أصبح مكتوبا علينا كلما خطونا خطوة إلى الأمام فى اتجاه الاستقرار، لا نلبث أن نتراجع مرة أخرى لنعود إلى المربع رقم صفر. حقا أنه غريب وعجيب ذلك القرار الذى أصدره الرئيس محمد مرسى بعودة مجلس الشعب للعمل من جديد، عقب توقفه بعد الحكم الصادر من المحكمة الدستورية فى 14 يونيه الماضى، وإجراء انتخابات جديدة خلال ستين يوما من انتهاء الدستور، فى سابقة هى الأولى فى تاريخ المحكمة الدستورية العليا أن يتم إلغاء حكم صدر من جانبها على يد رئيس الجمهورية، وأتصور أن مثل هذه الخطوة ستحدث ارتباكا فى المشهد السياسى المصرى فى الأيام القادمة وربما صداما بين الرئيس وبين المجلس العسكرى. فهذا القرار يعد بمثابة انقلاب دستورى و ضربة قاصمة للديمقراطية وانتهاك صارخ لسيادة القانون وخروج على الشرعية ولطمة على وجه القضاء المصرى. كان على الرئيس محمد مرسى أن يهتم أولا وقبل كل شىء باختيار معاونيه وعلى رأسهم نوابه الذى وعد أن يكونوا سيدة وقبطى بعد فوزه مباشرة كأول رئيس جمهورية منتخب، وأن يشكل الحكومة الجديدة الائتلافية من شخصيات مشهود لها بالكفاءة والخبرة، وكان عليه أن يسعى سعيا حثيثا فى تنفيذ وعوده الانتخابية، والذى اختاره المواطنون على أساسها، لاسيما تنفيذ برنامج المائة يوم الأولى. لقد عانينا لعقود طويلة من سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، والتدخل فى أحكام القضاء من قبل النظام السابق وحاشيته، وظننا أن فى عهد ما بعد الثورة سوف يتغير كل شىء وسيكون هناك فصل تام وكامل بين السلطات الثلاث، وهاهو الرئيس محمد مرسى يكرر نفس أخطاء الماضى ويتدخل فى أحكام أعلى سلطة قضائية فى مصر ضاربًا بها عرض الحائط ويغيرها بجرة قلم. حتى إذا كان البعض قد ثار وغضب لحكم المحكمة الدستورية ببطلان النظام الفردى لانتخابات مجلس الشعب، وبالتالى حل المجلس بالكامل، باعتبار أن مجلس الشعب جنبًا إلى جنب مجلس الشورى هى جهات منتخبة من الشعب وتمثله، إلا أن أحكام القضاء يجب أن تُحترم حتى ولو لم تكن فى صالحنا لأن العدالة يجب أن تكون عمياء معصوبة العين لا تحكم إلا بالأوراق والمستندات التى أمامها فقط. أعتقد أن رصيد الرئيس محمد مرسى سوف ينتقص كثيرا بهذا القرار عند كثير من الناس الذين أحبوه وتعاطفه معه لبساطته وقربه منهم وخروجه فى موكبه بدون أى ضجيج كأنه مواطن عادى، لذا.. عليه أن يراجع نفسه سريعا فى هذا القرار وأن يسأل أهل الخبرة وأهل الاختصاص قبل الإقدام على مثل تلك القرارات المصيرية.