فى خطوة تثير جدلًا علميًا وأخلاقيًا وقانونيًا واسعًا، تجمع عدد من الشركات الناشئة الخاصة ملايين الدولارات لتطوير وتنفيذ تقنيات تهدف إلى عكس أو "حجب" جزء من أشعة الشمس، فى محاولة طموحة - ومثيرة للجدل - لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. حيث تُعرف هذه التقنية باسم "الهندسة الجيولوجية الشمسية"، وتقوم فكرتها الأساسية على نشر جسيمات عاكسة فى طبقة الستراتوسفير (الطبقة العليا من الغلاف الجوي) لمحاكاة تأثير البراكين الكبيرة التى تطلق الرماد وتعكس بدورها بعض أشعة الشمس، مما يؤدى إلى تبريد مؤقت للأرض. فى مشهد يبدو مستوحى من روايات الخيال العلمى، تقدم شركة ناشئة فى كاليفورنيا تُدعى "ميك صن سيتس" (Make Sunsets) لعملائها - الذين يبلغ عددهم ألف شخص - فرصة "شراء" رصيد لتبريد الكوكب مقابل دولار واحد، مقابل هذا المبلغ، تقوم الشركة بإطلاق بالونات تحمل كميات صغيرة من ثانى أكسيد الكبريت فى الغلاف الجوى، يقول مؤسس الشركة، لوك آيزمان، أنه مستوحى من رواية "صدمة الإنهاء" للمؤلف نيل ستيفنسون، ويصرح بأنه سيكون "سعيدًا" بمساعدة ملياردير يرغب فى تنفيذ الخطة على نطاق واسع حتى لو حظرتها الحكومات، قائلًا: "لا أجد طريقة أفضل لقضاء السنوات القليلة القادمة". استثمارات ضخمة ووعود جريئة بينما تبقى تجارب "ميك صن سيتس" محدودة النطاق، تبرز شركة منافسة ذات طموح وتمويل أكبر بكثير، هى "ستاردست ماتيريالز" (Stardust Materials)، جمعت هذه الشركة، التى أسسها فيزيائيون، ما يقرب من 75 مليون دولار من مستثمرين كبار، وتزعم أنها تطور جسيمًا عاكسًا جديدًا أكثر أمانًا من ثانى أكسيد الكبريت، وعدت بعدم نشره إلا بالتعاقد مع حكومات، على أن تكون جاهزة للتطبيق بحلول نهاية العقد. معارضة شديدة ومخاوف من "عواقب كارثية" وقد أثار صعود هذه الشركات الخاصة عاصفة من الانتقادات من علماء المناخ والبيئة والمشرعين، حيث يحذر العلماء من عواقب غير مقصودة قد تشمل اختلال أنماط هطول الأمطار العالمية (مثل إحداث جفاف فى بعض المناطق)، وإلحاق الضرر بطبقة الأوزون، أو زيادة مخاطر تلوث الهواء والأمراض التنفسية. كذلك فلا تمتلك معظم دول العالم إطارًا تنظيميًا واضحًا يحكم هذه الممارسات، وقد حظرتها بالفعل ولايات أمريكية مثل تينيسى ولويزيانا، بينما تدرس دول أخرى فعل المثل، وأعلنت وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) فتح تحقيق فى أنشطة "ميك صن سيتس"، كذلك فيخشى المنتقدون من أن سعى الشركات الخاصة للربح قد يدفعها لتسريع تطبيق التقنية دون دراسة كافية للمخاطر، خاصة إذا أصبح تبريد الكوكب "سلعة" قابلة للتداول، يقول شوتشى تالاتى، من التحالف من أجل نقاش عادل حول الهندسة الجيولوجية الشمسية: "لا أثق فى قدرة القطاع الخاص على اتخاذ قرارات صائبة لصالح الناس". دفاع ودعوة للحوار ويدافع المؤيدون عن دور القطاع الخاص، قائلين أنه قادر على الابتكار وتطوير الحلول التقنية بسرعة أكبر من الأوساط الأكاديمية التى تواجه معارضة وبطء بيروقراطى، ويؤكد مستثمرو "ستاردست" أنهم يدركون أن نجاح الشركة يعتمد entirely على تبنى الحكومات للتقنية، وليس على "النشر العشوائي".