فى الوقت الذى تدور فيه خلافات كبيرة بين مجلس النواب الأمريكى ووزارة الدفاع حول الانسحاب النهائى للقوات الأمريكية من العراق، جاء إعلان وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس، أن مهام القوات الأمريكية فى العراق بعد سحب القوات الأساسية من العراق بنهاية شهر أغسطس 2010 ستكون مختلفة تماماً، حيث ستبقى بعض القوات هناك حتى خروج كل القوات الأمريكية تماماً بنهاية عام 2011. جاء ذلك فى موقع البنتاجون الذى نسب تصريحات جيتس إلى لقاء ببرنامج "قابل الصحافة" على قناة (سى. إن. بى. سى) الأمريكية، أنه بعد سحب القوات الأمريكية المقاتلة من العراق فى العام المقبل كما أعلن الرئيس الأمريكى باراك أوباما، فإنه ستبقى بعض القوات المرجح أن يتراوح عددها من 35,000 إلى 50,000 التى ستكون لها بعض المهام المحددة تجاه مواجهة أى محاولات للتمرد، بينما سيكون تركيز تلك القوات فى الأساس على تدريب القوات العراقية الأمنية. يذكر أن عدد القوات الأمريكية فى العراق حالياً يقدر بحوالى 142,000 جندى. كما أن جيتس أشار إلى أن القوات الأمريكية الراحلة فى العام القادم سيتم استبدالها بلواءات ستعمل كمستشارين ومساعدين للقوات العراقية ليساهموا فى بناء إمكانات عراقية أمنية قادرة على النجاح فى مواجهة التحديات المختلفة. وكشف جيتس أن القوات العراقية تؤدى بالفعل مهامها فى الوقت الحالى بطريقة فعالة، ونجحوا فى إدارة انتخابات المحافظات العراقية التى أجريت الشهر الماضى بشكل جيد جداً. وفى رد على اعتراض بعض قادة الحزب الديمقراطى وأبرزهم نانسى بلوسى رئيسة مجلس النواب الأمريكى على بقاء 50,000 من الجنود الأمريكيين فى العراق بعد الانسحاب المقرر العام القادم، لفت جيتس النظر إلى أن بعض قادة الجيش الأمريكى فى العراق منهم الجنرال إدموند أوديرنو قائد قوات التحالف فى العراق، يفضلون بقاء عدد أكبر من القوات الأمريكية المقاتلة فى العراق ولفترة أطول أيضاً، ولهذا وفقاً لجيتس فإن وجود قوة انتقالية أمريكية كبيرة نسبياً سيؤدى إلى تخفيف الخطر الناتج عن خروج القوات المقاتلة الأساسية بهذه السرعة. وأوضح أن الانتقال من مرحلة وجود قوات مقاتلة إلى قوات انتقالية هو تحرك يتوافق مع تنفيذ استراتيجية الخروج وفقاً للاتفاقية الأمنية المبرمة مع العراقيين، وأنه حتى فى غياب أى اتفاق جديد مع العراقيين حول الخروج، فالولاياتالمتحدة ستصل إلى رقم صفر من القوات فى العراق بنهاية عام 2011، وأضاف أنه يجب اعتبار أن عدد 35,000 إلى 50,000 فى العراق هو محطة ضرورية نحو الانتقال إلى رقم صفر من القوات. وأضاف أن أى امتداد لوجود القوات الأمريكية فى العراق عن ذلك التاريخ هو مجرد "افتراض تماماً"، ولن يحدث هذا إلا عن طريق اتفاقية كاملة متفق عليها من جانب أوباما والعراقيين. وقال إن الولاياتالمتحدة لديها اتفاقية موقعة مع العراقيين تفيد بأن على الأمريكيين الخروج من هناك تماماً بنهاية 2011، ولكن فى الوقت نفسه أكد أن مشكلات مثل الوضع الأمنى فى الموصل، والتوتر بين العرب والأكراد، والحاجة إلى تشريع قانون يشكل أساس صناعة النفط فى العراق لا تزال موجودة وفى حاجة إلى حلول. وأشار إلى أن الولاياتالمتحدة حققت نجاحاً كبيراً على الصعيد العسكرى فى العراق، وأنه حدث تقدم كبير فى الناحية السياسية، وإن كانت لا تزال فى حاجة إلى كثير من الجهد، مضيفاً أن النجاح الذى حدث فى الناحية الأمنية فى 6 إلى 12 شهر الماضيين متوقع أن يستمر، مما يعنى أن الأخطار التى ستواجهها القوات الموجودة فى العراق بعد أغسطس 2010 ستكون أقل كثيراً عما مضى. وختم بقوله إنه من السابق لأوانه القول بأن المهمة فى العراق انتهت بالنجاح، وأن هذا لن يتم تحديده إلا عن طريق المواقف التى سيتخذها العراق بعد جلاء القوات الأمريكية تماماً، وأنه فى حال أن أصبح العراق بلدا مستقرا، وأصبحت معدلات العنف ضعيفة كما هى فى الوقت الحالى، وأجريت لديهم انتخابات محلية نزيهة، وأصبحوا حلفاء للولايات المتحدة، حينها فقط سأعتبر أن الولاياتالمتحدة نجحت بشدة فى العراق.