لايزال مجتمعنا المصري يعانى من كثرة القول وقلة الفعل، فالتنمية الحقيقية لا تبنى بالوعود أو الشعارات بل بالعمل الجاد والإنجاز الملموس على الأرض، كذلك التقدم يبدأ من الفرد قبل المؤسسة ومن الفعل قبل القول ومستقبل مصر لن يصنعه إلا مجتمع يجعل الإنجاز عنوانه ولن يتحقق ذلك إلا بلغة الأفعال لا الأقوال. وقد أدركت القيادة السياسية هذه الحقيقة إدراكاً عملياً؛ فالرئيس عبدالفتاح السيسي يؤمن دائماً بلغة الأفعال لا لغة الكلام، لغة الإنجاز لا لغة الإخفاق وهو ما ظهر جلياً فى حجم المشروعات التى شهدتها الدولة خلال السنوات الأخيرة فى مجالات البنية التحتية والطاقة والإسكان والصحة والتعليم هذه الإنجازات تحولت إلى واقع ملموس غير شكل الحياة فى كثير من المناطق وأثبت أن الفعل حين يُقدم على القول يصبح قادراً على تحريك المجتمع نحو آفاقٍ أوسع. فى الحقيقة لا تزال مجتمعاتنا بحاجة إلى ترجمة حقيقية لكل الرؤى والإستراتيجيات المطروحة وتحويلها إلى أفعال ملموسة تعظم دور المسئولية المجتمعية، وتسهم فى بناء وعى جماعي قادر على صناعة التغيير وتحقيق التنمية بمفهومها الشامل. إن تعظيم دور المسئولية المجتمعية لم يعد ترفاً، بل ضرورة وطنية فالدولة مهما امتلكت من إرادة وقدرة لا تستطيع وحدها أن تحقق كل أهداف التنمية دون مجتمع يتحمل نصيبه من المسئولية؛ مؤسسات وأفراد وقطاع خاص وإعلام ومنظمات مجتمع مدني فالتنمية مشروع جماعي وكل طرف فيه شريك لا متفرج. وحتى يصبح للمجتمع هذا الدور لابد من نشر ثقافة الفعل لا القول، ثقافة الإنضباط لا العشوائية، ثقافة المشاركة لا الإنتظار فالمجتمع الذي يفهم دوره ويدرك سلوكه يكون أكثر قدرة على بناء مستقبل أفضل وأكثر وعياً بما يحتاجه الوطن من عملٍ جاد وانتماء صادق وتكاتف حقيقي. والحقيقة التى يجب أن تقال بلا تجميل أو غض البصر عنها هو أن جزءاً كبيراً من التعطيل الذى نراه اليوم لا يعود لنقص الإمكانات بل لسلوكيات وظيفية غير منضبطة تأخذ منها المجاملات النصيب الأكبر؛ فعلى الرغم من أن الدولة تضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بالعمل العام أو تعطيل مصالح المواطنين فإن هذه الجهود مهما بلغت قوتها لا يمكن أن تثمر نتائجها الكاملة ما لم يتغير سلوك المجتمع من الداخل. فالدولة تستطيع محاسبة الفاسد لكنها لا تستطيع أن تزرع الضمير فى كل موظف أو مكلف بدور ما فى منظومة العمل العام ما لم يقتنع هو نفسه بأن الانضباط قيمة وأن الكفاءة حق وأن خدمة المواطن ليست منه بل واجب وأن القول لا قيمة له دون فعل يصدقه.. استقيموا يرحمكم الله.