تتباين ردود الأفعال حول قرض صندوق النقد الدولى لمصر، وتزداد المخاوف من سيطرة غربية، أو تكبيل بقرارات وقوانين فى غير صالح الشعب، بينما يرى البعض فيه فرصة سانحة لتقطيع حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين وعلمائها، متهميهم بقبول القرض اليوم رغم رفضه أمس. وسواء قبلنا القرض أو رفضناه، فالكل يجمع أن مصر فى حاجة كبيرة وماسة إليه، مع ما يقوم به الرئيس مرسى من محاولات لجذب الاستثمارات من الصين اليوم، ومن الولاياتالمتحدة وألمانيا غداً، وما قدمته قطر من وديعة، مع وعود السعودية بتقديم العون، مع قطع أيادى اللصوص وسارقى المال العام، وزيادة دخل القناة وتوجيهه التوجيه الصحيح، إلى جانب مشروع النهضة الذى لم يبدأ بعد، ويحتاج من الوقت والجهد والمساندة الكثير. ولكننى أطالب علماء الأمة المخلصين أن نبدأ سويا حملة صادقة مخلصة لإنقاذ الوطن من قرض الصندوق، ومن الجوع والفقر والمرض والإفلاس، وأقول لهم يا علماء الدين أين دوركم؟ ألم تكتفوا بالفرجة من قبل سنين طويلة؟ هلا قلدتم العز بن عبدالسلام حين باع المماليك وأنقذ مصر من الإفلاس، وجيش الجيوش مع سيف الدين قطز، وانتصروا على التتار أقسى أهل الأرض وأكثرهم سفكا للدماء. يا علماء الإسلام هناك فريضة اسمها الزكاة معطلة ولا أدرى لماذا أنتم صامتون، ومال المسلمين منزوع البركة لأنهم لا يؤدون الركن الثالث، فها كنتم كأبى بكر الذى حارب المرتدين، وقال فى حق مانعى الزكاة "والله لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه"، فهلا قمتم بدوركم وطالبتم الجميع بزكاة ماله ولتكون وديعة لإنقاذ مصر، وصدقونى ستجمعون الكثير، وطالبوا كل أغنياء المسلمين فى الخليج والسعودية وأوروبا وأمريكا ورجال المال والأعمال بدفع زكاة مالهم من أجل إنقاذ الكنانة التى تقف إلى جوارهم وقت الشدة، وعندها لن نسميها قرضاً أو تسولاً، بل سنسميه حق الفقراء فى مال الأغنياء، وصدقونى ستجدون من يحب مصر ويريد أن يعطيها دمه قبل ماله، ولكنهم لم يجدوا من يدفعون إليه ويثقون فيه، بعدما نهب مبارك ونظامه كل ما قدمه العرب والعالم لمصر من قبل. هيا يا علماء الإسلام أحيوا من جديد صناديق النذور والتبرعات فى المساجد، وحثوا الناس على الصدقة، واملأوا خزائن مصر بالمال الذى يغنيها عن الركوع لغير خالقها، والذى يحيها بعد موت، والذى يعيد لها الكرامة والعزة والشرف. يا علماء الأمة ادعونا كل شهر لصلاة الاستسقاء على المطر يسقط والخير يعم والكل ينعم، فقد رزقنا الله تعالى نحن المسلمين بعبادة تنقذنا من الفقر والجدب والجوع، ولا أدرى لماذا تغيب هذه الصلاة عن علماء الأمة، ونحن فى وقت ما أحوجنا إليها، الكل يحاربنا على شربة الماء الملوثة، الكل يخطط كى يقطع عنا شرايين الحياة، وتذكروا مواقف التاريخ والتى كانت صلاة الاستسقاء هى الحل الربانى لمجاعات المسلمين، ليس فقط فى عهد الرسول الكريم ولكن على مر العصور، فهلا أنقذتمونا وأنقذتم أرض الكنانة، وجعلتم لأنفسكم سطراً فى صفحات التاريخ المنير. هيا يا علماء الإسلام حثوا الناس على الاعتدال، وعدم الإسراف، كما عاش عمر بن عبد العزيز الخليفة الخامس، مؤمناً زاهداً قانعاً راضياً، وكما عاش الصحابة الأجلاء والتابعين، بل كما عاش النبى الكريم الذى لم يشبع من طعام قط، وعلموهم أن الإنسان يحيا فى الدنيا للحظات "والآخرة خير وأبقى"، وعلموهم حب الوطن وحب الغايات، وانفضوا عن قلوبهم حب الدنيا والشهوات والحاجات التى لا تنتهى. هلا دعوتم الشعب للطهارة والعبادة والصلاة والاستغفار وترك الذنوب والمعاصى، هلا طهرتم شوارعنا مما نراه ونسمعه، هلا طهرتم بيوتنا من الرجس والدنس الذى تبثه قنوات الفساد والعرى، وأنتم صامتون، وكأنكم لا تعلمون، وكأن دوركم هو المسجد وفقط، ألا تعلمون أنكم فشلتم فشلا ذريعا مع هذا الشعب الذى نقول عنه أنه مؤمن رغم الفساد، وأنه يحب الدين رغم الانحلال والسرقة والرشوة والزنا والمنكرات والإباحية فى السر والعلن، السادة العلماء فشلت مواعظكم وحكمكم وقنواتكم، ونجحت قنوات أخرى فى تشتيت الشعب وإلهائه عن غاياته الصحيحة حتى فى الشهر الكريم، فشلتم فى أن تنقذوا شعبا من براثن الأفلام والمسلسلات والأغانى والرقصات وإباحيات الإنترنت. هلا طبقتم نصيحة نوح لقومه حينما قال لهم "وقلت ياقوم استغفروا ربكم إنه كان غفارًا يرسل السماء عليكم مدرارًا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا". قد لا يقتنع البعض بكلامى ويقول رجل ساذج جاء من خلف التاريخ ،ومن تحت الخيمة، ومن بين رمال الصحراء، ومن أيام أبوجهل ولهب وأمية، ولكنى أقول له هكذا بدأ المسلمون ففتحوا الأرض وعمروها وأقاموا الحضارة، وأسسوا العدل على ظهر الدنيا، وقصموا الجبابرة وأنهو حكم القياصرة، ودانت لهم الدنيا قاطبة من شرقها إلى غربها، حتى تخلوا عن مبادئهم فأكلتهم الفئران وتربت على جيفهم الزواحف. فهلا قمتم ياعلماء الأمة بدوركم، أم أنكم تحبون مشاهدة المسرحيات وأنتم متكئون؟.