أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال حول التشدد والغلو في الدين، مؤكدًا أن الغلو ليس ظاهرة جديدة، بل وُجد منذ عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعالج هذا الفكر بين أصحابه، ويعلمهم كيف يعبدون الله دون إفراط أو تشدد، وكيف يعيش الإنسان متوازنًا في عبادته حتى لا ينقطع أو يمل، لأن النفس بطبيعتها تمل إذا حُمّلت ما لا تطيق. قصة الثلاثة الذين تشددوا في العبادة وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حلقة برنامج فتاوى الناس، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثالًا عمليًا لذلك عندما جاء ثلاثة نفر إلى بيته يسألون عن عبادته، فلما أُخبروا بها استقلّوها، وقالوا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فأراد كل واحد منهم أن يشدد على نفسه، فقال أحدهم يقوم الليل ولا ينام، وقال الآخر يصوم الدهر ولا يفطر، وقال الثالث يعتزل النساء ويتفرغ للعبادة.
منهج النبي صلى الله عليه وسلم في التوازن والاعتدال وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه قولهم دعاهم وقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟»، ثم بيّن لهم المنهج الصحيح بقوله: أما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني، مؤكدًا أن هذا هو الميزان الذي وضعه النبي صلى الله عليه وسلم للأمة، عبادة بلا انقطاع، وطاعة بلا ملل، ودين بلا غلو.
الوسطية في الشريعة والتحذير من الغلو وأكد الشيخ عويضة عثمان أن الشريعة الإسلامية شريعة وسط، كما قال الله تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا﴾، والوسطية تعني العدل والخيرية والأفضلية، فلا تشدد ولا تفريط، موضحًا أن الإنسان إذا لم يقبل رخص الشرع واليسر الذي جاءت به الشريعة شدد على نفسه حتى ينقطع، وربما حمل غيره ما لا يطيق، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو بقوله: «إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو».
مراعاة أحوال الناس في العبادة وشدد على أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم الأمة كيف توازن بين العبادة والحياة، مستشهدًا بموقفه مع سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما أطال الصلاة بالناس، فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «أفتان أنت يا معاذ؟ من أمّ الناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والمريض وذا الحاجة»، مشددًا على أن الغلو والتشدد يؤديان إلى عواقب لا تُحمد، بينما اليسر والوسطية هما روح الشريعة وهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم.