوجته كما هى عادته، ثم استقل سيارته وتوجه إلى موقف السيارات، حتى حضر إليه شابان أحدهما يدعى "مهند" وعرضا عليه نقل حمول رخام من منطقة ناهيا إلى شرم الشيخ مقابل مبلغ 1300 جنيه، فوافقه، وأخبر والده بالأمر ثم توجه بصحبة مهند بالسيارة، بينما انصرف الشخص الثانى سيرا على الأقدام ولم يتوجه بصحبتهما. وعقب وصولهما إلى منطقة أكتوبر كان "مهند" يتصل على أحد الأشخاص، ويخبره بالطريق الذى يسيران به، حتى تقابلا مع كل من "حماده" و"عربى" و"شادى" واستقلوا السيارة معهما، وفور ركوبهما أشهر أحدهما سكينا كبيرا وضرب السائق على رأسه فأفقده وعيه، ثم قام الآخر بقيادة السيارة بدلا منه وتوجهوا إلى منزل بمنطقة مهجورة بكرداسة، ثم حملوا السائق وقيدوا حركته وضربوه بمروحة على رأسه، ثم خنقوه بسلكها حتى فارق الحياة فى مدة لم تتجاوز الساعة، ثم حفروا له حفرة بالمنزل، ودفنوه بها ثم ألقوا عليه كمية من الخرسانة، حتى لا تفوح رائحة جثته وينفضح أمرهم. ولم ينتهى الأمر إلى هنا، بل حاولوا بيع سيارته التى قتلوه من أجلها، حتى تم الايقاع بمهند ومتهم آخر اشترك فى تزوير أوراق السيارة لتسهيل بيعها، بينما لا يزال باقى المتهمين هاربين. المأساة بتفاصيلها يحكيها شقيق المجنى عليه الأكبر "أشرف"، وهو فى حالة من البكاء ل"اليوم السابع" قائلا: اتصلت على شقيقى بعدما علمت أنه فى طريقه إلى شرم الشيخ لتوصيل الحمولة، واطمأننت عليه، وعقب مرور عدة ساعات اتصلت عليه مرة أخرى، إلا أننى فوجئت بأن هاتفه المحمول مغلق، حتى صباح اليوم الثانى حيث ظل الشك يراودنى تجاه شقيقى ليقرر شقيقنا الأصغر السفر إلى شرم الشيخ، حتى يتأكد ما إذا كانت السيارة قد سافرت بالفعل إلى هناك من عدمه، حيث فوجئ من خلال كشف السيارات المتوجهة للمدينة بعدم وجود رقم سيارة شقيقه من بينها، فتأكد له وقوع مكروه، وباتصاله على هاتف شقيقه المتغيب، فوجئ بشخص غريب يرد عليه، وعندما سأله عن هويته أغلق الهاتف، ولم يفتحه مرة أخرى. وعلى الفور، توجه إلى قسم شرطة الجيزة، ليرفض ضابط بالقسم تحرير محضر له بالأمر، طالبا منه التوجه إلى قسم شرطة بولاق الدكرور التابع لها منطقة ناهيا الكائن بها موقف السيارات النقل الذى تحركت منه السيارة، وعندما توجه إلى قسم بولاق رفض ضابط بالقسم تحرير محضر بالاختفاء، وأكد له أن قسم الجيزة هو المختص بتحرير المحضر وليس قسم بولاق، فعاد مرة أخرى إلى قسم الجيزة، وبعد مرور فترة طويلة حرر له ضابط بالقسم محضر تغيب، وطلب منه أن يتوجه إلى النيابة للحصول على إذن بتتبع هاتف شقيقه المتغيب، ليتوه فى دوامة فى الوقت. وعندما توجه إلى النيابة بعد معاناة طويلة من الإجراءات، وعدم تواجد الموظفين المختصين، تمكن من إنهاء الأوراق المطلوبة، وتوصلت شركة الاتصالات إلى أن آخر اتصال تم بالهاتف كان بمنطقة كرداسة. وأضاف شقيق المجنى عليه، أنه كان قد تمكن من خلال أصدقائه تجار السيارات من نشر مواصفات السيارة النقل، حتى علم من أحد التجار أن السيارة عرضت للبيع بمنطقة الدقى، وتمكن أحد المقربيين لهم ويدعى الحاج "عزت" وآخر يدعى الحاج "حسين" من الاتصال بالشخصين الذين كانا قد عرضا السيارة للبيع وتقابلا معهما وبدءا فى استدراجهما والتفاوض معهما بحجة رغبتهما فى شراء السيارة، إلا أن المتهمان أجلا عملية البيع، ورغبا فى الانصراف فعرض عليهما الحاج "عزت" والحاج "حسين" توصيلهما بحجة أن طريقهما واحد، وأثناء مرورهما بالسيارة أمام قسم شرطة بولاق الدكرور، استغل الحاج حسين الفرصة، وتوقف أمام مدخل قسم بولاق، وتمكن من ضبط المتهمان بعدما استعان برجال الشرطة، وتم تسليم المتهمين للمقدم أحمد الدسوقى رئيس المباحث، ليعترف أحدهما ويدعى "مهند" بتفاصيل ارتكابه الجريمة كاملة بالاشتراك مع باقى المتهمين الهاربين، وتورط المتهم الثانى المضبوط فى تزوير أوراق السيارة لبيعها. الشقيق الثانى للمجنى عليه، قال إنه تعرف على جثة شقيقه بالمشرحة من خلال بقايا ملابسه، حيث كانت جثته قد تحللت بعد دفنها لما يقرب من 9 أيام ووضع الخرسانة عليها، مؤكدا أن رجال المباحث أهملوا فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط المتهمين وتتبع هاتف شقيقه قبل تعرضه للقتل، مؤكدا أنه سيبحث عن باقى المتهمين للثأر منهم والحصول على حق شقيقه الذى راح ضحية لطمعهم، مطالبا وزارة الداخلية بسرعة التحرك لضبط المتهمين، والقصاص منهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم، لافتا إلى أن اضطرارهم للاستعانة بعدد من المسجلين خطر وقطاع الطرق وعصابات سرقة السيارات لمساعدتهم فى البحث عن شقيقه، بعدما قوبلوا بشىء من عدم اللامبالاة من رجال المباحث.