رواية "أن تحبك جيهان" للروائي الراحل مكاوي سعيد، الذي تمر اليوم ذكرى رحيله، هي آخر رواياته، صدرت عن الدار المصرية اللبنانية عام 2015، في ما يزيد على 700 صفحة من القطع المتوسط. يرصد مكاوي سعيد عبر عدسة سردية واسعة أحوال الطبقة الوسطى المصرية، وتآكل يقينها القديم، وصعوبات الحياة اليومية التي تدفع أبطال العمل إلى البحث عن "خلاص فردي" لا عن مشروع جماعي، وهو ما أكدته قراءات نقدية متعددة، رأت في الرواية خلاصة لتجربته في تأمل المدينة والناس وتحولاتهم. يبني الكاتب عالمه عبر ثلاثة أصوات رئيسية: المهندس أحمد الضوي، و"ريم مطر"، و"جيهان العرابي"، إلى جانب شبكة من الشخصيات الثانوية التي تعكس تشتت الطبقة الوسطى بين الطموح، والإحباط، والانسحاب، ريم ممثلة سابقة من خلفية ميسورة، قوية ومزاجية، تحاول إعادة اختراع حياتها وإطلاق مشروعها الخاص، فيما تجسد جيهان نموذجًا لامرأة مثقفة مثقلة بالذكريات والفقد، تحضر وتغيب في حياة البطل باعتبارها "حبا مؤجلا" ومراوغا. إلى جانب البعدين العاطفي والنفسي، تحضر السياسة في خلفية المشهد لتتكشف تدريجيًا علاقات معقدة بين السلطة والمثقفين، وبين الحلم بالتغيير والخوف من كلفته، في نص يزاوج بين الحس الواقعي والسخرية السوداء، ويعتمد تقنية الأصوات المتعددة وتوالد الحكايات من بعضها في بناء سردي متوتر وممتد. الرواية، التي تعد الثالثة والأخيرة في رصيد مكاوي سعيد الروائي الطويل بعد "فئران السفينة" و"تغريدة البجعة"، حظيت باهتمام نقدي واسع، ووصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الآداب في دورتها الحادية عشرة، لترسخ حضور صاحبها كأحد أهم من كتبوا عن القاهرة وطبقتها الوسطى في لحظة مفصلية من تاريخها.