لم تكن الجوائز السينمائية الكبرى التى منحها مهرجان برلين السينمائى الأخير للأفلام الفائزة مفاجأة قدر ما كانت دليلا جديدا على الاتجاه العام فى الخارطة السينمائية الدولية.. وعلى بدء تفوق سينمات الدول الصغيرة على أفلام الدول الكبرى بكل ما تحمله من أسماء عريضة ونجوم مشاهير ومخرجين لهم ألقهم.. وقد جاءت نتيجة مهرجان برلين لتؤكد هذا التفوق بصورة لا تدع مجالا للشك. إذ إن مهرجان هذا العام شمل على وجه الخصوص أفلاما مميزة لكبار المخرجين المعاصرين فهناك أولا فيلم الإنجليزى ستيفن فريزر الحائز على الأوسكار والذى قدم لنا أفلاما لا تنسى أشهرها «العلامات الخطرة». فريزر قدم فى مهرجان هذا العام فيلمه الأخير «حبيبى» المأخوذ عن قصة الكاتب الفرنسى كوليت والذى يروى علاقة شاب صغير بامرأة تكبره سنا.. وهناك فيلم اليونانى العبقرى «ثيو انجولو بولس» الحاصل على السعفة الذهبية مرتين فى مهرجان كان والذى يقدم الآن الجزء الثالث من رؤيته لعالمنا المعاصر. وهناك فيلم الفرنسى المخضرم لكود شابرول إلى جانب آخر أفلام المخرج الشاب «فرانسوا أرزون» الذى أصبح الآن من كبار المخرجين الذين تعتمد عليهم فرنسا، إلى جانب الأفلام الأمريكية الهامة التى اعتاد مهرجان برلين أن يعرضها.. قبل جوائز الأوسكار كفيلم «القارئ» لستيفن داردلى الذى يروى أيضًا علاقة مراهق صغير بامرأة كانت تعمل سجانة فى المعسكرات النازية.إذن التنافس كان كبيرا جدا، ومع ذلك ذهبت الجوائز الكبرى إلى فيلم صغير من «بيرو» باسم حبيب الأمس ويروى آلام امرأة بيروفية سحقتها الحروب والثورات. «البيرو» التى لم تشتهر يوما بسينماها أو بمخرجيها تفوز على مجموعة المخرجين الأوروبيين الكبار الذين ينتظر العالم السينمائى كل أفلامهم وجاءت الجائزة الثانية لتكمل المفاجأة إذ راحت هذه المرة لفيلم أرجنتينى بعنوان «جيفانتى» ويروى مأساة إنسان بسيط سحقته المدينة. ألا يكفينا هذا الدرس الوجيه الذى يقدمه لنا واحد من أشهر مهرجانات سينمات العالم لنعيد النظر بجدية فيما نقدمه من أفلام.. بعدما ثبت لنا أن قيمة الفيلم لم تعد مقرونة بنجومه الكبار وإنتاجه الضخم.